معرض صور في جنيف يسرد قصص الشعوب الأصلية ومعارفها وتقاليدها، ويؤكد أهمية حفظ حق هذه الشعوب في الحياة بكرامة، لأن ذلك شرط من شروط تحقق السلام العالمي.

خاص إيلاف: في الذكرى الثلاثين لتأسيسها، افتتحت منظمة "تقاليد من أجل المستقبل" في الأول من سبتمبر الجاري معرضًا للصور الفوتوغرافية بعنوان "الهنود الحمر: تقاليد ومعرفة"، وذلك في كاي ويلسون بجنيف. ويستمر &المعرض إلى 30 سبتمبر.

إبداع إنساني

في هذا المعرض، يوجه المصوران الفوتوغرافيان سلاو بلاتا وأوليفييه فولمي الجمهور في رحلة مرئية عبر عالم سكان أميركا الأصليين الغني والمتنوع، وذلك في ثلاث دول لاتينية: البيرو وبوليفيا والإكوادور.

وتظهر الصور عالية الجودة أهمية الإبداع الإنساني من خلال موضوعات معاصرة مثل الزراعة وتربية الماشية والبيئة والصحة والاتصالات والمواد الغذائية والمهارات التقليدية والمهرجانات والحكم. تدفع هذه الصور إلى الإعجاب، بمعرفة وتقاليد الشعوب الأصلية في منطقة الأنديز وتقديرها حق قدرها.

في هذه المناسبة الخاصة، ألقت شخصيات رفيعة المستوى تمثل الحكومة المحلية والمجتمع المدني واليونسكو بيانًا شفويًا في حفل افتتاح هذا المعرض، فأثنوا على جهود "تقاليد من أجل الغد" في السنوات الماضية. وكان بينهم ساندرين ساليرنو، المستشارة الإدارية لمدينة جنيف، وجان برنار مونش، رئيس اللجنة الوطنية السويسرية لليونسكو، ورينيه لونجيه، رئيس اتحاد المنظمات غير الحكومية للتعاون في جنيف، شددوا على الدور الذي أدته جنيف في النهوض بحقوق الإنسان والمساهمة الإيجابية في تحقيق السلام.

&

لقراءة النص باللغة الانكليزية
Strengthening peace in the world through the promotion and protection of the rights of indigenous people

&

حماة الثقافة

كان عبد العزيز المزيني، مدير مكتب اتصال اليونسكو في جنيف، أحد أبرز المتحدثين في حفل الافتتاح، &فقال إن الشعوب الأصلية في خط المواجهة الأول مع التغيّر المناخي، في صحراء كالاهاري بجبال الهيمالايا، ومن الأمازون إلى القطب الشمالي. وتجابه شعوب جبال الأنديز خصوصًا التحديات المعاصرة التي تؤثر في سبل عيشهم بسبب الصلات الوثيقة بين بيئة الجبال العالية والثقافة والروحانية والنظام الاجتماعي والاقتصادي.

أضاف المزيني أن السكان الأصليين يستخدمون معارفهم التقليدية للتكيّف مع التغيير في البيئة ولبناء العلاقة التي كانت تربط أجدادهم ببيئة الجبل. بالنسبة إليه، يمثل هذا المعرض تعبيرًا عن نضالهم وقدرتهم على التحمل من خلال التعليم والثقافة.

وأشار أيضًا إلى أن من الواضح أنه لا الاستدامة ولا الإدماج الاجتماعي ممكن عمليًا من دون التزام دعم حقوق الشعوب الأصلية التزامًا راسخًا، ومن دون توفير وسائل ملائمة للتعبير عن أنفسهم بحرية، ومن دون تطوير ثقافتهم والمساهمة في اتخاذ القرارات الجماعية.

وذكّر المزيني الجمهور بأن التزام اليونسكو تجاه الشعوب الأصلية، ينعكس في الإعلان العالمي في شأن التنوع الثقافي لعام 2001، وفي اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي لعام 2003، واتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي لعام 2005. وفي كل هذه الاتفاقيات، السكان الأصليون هم حماة الإرث الثقافي.

وأخيرًا، أشاد المزيني بالهدف من هذه المبادرة، وهو الحفاظ على التراث والهوية الثقافية للشعوب الأصلية في أميركا اللاتينية من أجل الأجيال القادمة.

