تحضر أسئلة كثيرة حول مستقبل سوريا مع دخول العام الجديد. ماذا يتم تحضيره للسوريين؟ وما هو عدد الوثائق التي تم التوقيع عليها بين موسكو وأنقرة؟ وما سبب النسخ المتعددة للاتفاق ولماذا تم تسريبها من كل طرف؟ ولماذا تحركات النظام السوري تجرى بشكل منفرد مع الايرانيين؟

إيلاف من لندن: جملة من الشكوك تتأكد يوميا لعدم وضوح الرؤية، فلا أحد يعلم ماذا يحدث في المطبخ الروسي الذي أدخل اليه مؤخرا مسؤولين أتراكًا مستبعدا جهات متعددة، وهل هي فعلا عملية سباق ما قبل وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى السلطة، وهل الاتفاق هو عملية تقاسم سلطة بين الفصائل السورية المسلحة المدعومة من تركيا والنظام السوري بناء على ما أكدته احدى الوثائق التي أشارت إلى أن الفصائل ستشكل وفدا تفاوضيا مع النظام.

أسئلة كثيرة ضجت بها صفحات السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة مع اتفاق وقف اطلاق النار الهش الذي تتخلله عدة غارات جوية للطيران الحربي للنظام السوري على منطقة عين الفيجة في ريف دمشق بالتزامن مع إطلاق ثلاث&قذائف مدفعية ثقيلة واستهداف لمرتفعات المنطقة بالرشاشات الثقيلة، بالإضافة إلى عطش دمشق بعد انقطاع المياه.

وقال السفير المنشق بسام العمادي إن الإتفاق الذي أعلن عنه في أنقرة ووقعت عليه "الفصائل الثورية وروسيا "يطرح أسئلة كثيرة من قبيل: هل سيلتزم النظام بالاتفاق؟ واذا لم يلتزم فعليا ماذا سيكون رد الفعل الروسي؟ وهل ستقبل إيران بما يطرحه الاتفاق من شروط قد تؤدي إلى خسارة مواقع كسبتها بواسطة عشرات آلاف الميليشيات؟ وماذا سيكون رد فعلها؟ وماذا بشأن الفصائل العسكرية الثورية التي لم تدخل في الاتفاق؟ وهل ستلتزم به؟".

وأضاف: "بالرغم من ضبابية بيان الاتفاق من فتح الشام (جبهة النصرة سابقا) "هل ستعتبر نفسها ملزمة بتطبيق بنوده وماذا ستفعل؟".

ورأى أن السؤال الأهم: "هل كانت روسيا مستعجلة للتوصل إلى أي اتفاق قبل تسلم الإدارة الأميركية الجديدة لعلمها بأن أية إدارة أميركية قادمة لن تتركها تحقق ما يمكن أن تحققه في أي اتفاق يمكن التوصل إليه في الوقت الضائع بين إدارتين أميركيتين".

نسختان لاتفاق واحد

وتناقل سوريون ملاحظات حول الاتفاق الذي جاء عبر وثيقتين مختلفتين تم تسريبهما، حيث تقول ورقة النظام إن "الحكومة السورية هي التي أعلنت وقف إطلاق النار"، بينما ورقة الفصائل تقول "إن قادة &الفصائل يؤيدون وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه في سوريا بتاريخ 30/12/2016 وينضمون إليه" اذن المبادرة جاءت من النظام والتحقت بها المعارضة وليس مبادرة مشتركة من طرفين متساويين.

تقول ورقة النظام "لا بد من الحل الشامل للأزمة السورية، وأنه لا بد من البدء بالعملية السياسية مسترشدين بالقرار 2254" أي لا ذكر لبيان جنيف والقرار 2254 استرشادي فقط.

فيما نسخة الفصائل تقول: "لا يوجد بديل من الحل السياسي الشامل للأزمة السورية وأنه لا بد من البدء العاجل بالعملية السياسية في سوريا على النحو المنصوص عليه في بيان جنيف 2012 والقرار 2254 لمجلس الأمن من منظمة الأمم المتحدة" .

تقول ورقة النظام: "انطلاقا من الاحترام الكامل لسيادة ووحدة أراضي الجمهورية العربية السورية". بينما تقول ورقة الفصائل: "ويقرون بالاحترام الكامل لسيادة وحدة واراضي الجمهورية العربية السورية" اذا الحكومة تضع أساس الانطلاق و"المتمردون" يقرون بذلك.

