إيلاف من لندن: قالت موسكو إن تصرفات الولايات المتحدة في سوريا وصلت إلى حد الجنون بقرارها تقديم أنظمة دفاع جوي محمولة للمعارضة. ودعت الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى الالتزام بأطر القانون الدولي لدى الدفاع عن مصالح بلاده.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا خلال مؤتمرها الصحافي الأسبوعي، اليوم الخميس: "إنهم، في الولايات المتحدة، بعد عدم قدرتهم على حل أي شيء، في نهاية المطاف، قرروا العمل مع سوريا بجنون، في الواقع هذا أدى إلى أنهم خلال الأشهر القليلة الماضية لم يقوموا بعمل أي شيء، عدا اتخاذ قرارات مجنونة، منها تقديم منظومات الدفاع الجوي المحمولة للمعارضة السورية".

وأضافت أنها انتبهت إلى تصريحات مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، سامانثا باور (التي ستترك منصبها مع إدارة أوباما)، في لقاء مع قناة "العربية"، إذ قالت هذه الدبلوماسية الأميركية في تلك المقابلة إن "العالم خسر سوريا".

من خسر سوريا ؟

وردا على هذه التصريحات، شددت زاخاروفا على أن من خسر سوريا هي الولايات المتحدة وليس العالم. ووصفت نتائج عمل الإدارة الأميركية المنتهية ولايتها، بأنها "إخفاق تام"، معيدة إلى الأذهان الوضع الذي وصلت إليه أفغانستان والعراق، وكذلك ليبيا ودول أخرى جراء أحداث "الربيع العربي".

وتابعت: "في نهاية المطاف، قررت الإدارة الأميركية، التي لم تتمكن من حل أي من المشاكل القديمة، مثل الانخراط في الأزمة في سوريا، لكن ذلك لم يؤد، خلال الأشهر الماضية، إلى أي خطوات من جانب إدارة أوباما باستثناء قرارها الجنوني تماما بشأن توريد الصواريخ المحمولة المضادة للجو إلى هناك".

ولفتت إلى أن باراك أوباما اتخذ هذا القرار عندما كانت روسيا والأطراف المعنية الأخرى تنخرط في عمل دقيق للغاية لإنشاء آلية للمفاوضات في أستانا والتحضيرات للتوقيع على اتفاقية وقف إطلاق النار.

إدارة ترامب

وبشأن توقعاتها حول فترة رئاسة دونالد ترامب، قالت زاخاروفا إنها تأمل في أن يلتزم الرئيس الأميركي الجديد بأطر القانون الدولي لدى الدفاع عن مصالح بلاده.

وذكّرت بأن "التقرير السّري" الذي نشرته وسائل إعلام أميركية حول العلاقات المزعومة بين ترامب وروسيا لا يعتمد على أي أدلة ويستهدف عرقلة عملية تطبيع العلاقات الروسية الأميركية.

وأقرت زاخاروفا بأن روسيا أجرت اتصالات ببعض رجال الأعمال والسيناتورات ممن دعموا ترامب خلال الحملة الانتخابية، وعبرت عن اندهاشها لردود الأفعال الأميركية على هذا الأمر الطبيعي.

وشددت على أن موسكو تعرف جيدا أن ترامب لن يدافع عن مصالحها، وتنطلق من أنه سيدافع عن مصالح بلاده بكل ما بيده من الوسائل والإمكانيات.

مؤتمر أستانا&

وإلى ذلك، أكدت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، تحديد 23 يناير &الحالي، موعدا لمفاوضات أستانا حول التسوية في سوريا. وقال إنه لم يطرح أحد موعدا بديلا لهذه المفاوضات حتى الآن، مضيفة أن موسكو تنطلق من أن اللقاء، الذي من المتوقع أن تشارك فيه الحكومة السورية والمعارضة المسلحة، سيعقد في 23 يناير.

