قضت محكمة إيرانية بالسجن لخمس سنوات على البريطانية من أصل إيراني، نزانين زغاري، بتهم "تتعلق بالأمن القومي".

وكشفت وسائل إعلام إيرانية السبت لأول مرة عن طبيعة الاتهامات الموجهة إلى زغاري.

وقال ريتشارد راتكليف، زوج نزانين، إن زوجته التي تعمل مجال الأعمال الخيرية، اعتقلت في أبريل/ نيسان، وكلمته بالهاتف من السجن، قائلة: "لم أعد أحتمل البقاء في هذا المكان".

وقالت أيضا إنها اشتاقت لابنتها غابرييلا، البالغة من العمر عامين.

وصادرت السلطات الإيرانية جواز سفر غابرييلا، بعد اعقتل والدتها، وتعيش الطفلة حاليا مع جدتها وجدها، في إيران.

وتعمل زاغاري-راتكليف في مؤسسة رويترز تومسون الخيرية، واعتقلت في مطار طهران، بعدما زارت عائلتها في العطلة.

وقالت وزارة الخارجية البريطانية إنها "قلقة جدا" بشأن الحكم عليها، وإن الوزراء سيواصلون إثارة هذه القضية مع المسؤولين الإيرانيين.

وقالت وكالة أنباء فارس إن زغاري متهمة بالتخطيط لقلب نظام الحكم في الجمهورية الإسلامية، وإنها ساعدت في تقديم النصح وتنفيذ مؤامرات ضد إيران على مدار سنوات عديدة، بتوجيه وسائل إعلام وأجهزة استخبارات أجنبية.

تحليل

ريتشارد غالبين – مراسل بي بي سي للشؤون الدولية

طيلة أسابيع بعد اعتقال نزانين زغاري، لم يتحدث زوجها راتكليف عن قضيتها في العلن، وذلك على أمل أن أن تؤدي ضغوط وزارة الخارجية البريطانية إلى إقناع المسؤولين الإيرانيين بإطلاق سراحها سريعا.وبعد أن ذهبت هذه الجهود هباء ، بدأ في حملة علنية لإطلاق سراح زوجته، والسماح لابنته بالعودة إلى بريطانيا.ونشرت قضيتها في وسائل الإعلام في عدد من الدول، ووقع أكثر من 800 ألف شخص على عريضة تطالب بإطلاق سراحها.لكن يبدو أن كلا الوسيلتين لم تُجد، وربما كانت لهما آثار عكسية.وأعلن القاضي الذي حكم على زغاري أنه مستاء إزاء الحملة الإعلامية، بل واعتبرها دليلا على أنها "مذنبة".وقال الحرس الثوري الإيراني إن عمل زغاري في تدريب الصحفيين والنشطاء الحقوقيين جزء من مؤامرة، لإسقاط الحكومة الإيرانية.لكن ربما يكون الأمر متعلقا أكثر بانقسامات بين المتشددين والمعتدلين داخل النظام الإيراني.وخلاف ذلك، يرى بعض المحللين أن المتشددين يرغبون في أن يكون السجناء الغربيون ورقة مساومة، لإجراء صفقة لتبادل السجناء.

زغاري متزوجة من البريطاني ريتشارد راتكليف، ولديهما طفلة تبلغ من العمر عامين.

وحضرت زغاري ومحاميها إلى المحكمة لسماع الحكم، لكن راتكليف قال إنه لم يتضح ما إذا كانت زغاري قد علمت بالاتهامات الموجهة إليها من عدمه.

وقال إن القضية "يكتنفها الغموض ووتؤثر فيها السياسة الداخلية".

"ورقة مساومة"

وأشار راتكليف إلى مسألة التوقيت، قائلا إن قرار المحكمة الإيرانية، يوم السادس من سبتمبر/ أيلول الجاري، يأتي غداة تعيين بريطانيا سفيرا لها في طهران لأول مرة منذ عام 2011.

وقال راتكليف: " اعتقال نزانين زغاري والتهم الموجهة إليها توحي بأنها وطفلتها تم احتجازهما كورقة للمساومة، بشأن قضايا سياسية داخلية ودولية".

ومن المتوقع أن تقضي زغاري عقوبتها في سجن "إيفن"، حيث تحتجز حاليا في قسم شديد الحراسة، يديره الحرس الثوري الإيراني.

وقال مازيار بهاري، وهو صحفي وسجين سابق في سجن إيفن، لبي بي سي إن ذلك السجن سيئ السمعة، وله تاريخ في عمليات الإعدام والتعذيب.

وأضاف: "آلاف الأرواح البريئة أزهقت في ذلك السجن، وبالنسبة لشخص مثل نزانين لم يسبق لها السجن من قبل سيكون وجودها في ذلك المكان تعذيبا لها".

وقال راتكليف: "لدي آلاف الرسائل لزوجتي ستقرأها يوما ما، وهذه الرسائل تدفعني للمضي قدما، وستكون مهمة للغاية في سبيل عودتها، وكذلك بعد انتهاء هذه المحنة".

وأضاف: "لقد أخبرتها بأننا نتطلع لعودتها إلينا".

اعتقلت زغاري في أبريل/ نيسان الماضي بعد زيارة عائلتها في إيران.

وكان راتكليف قد ذهب إلى مقر الحكومة البريطانية في دوانينغ ستريت، في إطار حملته للمطالبة بإطلاق سراح زوجته، كما أعربت رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي "عن قلقها" إزاء القضية، خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الإيراني الشهر الماضي.

وقالت متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية إن ماي ووزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، سيستمرون في إثارة القضية، مع "نظرائهم الإيرانيين".

وأضافت المتحدثة أن الحكومة البريطانية سوف "تستمر في الضغط على المسؤولين الإيرانيين، من أجل السماح بالاتصال القنصلي مع زغاري، وكذلك اتباع إجراءات التقاضي السليمة".

وقالت إيملي ثورنبري، وزيرة خارجية الظل في حزب العمال البريطاني، إنه "لم يعد كافيا لرئاسة الوزراء ووزارة الخارجية أن يعربا عن القلق إزاء هذه القضية".

وأضافت إنه حان الوقت "للمطالبة بإجابات".

وقالت مونيك فيلا، المدير النفيذي لمؤسسة طومسون رويترز: "أود تأكيد دعمي الكامل لنازانين وعائلتها في هذه الظروف العصيبة، وأطالب السلطات الإيرانية بإطلاق سراحها في أسرع وقت ممكن".

وأضافت: "أنا مقتنعة ببراءتها، وأجدد تأكيدي على أنها ليست لها أي تعاملات مع الشأن الإيراني، في حدود مسؤولياتها المهنية في مؤسسة طومسون رويترز".

وقالت: "المؤسسة لا تعمل في إيران سواء بشكل مباشر أو غير مباشر".

ولم ترد السفارة الإيرانية في لندن على طلب بي بي سي، للتعليق على الموضوع.