تقول نسخة النظام "وسعياً نحو تأمين الاستقرار العاجل في البلاد والتنسيق مع ممثلي روسيا الاتحادية" وهنا لا ذكر لتركيا. بينما تقول ورقة الفصائل: "ويعلنون عن الاهتمام الشامل بالاستقرار العاجل للوضع في البلاد بمشاركة ممثلي روسيا الاتحادية والجمهورية التركية بوصفهم الضامنين".

تقول ورقة النظام: "تلتزم الحكومة السورية بتشكيل وفد في موعد حتى 31 ديسمبر من أجل اجراء المفاوضات الخاصة بالتسوية السياسية وتحدد حكومة الجمهورية العربية السورية أعضاء الوفد بصورة مستقلة"، فيما تقول ورقة الفصائل: "تلتزم المعارضة بتشكيل وفد من أجل اجراء المفاوضات الخاصة بالحل السياسي الهادف إلى حل شامل للأزمة السورية عن طريق سلمي لغاية 6 يناير 2017 وذلك بمشاركة مباشرة من الضامنين. وتحدد المعارضة تشكيل الوفد بمفردها".

تقول ورقة النظام: "حسب نتائج العمل المشترك للوفدين كليهما في موعد أقصاه -/-/2017 سوف يتم وضع خريطة طريق من أجل تسوية للأزمة السياسية الداخلية في سوريا" معنى هذه العبارة ان وضع خريطة الحل يتوقف على نتائج العمل المشترك للوفدين بتاريخ مفتوح وانما خلال 2017.

تؤكد ورقة الفصائل: "نتيجة العمل المشترك يقوم كلا الوفدين باعداد خريطة طريق من أجل حل الأزمة السورية في أقصر وقت" ليس مفهوما بدقة هنا بالنسبة لي هل المقصود أن الغاية من العمل المشترك بين الوفدين هي التوصل لخريطة طريق للحل أم بعد انتهاء العمل المشترك وبحسب نتائجه كل وفد يقدم تصوره للحل؟".

و تقول ورقة النظام: "سيجري عمل الوفدين كليهما بتأييد الضامنين" وليس برعاية الضامنين، فيما تقول نسخة الفصائل: "سيجرى العمل الكلي للوفدين برعاية الضامنين".

هذا وهددت الفصائل بالانسحاب في حال وجود نسخة أخرى من الاتفاق .

خدعة

السفير بسام العمادي قال إنه بعد نشر الورقتين المختلفتين عن وقف اطلاق النار وقيل إن إحداهما وقعها النظام والأخرى وقعتها الفصائل الثورية أنه "لم يعد هناك شك بأن الطرف الروسي خدع الفصائل الثورية. فالورقة التي وقعها النظام تقول إنه إعلان لوقف اطلاق النار وليس اتفاقًا، بما يعني أن نظام بشار هو الطرف الأساس والمبادر بوقف اطلاق النار، وأن الفصائل الثورية انضمت إليه كتابع".

كذلك أضاف: مقدمة الورقة تذكر "حكومة الجمهورية العربية السورية"، مما يعطي نظام بشار الشرعية كحكومة، ويجعل الطرف الآخر معارضة وليس ثورة. لأن الثورة تنزع الشرعية عن الحكم القائم.

تابع: "تقول الورقة إن الحكومة ستشكل وفدا، وأن هذا الوفد سيبدأ العمل المشترك مع الطرف المعارض، والعمل المشترك هنا لا يعني تفاوضا بل تعاونا مع وفد الحكومة لوضع خريطة طريق من أجل تسوية الأزمة السياسية الداخلية في سورية. أي أن ما يجري استنادا إلى الورقة هو أزمة سياسية داخلية وليس ثورة تستلزم تغييرا شاملا للنظام".

وأشار أخيرا الى أنه "لا داعي للاسترسال في نقد الورقة المليئة بالأفخاخ والعبارات الخاطئة وغير المقبولة، فالهدف هنا هو فقط إظهار الخداع والاستهتار الروسي بالثورة والثوار. ولا ألوم الثوار على نيتهم الطيبة للوصول إلى وقف إطلاق النار بل ألومهم على عدم الاستعانة بفريق مختص من جميع الاختصاصات لتجنب الوقوع في مثل هذا الفخ الذي نصبته روسيا والنظام لهم، إذ لا يقبل أي مهني توقيع اتفاق على ورقتين منفصلتين لأن جميع الاتفاقات يوقع فيها الطرفان على كلا النسختين الأصليتين".

