رأى البروفيسور أستاذ العلوم السياسية في جامعة ميريلند الأميركية شبلي تلحمي في مقابلة خاصة لـ"إيلاف" أنه رغم أن كلينتون تمتلك فرصًا أعلى للوصول إلى البيت الأبيض، غير أن ترامب لديه حظوظ هو الآخر للفوز".

إيلاف من نيويورك: قال البروفيسور شبلي تلحمي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ميريلند الأميركية، والزميل الأعلى في معهد بروكينغز&إن "الانتخابات الأميركية الحالية خرجت عن مفهومها التقليدي، والعامل الرئيس في ذلك يعود إلى دونالد ترامب".

أضاف في مقابلة خاصة مع "إيلاف": "لم نر لترامب أي مثيل، حتى باري غولدووتر الذي خاض الانتخابات في الستينات، وكان غريبًا في مواقفه، لا يشبهه".&

وتابع: "الغريب أنه لا يأخذ مواقف تقليدية، ليس فقط في السياسة، ولكن أيضًا في الاسلوب، وهناك مثلًا العديد من المرشحين الجمهوريين اتخذوا مواقف خطرة وأكثر تشددًا من ترامب في قضايا الشرق الأوسط وتلك المتعلقة بالمسلمين كتيد كروز وماركو روبيو، ولكن أسلوبهم كان تقليديًا".

خرج عن النص
وأشار إلى أن "ترامب خرج عن الأسلوب المتبع عندما هاجم فئات معينة من الشعب، كما إنه يدافع عن أوضاعه الشخصية بشكل غير تقليدي، وأيضًا خرج عن وفاق الحزبين الديمقراطي والجمهوري في أمور عدة، كالموقف حيال الإسلام والمسلمين في الولايات المتحدة. هناك خلاف في الرأي بين الجمهوريين والديمقراطيين بهذه القضية عادة تخص السياسة الخارجية، ولكن عادة لا ينزلق هذا الخلاف إلى مسألة حقوق الأميركيين وموضع المساواة بينهم".&

وأضاف "فإبان أحداث 11 سبتمبر كان هناك خلاف في السياسة الخارجية حول ما يسمى صراع الحضارات عندما بلغ الغضب ذروته تجاه المسلمين، ولكن، حتى الرئيس بوش ومساعديه خرجوا إلى الجوامع، وقالوا إن هذه الأعمال لا تعبّر عن الإسلام، ودافعوا عن حقوق المواطنن المسلمين، وأيّدهم في ذلك الجمهوريون والديمقراطيون".

تلحمي رأى أن "الأميركيين لم ينسوا أحداث 11 سبتمبر، وظهور داعش ذكرهم أكثر فأكثر بها، والاستطلاعات تظهر أن الأميركيين لا يعتبرون أن هناك فرقًا كبيرًا بين القاعدة وداعش، علمًا أن أكثرية الشعب الأميركي تنظر نظرة سلبية إلى الدين الإسلامي منذ 11 سبتمبر 2001، لكن المفاجئ، وفق استطلاعات الرأي التي أجريتها في الأشهر الأخيرة، فإن أثر ترامب على الرأي العام الأميركي كان عكس المتوقع: على الرغم من أن أقلية ازدادت كرهًا تجاه الإسلام، فإن نظرة غالبية الشعب الأميركي تجاه الإسلام والمسلمين تحسنت، لأن هذه الأكثرية ترفض ترامب وآراءه".

ثورة طبقية
تابع تلحمي، الذي شغل منصب مستشار بعثة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة، في وقت سابق، قائلًا، "ما يجري اليوم في الإنتخابات الاميركية هو بمثابة ثورة على النظام القائم".&

وأضاف، "رأينا ما حصل في بريطانيا ومناطق أخرى في العالم بسبب العولمة. التداعيات الاقتصادية للعولمة أثرت في الأوساط الفقيرة، واتسعت الهوة بين الأغنياء والفقراء في الولايات المتحدة، وأهم من ذلك هناك فئة كبيرة من الشعب تشعر بأن فرص التقدم تقلصت".

ولفت إلى أن "هذه الثورة ثورة طبقية، وتأخذ شكلًا عرقيًا في بعض الأحيان، ودينيًا في أحيان أخرى، والثورة لا تقتصر فقط على نجاح ترامب في انتخابات الجمهوريين، بل أيضًا في النتائج التي حققها ساندرز في الحزب الديمقراطي، وعلى الرغم من أن كثيرًا من الناس لا يحبون ترامب، ولا يوافقونه طروحاته، ولكن ربما يؤيدونه، لأنهم يريدون قيام ثورة، ويعتقدون أن بإمكانه إحداثها".

وأكد تلحمي أن "الشعب الأميركي الذي لا يركز كثيرًا على القضايا الخارجية قد لا يؤمن بقدرة ترامب على التغيير، ولكنه يرى فيه عاملًا جديدًا، فالمرشح الجمهوري (ترامب) ليس من المؤسسة الحاكمة، والبعض يقول إن الوضع سيئ إلى حد كبير، فلماذا لا نجرّب خيار ترامب".&

أضاف: "مخطئ من يعتقد أن الناس تؤيد ترامب فقط بناء على مواقفه، فكما قلت إن هناك غضبًا على المؤسسة الأميركية، وهيلاري كلينتون من المغضوب عليهم، لأنها جزء لا يتجزأ من هذه المؤسسة، ومخاوف الكثير من الديمقراطيين لا تكمن في إمكانية تقبل الأميركيين ترامب، ولكنهم يتخوفون من استمرار سيطرة المؤسسة الحالية، ولذلك قد يقولون نحن لا نحب ترامب، ولكنه قد يحدث تغييرًا سلبيًا أو إيجابيًا، فلنذهب بهذه المغامرة".

