لندن: زار الاميركي سدني رتنبرغ الصين لأول مرة حين كان جندياً خلال الحرب العالمية الثانية، وبعد الحرب اقام رتنبرغ الذي يتكلم الصينية بطلاقة بعد ان تعلمها مستلهما أفكار الثورة الشيوعية في الصين وانضم الى الحزب الشيوعي الصيني ليكون أول اميركي يقدم على هذه الخطوة.&

وفي النهاية تقدم رتنبرغ الى ان اصبح من أقرب المقربين الى الزعيم ماو تسي تونغ وعمل مترجمه الشخصي ولكنه فقد حظوته بعد ان اشتبهت السلطات الصينية بأنه جاسوس اميركي. واعتُقل أكثر من مرة ليمضي ما مجموعه 15 سنة في الحبس الانفرادي. وعاد الى الولايات المتحدة عام 1980.& &

وعاش رتنبرغ خلال السنوات الخمس والثلاثين التي قضاها قرب القادة الصينيين مثل ما وشو ان لاي، حياة تليق بفيلم من افلام هوليوود.&

انضم رتنبرغ المولود عام 1921 في ولاية ساوث كارولاينا الى الحزب الشيوعي الصيني شاباً تأثر بأحوال الصين البائسة حين زارها في الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، وقال في مقابلة مع بي بي سي خلال زيارة للبيت الذي احتفظ به في بكين بعد رحيله عن الصين "ان الوجود الطبيعي لنحو نصف السكان كان الجوع، والشيوعيون كانوا الوحيدين الذين حاولوا انتشال الصين من الفقر". &

فجوة

في منطقة يونان مهد الثورة الصينية عمل رتنبرغ لوكالة شنخوا التي ما زالت& وكالة الانباء الصينية الرسمية حتى اليوم، وأصبح عضوا في الحزب الشيوعي الصيني وكان يختلط بانتظام مع قادة الحزب.& &

ولكن فجوة نشأت في النهاية بينه وهو الأجنبي والثوريين الصينيين الذين ساندهم، وكان الصينيون يتهمون قوى خارجية مثل بريطانيا وفرنسا بالمسؤولية عن الكثير من مشاكلهم، وكانت احتمالات الشبهة بأجنبي مثل رتنبرغ قائمة على الدوام، وهذا ما حدث، فبعد فترة وجيزة على انتصار الشيوعيين في عام 1949 اتُهم رتنبرغ بالتجسس وسُجن، ولم يُفرج عنه إلا في عام 1955.&

وقال رتنبرغ انه شعر بمرارة شديدة "كمن ارتبط بحبيبة في علاقة رائعة على امتداد سنوات وفجأة تظهر الحبيبة في محكمة وتتهمه باغتصابها"،&ولكن رتنبرغ لم يفقد ثقته بالشيوعيين الصينيين وعندما اطلق الرئيس ماو ثورته الثقافية عام 1966 وجد الاميركي نفسه في غمرة الهستيريا التي اجتاحت الصين وقتذاك، وقال رتنبرغ انه كان متحمساً "لأفق بناء عالم بلا طبقات، بلا حروب، وبلا فقر، وبدا لي ان هذا ما كان ماو يحاول تحقيقه".

وبعد سنوات على عودة رتنبرغ الى بلده الولايات المتحدة قال رفيق ماو السابق "انه كان قائداً تاريخياً عظيماً ومجرماً تاريخياً عظيماً ـ وقلة بلغوا هذه المكانة في الناحيتين على السواء".

العودة الى أميركا

حين عاد رتنبرغ الى الولايات المتحدة عام 1980 بدأ حياة جديدة بفتح مكتب استشارات لشركات كبيرة تريد التعامل مع الصين مستثمرا اجادته اللغة الصينية ومعرفته الواسعة بالبلد.& وفي ذلك الوقت تقريباً دشن الحزب الشيوعي الصيني ايضا فصلا جديدا في تاريخه بالابتعاد تدريجياً عن افكار الرئيس ماو ومبادئه نحو اقتصاد السوق في توجه كان مهندسه دنغ شياوبنغ& وريث ماو على دفة القيادة.&

ويعتقد رتنبرغ ان بنغ انقذ الحزب لكنه غيَّره بحيث لم يعد حزباً شيوعياً في واقع الأمر،& وتوقع ان يغير الحزب نفسه مرة اخرى إذا أراد البقاء.&

ولد سدني رتنبرغ بعد اسابيع قليلة على أول مؤتمر عقده الحزب الشيوعي في مدينة شنغهاي عام 1921 ، وفي سن الخامسة والتسعين ما زال رتنبرغ يتحدث بعاطفة جياشة عن البلد الذي أصبح وطنه الثاني قبل اكثر من ستة عقود.

أعدت ايلاف المادة &عن بي بي سي

المادة الأصل هنا& & &&