بينما يهم ديفيد كاميرون بترك داونينغ ستريت، كتب جاستن باركنسون في بي بي سي نيوز مقالاً عن الأسباب المتنوعة وراء مغادرة أسلافه الـ13 لمناصبهم.

إبتسام الحلبي من بيروت: جمع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون زاده وزواده وترك داونينغ ستريت لخلفه تيريزا ماي بعد تنحيه عن منصبه اثر خسارته الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والذي أجري في يونيو المنصرم، ويحتل كاميرون الرقم الرابع عشر ضمن المستقيلين من منصب رئاسة الوزراء في تاريخ بريطانيا، ما طرح استفسارات حول الاسباب الكامنة وراء مغادرة اسلافه الـ ١٣ لمناصبهم، الأمر الذي دفع الكاتب في بي بي سي نيوز جاستن باركنسون الى سرد الأسباب المتنوعة وراء ترك اسلاف كاميرون مناصبهم الرئاسية.

1- سير روبرت والبول (1742)
اعتُرف به على نطاق واسع كأول رئيس للوزراء، وعلى الرغم من أنّه لم يتولّ المنصب رسمياً، الا انه كان صاحب أطول فترة حكم مدَتها 21 عاماً. لكنّ النتائج الضعيفة للانتخابات العامة في العام 1741 جعلته يخسر الأغلبية بشكل ملحوظ في المجلس النيابي، وفي العام 1742، عندما طُلب من مجلس العموم التصويت على شرعية الانتخابات المزعوم تزويرها في تشبنهام هُزم والبول ووافق على الاستقالة.

2- لورد نورث(1782)

اعتُبر مثالاً سيئاً لخلفائه كونه أول رئيس وزراء يخسر في تصويت لحجب الثقة بعد فشله المتكرّر ومواقفه المحرجة في حرب الاستقلال الأميركية. وكان قد قدّم اقتراحاً للمستعمرات بالتغاضي عن كل أفعالها الشنيعة في حال وضعت حدّاً للحرب. لكنّ المستعمرات رفضت هذه الخطة لأنّ دافعها كان الاستقلال. كما أنّه توسّل إلى الملك جورج الثالث ليسمح له بالاستقالة لكنّ هذا الأخير رفض إعتاقه من مهامه قبل انتهاء الاعتداءات. وبعد خسارة معركة يوركتاون، أجري تصويت حجب الثقة فاستقال اللورد نورث وأصبح بالنسبة إلى البعض رمزاً للفشل في الحكم.

3- ويليام بيت الأصغر(1801)

وهو أصغر من تولى رئاسة الوزارة في بريطانيا، ولقد شغل هذا المنصب في سن الـ 24 وحكم طوال 17 عاماً. وبعد أن فاقمت الحرب المستمرة ضد فرنسا التشنّجات السياسية والدينية في إيرلندا، عملت حكومته على مصادقة قانون الاتحاد بين بريطانيا وأيرلندا الذي دخل حيّز التنفيذ في الأول من يناير 1801. فضلاً عن ذلك، أراد رئيس الوزراء منح أتباع المذهب الكاثوليكي الذين شكّلوا الأغلبية في أيرلندا مزيداً من الحريات وذلك من خلال مشروع قانون تحرير الكاثوليك. غير أنّ الملك جورج الثالث اعتبر ذلك منافياً لواجبه الذي يقتضي حماية كنيسة إنكلترا، وحين عجز بيت عن إقناعه قدّم استقالته.

ويليام بيت الأصغر

4- سبنسر برسيفال(1812)

في وقت تم فيه اغتيال 4 رؤساء جمهورية في الولايات المتحدة، واجه برسيفال المصير المؤسف نفسه، ففي 11 مايو 1812، كان في طريقه لحضور تحقيق برلماني حول أعمال الشغب المنتشرة في المدن الصناعية في شمالي إنكلترا، وعند دخوله إلى ردهة مجلس العموم، أطلق عليه النار جون بلنغهام وهو تاجر جنّ جنونه لأنّ الحكومة لم تعوّض عن ديونه في روسيا. سلّم القاتل نفسه ثم شُنق لاحقاً. كانت آخر كلمات نطق بها برسيفال: "آه، لقد تم اغتيالي!" 