حظوظ المرشح الجمهوري
هل يمتلك ترامب حظوظًا للفوز، سؤال يجيب عنه تلحمي بالقول: "بلا شك لديه حظوظ للفوز، وإذا ما نظرنا إلى الاستطلاعات فإمكانية نجاحه تتراوح بين 10 و30 بالمئة. ولكن نسبة الثلاثين بالمئة نسبة عالية، ووصوله إلى البيت الأبيض أمر وارد، وعلى الرغم من العوامل السلبية التي تواجهه كنسب التأييد في أوساط الناخبين الأفارقة الأميركيين واللاتينيين والشباب والنساء".

تابع: "هناك ترددات سلبية بالنسبة إلى كلينتون، وربما جزء كبير من الديمقراطيين لن يصوّت، وقد تحدث مفاجأة بين اليوم وموعد الانتخابات. كما إن القضايا المتعلقة بكلينتون، كبريدها الالكتروني، والمؤسسات الخيرية، قد لا تؤثر فيها قانونيًا، ولكن ستكون لها انعكاسات سلبية على الرأي العام. مع ذلك، احتمالات كلينتون بالفوز لا تزال أعلى بكثير".

قضية الهجرة
وأعرب تلحمي عن اعتقاده أن "الكلام المثار حول قضية الهجرة لا يتعلق بالهجرة وبالعمال المكسيكيين وباللاجئين، وإنما هناك طبقات معينة تشعر بأن فرصها الاقتصادية والسياسية تقلصت، ومنهم الكثير من العرق الأبيض، لا تعمل المعادلة الاقتصادية والسياسية لمصلحتها، وهناك اتهامات للمهاجرين بالاستيلاء على فرص العمل. ولكن هذه الاتهامات حجة، وليست سببًا".

زيارة ترامب المكسيكية
ماذا عن زيارة ترامب إلى المكسيك، وهل ستكون لها تداعيات إيجابية عليه، يقول تلحمي في هذا الصدد: "هو يطمح إلى الحصول على أصوات الكثير من اللاتينيين، ولكنه لن يربح أصوات الأميركيين من أصول مكسيكية بشكل كبير، ولكن بزيارته هذه ربما يقنع مؤيديه بقدرته على التفاوض والتعامل مع السياسة الخارجية". وعن الأهداف التي قد يكون رسمها لنفسه من وراء الزيارة، أشار إلى أنه "من الصعب معرفة تصرفات ترامب، لأنه يأخذ قرارات شخصية، وليس بناء على نصائح خبراء، وأحيانًا يأخذ الموقف في اللحظة الأخيرة".

تعامل الإعلام معه
وعن تعامل وسائل الإعلام مع ترامب وحملته، رأى أن معظم وسائل الإعلام الأميركية تعمل ضد ترامب، وحتى هناك شخصيات جمهورية تعمل ضده، وترامب لا يحظى بدعم المؤسسة الأميركية بكل قطاعاتها الإعلامية والاقتصادية والسياسية.&

ولكن برأي تلحمي، فـ"ترامب يربح من التغطية الإعلامية التي تركز عليه، حتى لو كانت سلبية، فهو أصبح أشهر شخص في العالم حاليًا، ومعروفًا في جميع مناطق الولايات المتحدة، والجميع ينتظر ما سيقوله. كلينتون تمتلك خبرة مهمة في الكثير من القضايا &وبإمكانها الفوز عليه من هذا المنطلق، ولكن الصحف لا تركز على هذه القضايا، وإنما تركز على ترامب بشكل شخصي، والتغطية السلبية لترامب لم تترجم إلى تغطية إيجابية لكلينتون، والأخيرة قد تدفع الثمن".

أميركا بظل ترامب رئيسًا
إذا أصبح ترامب رئيسًا، فكيف ستكون حال الولايات المتحدة؟، يعرب تلحمي عن اعتقاده أن "لا أحد بمقدوره الإجابة عن هذا السؤال، فترامب لا تاريخ سياسيًا لديه، وليس معه خبراء مواقفهم معروفة يعاونونه، وهذا الأمر مخيف بالنسبة إليّ، ولكن هناك من يعتقد أن هذه الأمور أحد أسباب نجاح ترامب، وتؤكد نواياه في إحداث تغيير جذري".

أضاف: "المؤسسة الأميركية قوية، ولكن للرئيس أيضًا أهمية، وبإمكانه اتخاذ قرارات حاسمة، ولو نظرنا إلى حرب العراق 2003 كانت هناك خلافات كبيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي، ولكن بوش حسم الموضوع في النهاية، واتخذ الخيار، ودفعت الولايات المتحدة والعالم أجمع ثمنًا باهظًا".


&