أهمية التعليم

وفق أحدث التقديرات العالمية، تجاوز عدد مجموعات السكان الأصليين في العالم 5000 مجموعة، تضم ما لا يقل عن 370 مليون نسمة في أكثر من 70 بلدًا. وكما أكد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2000، "نحتاج إلى الشعوب الأصلية بيننا كجزء من جهودنا الشاملة لإحلال السلام وتعزيز التنمية المستدامة والقضاء على الفقر وتعزيز الديمقراطية، وكذلك الحفاظ على التنوع الثقافي".&

على الرغم من قمع روحانية الشعوب الأصلية أو تدينها على مر القرون، فقد عاش المفهوم التقليدي للحياة على أساس السلام والاحترام المتبادل حتى السنوات الأخيرة. واعترف إعلان الأمم المتحدة لحقوق الشعوب الأصلية بأن لهذه الشعوب الحق في العيش في حرية وسلام وأمن. ومع ذلك، تستمر محنة هذه الشعوب في عدد من أنحاء العالم، صارت إهانة للإنسانية.&

والتعليم أداة أساس تساعد الشعوب الأصلية في التطور نحو المثل العليا للسلام والحرية والعدالة الاجتماعية والتنوع الثقافي إن أوليت أهمية قصوى في أي نظام تعليم رسمي أو غير رسمي. مع ذلك، ما زالت الثقافة واللغات والتقاليد ومعارف الشعوب الأصلية مجال تميز في البرامج والمناهج وطرائق التدريس في عدد من البلدان. إضافة إلى ذلك، تضطر المجتمعات الأصلية في بعض الأحيان إلى التضحية بجوانب مهمة من هويتهم من أجل استيعاب المجموعة المهيمنة على السكان الأصليين. وكما جاء في إعلان اليونسكو العالمي في شأن التنوع الثقافي، "يدخل احترام تنوع الثقافات والتسامح والحوار والتعاون في جو من الثقة والتفاهم المتبادلين بين أفضل الضمانات للسلام والأمن الدوليين".&

الحفاظ على التنوع

بحسب ما تنص عليه المادة 8 (ج) من اتفاقية اليونسكو بشأن التنوع البيولوجي، إن حفظ التنوع البيولوجي واستعماله استعمالًا مستدامًا يعتمد على المعارف والابتكارات والممارسات عند المجتمعات الأصلية والمحلية. لذا، على الدول أن تعترف بالدور الحيوي للشعوب الأصلية في إدارة البيئة والحفاظ على التنوع البيولوجي، وتعزيز معارفهم وأساليب عملهم التقليدية في مجال الاستخدام المستدام للموارد البيولوجية. وبحسب البند 25 من إعلان ريو في شأن البيئة والتنمية، وجدول الأجندة 21 التي أقرتها قمة الأرض في ريو في عام 1992، "السلام والتنمية وحماية البيئة مترابطة وغير قابلة للتجزئة".

غالبًا ما يسيء السكان غير الأصليين فهم الارتباط الروحي والثقافي بين الهوية الثقافية للمجتمعات الأصلية وأراضي أجدادهم، وكثيرًا ما يتم تجاهل الحكومات هذا الارتباط في عملية صنع القرار في عملية التنمية. وذكرت لجنة حقوق الإنسان أن الثقافة تتجلى في أشكال عديدة، وبينها طريقة مميزة لاستخدام الموارد الأرضية، خصوصًا في حالة الشعوب الأصلية".

حقوق النساء

تعامل معظم مفاوضي السلام مع السكان الأصليين معاملة سطحية لا أكثر. تتم معالجة أسباب النزاعات، وتبقى مخفية لتعود إلى الظهور في وقت لاحق. ليس الموقف التاريخي من سلب الأراضي والإقصاء الاجتماعي إلا نتيجة لمشكلات اجتماعية أكبر، متصلة بتاريخ طويل من التمييز والتهميش والفقر والبطالة. وللتغلب على هذه المشكلات، لا بديل لنظام قضائي عادل وفاعل من أجل تعزيز المصالحة والسلام والاستقرار والتنمية بين الشعوب الأصلية.

في الوقت الراهن، يتعرض عدد من نساء الشعوب الأصلية لممارسات تمييزية في مجتمعاتهن، مثل الزواج القسري، والعنف المنزلي المتكرر، ونزع ملكية العقارات &وغير ذلك من أشكال الهيمنة الأبوية الذكورية. علاوة على ذلك، تستبعد المرأة من المشاركة في كثير من مشروعات التنمية وبرامجها في المجتمعات الأصلية، وفي عملية صنع القرار. إن المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة على جميع المستويات وفي جميع مجالات الحياة تساهم في تحقيق سلام عادل ودائم، من دون تهميش ولا تمييز يعوق التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للشعوب الأصلية.

لهذا السبب تحث الدول على الاعتراف بالحاجة إلى ضمان الاحترام الكامل لحقوق نساء الشعوب الأصلية على النحو المنصوص عليه في إعلان المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في عام 1995، وتعزيز مشاركتهم في جميع مستويات صنع قضايا السلام والأمن على النحو المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1325.