ولفت الى أنه "من غير الواضح ما إذا كانت تركيا على علم باختلاف الورقتين، أم أن الطرف الروسي خدع المسؤولين الأتراك أيضا، وننتظر ما ستقوله تركيا عن ذلك. كما ننتظر رد الفعل الروسي على الخروقات التي يقوم بها النظام والميليشيات الإيرانية وتابعوها، وهذا سيوضح مدى استمرار روسيا في إجرامها بحق الشعب السوري".

تسرّع

المعارض السوري صلاح بدر الدين اعتبر في معرض تفسيره لوقف اطلاق النار أنه "هو توقف كل من نظام الاستبداد والعدوين المحتلين ايران وروسيا والميليشيات الطائفية عن قصف وتقتيل وتدمير السوريين وبلادهم وهو أمر مطلوب بالحاح "مستنكرا" التسرع الروسي بفرض تسوية سياسية مع فصائل مسلحة كانت "ارهابية "حتى الأمس القريب بنظر موسكو وبتزكية وضمانة تركية بمعزل عن ارادة السوريين ومن دون متسع من الوقت لاجراء المراجعة وترتيب البيت الداخلي واعادة انتاج من يعبر شرعيا عن مطامح الشعب ومنتخبا منه في الأطر المعروفة".

وأضاف أنه على ما &يبدو فان "طغمة" بوتين تستعجل الخطى مستغلة الوقت الضائع الأميركي واخفاق المعارضة السورية وغياب النظام العربي الرسمي لتثبت أقدامها في سوريا المدمرة التي لن تكون الا مقبرة لجميع الغزاة وعلى الأغلب فان الطريقة الروسية هذه لن تحقق السلام في بلادنا".

ولكن في الاجمال وبغض النظر عن النسخ المتعددة لأوراق واحدة وبحسب أروقة الأمم المتحدة فقد وقعت موسكو وأنقرة على أربع وثائق الاولى حول تشكيل الوفود للبدء بالمفاوضات حول التسوية السياسية لحل شامل للأزمة بطرق سلمية بين الحكومة الروسية والجيش السوري.

والوثيقة الثانية عبارة عن اتفاقية بين روسيا وفصائل إسلامية معارضة بضمانة موسكو وأنقرة.

&والوثيقة الثالثة هي بيان حول اتفاق وقف العمليات القتالية.

&أما الوثيقة الرابعة فهي اتفاق حول آليات تسجيل خروق وقف العمليات القتالية والعقوبات ضد من يخرقها وهي لم تنفذ حتى الآن رغم خروقات النظام في أكثر من مكان الى درجة أن روسيا نفسها خرقت الاتفاق واستهدفت مدرسة غرب حلب.

وجرى الحديث عن أن هناك وثيقة سرية بين موسكو وأنقرة تضمنت برنامجاً زمنياً لابتعاد فصائل المعارضة عن فتح الشام وربط ذلك بقيام مجالس محلية وضمان تدفق البضائع بدعم روسي- تركي مع خرائط متكاملة وخطة قادمة أيضا عن كيفية الاندماج بين جيش النظام والفصائل .

وقالت مصادر متطابقة ان اندماج الفصائل مع فتح الشام (جبهة النصرة سابقا) قد يساعد المعارضة على مواجهة التهديدات، إلا أنه سيعزّز مزاعم الأسد في أن دمشق تحارب "إرهابيين"، كما سينزع الشرعية عن المعارضة أما اندماج الفصائل مع جيش الأسد فهو جزء من حل عام وقد يبدو من خلاله الثوار وكأنهم مجرد طالبي سلطة وأنهم باعوا الدم والتضحيات وخاضعين لأنقرة خضوعا تاما.

وأشارت المصادر الى ما حدث في الأسبوع الماضي فقد أدت المفاوضات بشأن اندماج محتمل بين أحرار الشام وفتح الشام إلى انقسام أحرار الشام الى قسمين وبالنظر الى احتمال فشل المفاوضات ، واحتمال الجمود الحالي، ستزيد الهدنة من تعميق الشرخ بين الفصائل التي تميل إلى القبول بالهدنة والحفاظ على علاقاتها مع أنقرة، وبين فتح الشام.