5- روبرت بيل( 1846)

استقال بيل بعد أن ربح إحدى أكبر المعارك البرلمانية في التاريخ حول إلغاء قوانين الذرة. ولقد كانت الضرائب والرسوم الجمركية على الحبوب المستوردة مرتفعة، وذلك من أجل حماية المزارعين البريطانيين. ولطالما سعى بيل لاعتماد مقاربة تجارية أكثر حرية. وساهمت مجاعة البطاطس في أيرلندا التي تسببت بموت مليون شخص تقريباً، في ازدياد المطالبة الصاخبة بإلغاء قوانين الذرة وزيادة الإمدادات الغذائية. وبعد ستّة أشهر من النقاش تم إلغاء هذه القوانين لكنّ ذلك أدى إلى انقسامات مريرة في صفوف حزبه. إذاً ففي اليوم نفسه الذي ربح فيه المعركة الأساسية، خسر معركة أخرى واستقال. وعلى غير عادة هلّلت الحشود لرئيس الوزراء المستقيل وهو يغادر مجلس العموم.

6- ويليام غلادستون( 1894)

خيّم على الولاية الرابعة لحكم رئيس الوزراء غلادستون إصراره على وضع مشروع قانون ثالث يعطي وعداً لأيرلندا بالحكم الذاتي. وفي العام 1865 قال: "مهمتي هي تهدئة أيرلندا". لكنّ مجلس اللوردات الذي كان يهيمن عليه المحافظون رفض المشروع ووقف بشكل عام في طريق محاولات غلادستون الليبرالية للموافقة على هذا القانون. ومع انقسام المجلس وتدهور صحّته، قرّر غلادستون الاستقالة للمرة الأخيرة.

7- نيفيل تشامبرلين (1940)

إذا كانت الحرب العالمية الثانية قد جعلت من ونستون تشرشل وجهاً تاريخياً مهماً، فهي التي دمّرت سمعة تشامبرلين. فقد دعم هذا الأخير فكرة استرضاء ألمانيا من أجل تجنّب وقوع حرب عظمى، ما عرّضه للتشهير والمعاقبة من قبل الحملة النرويجية الكارثية في العام 1940 التي فشلت في منع اجتياح هتلر البلد. وفي تصويت حول الأزمة فاز فيه تشامبرلين بفارق ضئيل، تمرّد 40 نائباً من حزب التوري. وعندما قامت ألمانيا بغزو هولندا وبلجيكا وفرنسا ازدادت المعارضة ضده ورفض حزب العمال المشاركة معه في حكومة تجمع كافة الأطراف فقدّم استقالته ثم توفي بعد أقلّ من 6 أشهر.

8- ونستون تشرشل(1945)

على الرغم من شعبية تشرشل الهائلة كونه رئيس الوزراء الذي ربح الحرب العالمية الثانية، فقد تغير مزاج الناخبين في الانتخابات العامة في العام 1945 بعد شهرين تقريباً على انتهاء القتال في أوروبا. ومع وعد كليمنت أتلي بتأمين دولة رفاهة تشتمل على هيئة الخدمات الصحية الوطنية، خسر تشرشل وحزب التوري السلطة وفاز حزب العمال بغالبية 146 مقعداُ في مجلس العموم. 

ونستون تشرشل

9- أنطوني إيدن(1957)

بعد قرار مصر بتأميم قناة السويس، حاولت بريطانيا غزوها في أكتوبر 1956 بالتعاون مع فرنسا وإسرائيل فتعرّضت دول العدوان الثلاثي للإدانة الدولية كما لتهديد من الاتحاد السوفياتي بضربها بالنووي. وفي غضون أسبوع، شهدت بريطانيا تدهوراً محرجاً. ترك إيدن الذي عمل في ظل تشرشل لسنوات متعددة البلد ذليلاً ومتوعكا صحياً لإمضاء عطلة في جامايكا. ثم عاد في منتصف ديسمبر، لكنّه لم يتعاف من مرض المرارة المزمن لديه، فاستقال في 9 يناير 1957.