وأضافت: "نأمل في أن يصبح اللقاء في أستانا معلما جديدا على الطريق إلى السلام، بالإضافة إلى إعطاء دفعة قوية للعمل البناء من قبل كافة الأطراف لاستئناف العملية السياسية في جنيف، 8 فبراير، المقبل تحت رعاية الأمم المتحدة وعلى أساس القرار الدولي رقم 2254". ودعت الدبلوماسية الروسية جميع الشركاء الدوليين إلى المساهمة في إنجاح هذه الجهود.

آلية المفاوضات&

ووصفت زاخاروفا الجهود لإنشاء آلية للمفاوضات بين طرفي النزاع في سوريا، اللذين كانا قبل قليل منخرطين في معارك طاحنة، بأنها دقيقة للغاية. وقالت إنه لا تتوفر حتى الآن أي معلومات نهائية حول تشكيلة الوفود التي ستشارك في المفاوضات.

وأضافت: "الشيء الأهم هو تبلور ملامح جديدة للحركة المحتملة إلى الأمام، ليس نظريا بل علميا". وأعادت إلى الأذهان أن روسيا وإيران وتركيا تلعب دور الضامنين لتطبيق اتفاقية الهدنة التي وقعت عليها الحكومة السورية وممثلو المعارضة المسلحة.

وأكدت أن موسكو تعمل على مسارات عدة لدعم التسوية السورية، بما في ذلك اتصالاتها الوثيقة مع تركيا وإيران في مختلف الصيغ متعددة الأطراف والثنائية، وكذلك في الأمم المتحدة. وأكدت أيضا مواصلة الاتصالات بهذا الشأن مع دول المنطقة، واصفة الاتصالات بأنها نشيطة جدا.

لا لقاء في موسكو

وفي الوقت نفسه، نفت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية علمها بلقاء محتمل للمعارضة السورية في موسكو يومي 26 و27 يناير، في إطار جهود التنسيق قبل استئناف المفاوضات في جنيف.

وأكدت الدبلوماسية الروسية تحسن الوضع في سوريا بعد دخول الهدنة حيز التنفيذ، 30 ديسمبر ، مشيرة إلى تراجع عدد الخروقات للهدنة.

وتابعت قائلة: "وقف إطلاق النار في سوريا قائم في كامل أراضي البلاد، بما في ذلك في الجنوب حيث تنشط التشكيلات المسلحة التي لم تشارك أغلبيتها في المفاوضات في أنقرة في ديسمبر العام 2016 (حول إحلال الهدنة)".

داعش والنصرة

ولفتت زاخاروفا في الوقت نفسه إلى أن إرهابيي "داعش" و"جبهة النصرة" لا يتخلون عن محاولات إفشال الهدنة، ويلجأون إلى كافة الوسائل لتحقيق هذا الهدف. وأعادت إلى الأذهان أن هؤلاء منعوا مياه الشرب عن 5.5 ملايين شخص في دمشق وضواحيها بتلويث مياه النبع في عين الفيجة بالمازوت. وذكّرت بأن هذه الجريمة، التي وصفتها بأنها إرهابية، وقعت عشية احتفال مسيحيي سوريا بعيد الميلاد.

وتساءلت قائلة: "هل سيواصل شركاؤنا وصف هؤلاء (الإرهابيين) بأنهم معتدلون؟ عندما نتحدث عن الإرهاب، يدور الحديث ليس عن التفجيرات والانتحاريين فحسب، بل وعن الإضرار المتعمد بمنشآت البنية التحتية المدنية".

وفي الوقت نفسه، أكدت زاخاروفا أن إحلال الهدنة يخلق إمكانيات إضافية لإيصال المساعدات للسكان المدنيين في سوريا. وأشارت إلى انضمام دول أخرى للمساعي الروسية في هذا المجال، بما فيها كازاخستان التي أرسلت 500 طن من المساعدات وصلت ميناء طرطوس مؤخرا.