موقف جبهة النصرة

من جانبها فقد أكدت جبهة فتح الشام (النصرة سابقا) التزامها بما تم الاتفاق عليه بينها وبين الفصائل بخصوص الاندماج، وعلى رأسها حركة أحرار الشام الإسلامية وحركة نور الدين الزنكي، كما أكدت أن الباب مفتوح لجميع الفصائل للانضمام للكيان الجديد، مشيرة إلى تنازلها عن قيادة الكيان الجديد.

وقال المتحدث باسم جبهة فتح الشام حسام الشافعي "منذ أربعة أعوام كانت جلسات الاندماج والتوحد حاضرة في أغلب المراحل تقوى ثم تضعف، وبعد إعلان فتح الشام، انطلقت الجهود من جديد لجمع كلمة المجاهدين وتوحيد صفهم منذ ما يقارب الأربعة أشهر، تعرقل الأمر مجدداً لأسبابٍ عديدة".

وأضاف "بعد حلب طرح الموضوع بقوة وتم تجاوز العديد من المعوقات لأن واجب دفع صيال العدو من أولى الواجبات في هذه المرحلة، مع التأكيد على أن قتالنا هو في سبيل الله ولإعلاء كلمته والتمكين لدينه".

وكشف "تنازل فتح الشام عن قيادة الكيان الجديد للشيخ أبي عمار العمر ووقِع الاتفاق متضمناً بنوداً أخرى". وقال تمت دعوة إخواننا قادة الفصائل الأخرى "منهم الشيخ أبو عيسى صقور وغيره، لم ننجح في أن يكونوا معنا في الكيان الجديد، وما زال صدر الكيان لهم والباب مفتوحًا لجميع إخواننا، ورغم ذلك تعاهدنا على مواصلة درب الجهاد والثورة يدًا بيد، وهذا ظننا بإخواننا".

هذا وازداد الموقف غموضا عبر ثلاثة مستجدات متتابعة تصريحات المسؤولين الأتراك وموقف حزب الله والاغتيالات في ادلب فقد قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو الخميس إن “كل المقاتلين الأجانب يتعين أن يغادروا سوريا. ويتعين على حزب الله العودة إلى لبنان”، وهو تصريح اعتبر أنه يكشف عن أحد البنود السرية من الاتفاق والذي تعاطت معه ايران بعدم اكتراث شديد.

ورد رئيس مجلسه السياسي إبراهيم أمين السيد على التصريح بأن ميليشيات الحزب في سوريا "ليست موجودة هناك بقرار تركي ولن تغادره بقرار تركي" دون أي إشارة إلى الموقف الروسي.

كما اتهمت صحيفة إيزفيستيا الروسية القوات الخاصة التابعة لحزب الله بالقيام بعمليات اغتيال مؤخرا لقادة ميدانيين من المعارضة السورية في إدلب. واعتبر اعلام حزب الله أن ذلك يعكس موقفا سلبيا روسيا معاديا لأنشطة حزب الله.

وفي السياق ذاته اختطف مسلحون مجهولون اليوم الأحد عناصر أحد المقرات التابعة لـ"فيلق الشام" في بلدة كفتين بريف إدلب الشمالي، واقتادوهم إلى جهة مجهولة.

ولفت أبو عمر فيلق الشام مسؤول المكتب الإعلامي لفيلق الشام، في تغريدات على حسابه في "تويتر" &الى هجوم مسلح من قبل ملثمين على أحد مقرات فيلق الشام في بلدة كفتين قرب كللي بريف إدلب، تم سرقة السلاح وخطف عناصر المقر واقتيادهم لجهة مجهولة".

وأشار إلى أن "المقر يتبع لكتيبة ثوار منبج، والتي كانت من آخر من خرج من مدينة حلب قبل أيام، ولم يستطع الأسد وميليشياته منهم، فأرسل خفافيشه ليلاً لتغدر بهم".

وفي السياق، استهدفت عبوة ناسفة أمس &السبت إحدى سيارات لواء العباس التابع لحركة أحرار الشام الإسلامية قرب مدينة إدلب مما ترك إصابات في صفوفهم.