10- هارولد ماكميلان(1963)

لاحقت ماكميلان لمدة أشهر فضيحة جون بروفيمو وزير الحرب في حكومته الذي كان على علاقة مع فتاة استعراض كانت تواعد في الوقت نفسه عنصراً من الملحقية البحرية السوفيتية في لندن. وفي محاولة لتعزيز الشعبية المتراجعة لحكومته، قام بصرف 6 وزراء من الحكومة في العام 1962 (ما عّرف بليلة السكاكين الطويلة). ولكن ما ضيّق الحصار على ماكميلان كان تشخيص إصابته بسرطان البروستات غير القابل للاستئصال. استقال في أكتوبر 18 واتّضح في ما بعد أنّ الأطباء مخطئون. نال ماكميلان لقب النبالة في العام 1984 لكنّه لم يدخل التيار السياسي مجدداً وتوفي في العام 1986.

11- هارولد ويلسون(1976)

تفاجأ الجميع باستقالة ويلسون في مارس 1976 الذي صرّح أنّه فقد الاهتمام بالحياة السياسية اليومية. منذ توليه السلطة للمرة الثانية في العام 1974، أقام استفتاء حول عضوية بريطانيا في المؤسسة الاقتصادية الأوروبية، محاولاً تجنّب انقسام في صفوف حزبه (حزب العمال)، كما أنّه شهد انهياراً في قيمة الجنيه الاسترليني. وصرّح ويلسون في ما بعد لصحيفة بي بي سي إنّ الاستخبارات الوطنية (خدمة الأمن) كانت تحاول إضعاف مكانته.

12- مارغريت تاتشر(1990)

من أكثر المغادرات السياسية دراماتيكية في العصر الحديث، تنحية السيدة تاتشر فعلياً عن الحكم من قبل حزبها. انسحبت بعد 11 عاماً في السلطة عقب التشاور مع أعضاء حكومتها قبل الجولة الثانية من الانتخابات القيادية. وحدثت انقسامات في صفوف حزب المحافظين بسبب السياسات المثيرة للجدل التي اعتمدتها، بما في ذلك ضريبة الرأس، ومعارضتها أي اندماج أوثق مع أوروبا، ما أدّى إلى منافسة معها على الزعامة من قبل الوزير السابق مايكل هيزلتاين. وعلى الرغم من أنّ تاتشر ربحت في التصويت الذي أجراه نوّاب حزب التوري، لكنّها لم تحظ بدعم كاف لتتجنّب خوض الاقتراع الثاني وقرّرت الاستقالة بعد عدد من الاجتماعات مع وزراء رفيعي الشأن.

مارغريت تاتشر

13- توني بلير(2007)

ربما كان هذا الرحيل الأكثر ابتهاجاً لأي رئيس وزراء. بعد آخر جلسة أسئلة له في مجلس العموم في 27 يونيو، أوعز زعيم المعارضة ديفيد كاميرون إلى نواب كتلته بالوقوف والتصفيق. ولكن كانت فترة حكمه معروفة بما أسماه المطلّعون "ت ب –غ ب" في حزب العمال، وهي تسمية ترمز إلى التنافس على السلطة بين رئيس الوزراء توني بلير، والمستشار غوردن براون. كانا قد وصلا إلى اتفاق في العام 1994. وقبل دخوله المعركة الانتخابية الثالثة (والفوز) في العام 2005، كان بلير قد صرّح أنّه سيتولّى رئاسة الحكومة مرّة أخيرة. لكنّ أنصار براون ضغطوا عليه للمغادرة بوقت أبكر مطلقين ما عُرف بانقلاب الـ 2006. أخيراً خضع بلير لمطالبهم واستقال من داونينغ ستريت بعد عقد من الحكم. وعندما كانت تغادر العائلة، وجّهت شيري زوجة توني بلير حديثها للصحافة قائلة: لا أعتقد أننا سنشتاق إليكم".

اعدت إيلاف المادة عن صحيفة بي بي سي نيوز

المادة الاصل هنا