لندن: أُنجز بناء الغاليري الجديد في متحف فكتوريا والبرت من تصميم المعمارية البريطانية اماندا جين ليفيت في اطار توسعة المتحف، التي طال انتظارها. والغاليري فضاء رائع ينفتح على عدة امكانات تتعدى كل ما يمكن ان تقدمه ملحقات شبيهة في المتحف البريطاني أو الغاليري الوطني.

ولكن الفعالية التي وقع عليها الاختيار لافتتاح القاعة الجديدة كانت مفاجأة غير متوقعة، وهو معرض بعنوان "الاوبرا: عاطفة وقوة وسياسة" موضوعه فصل معقد من التاريخ الثقافي الاوروبي. ورغم الجهود التي بذلها المنظمون لجعل هذا الفن النخبوي في متناول الجميع فهو لا يتمتع بشعبية واسعة. واعرب نقاد عن تحفظهم إزاء الطريقة التي أُعدت بها مادة المعرض فضلاً عن موضوعه.

هناك ابتداء إشكالية لم تُحل بشأن المفهوم. فالاوبرا شكل فني سمعي اساساً يستند بصورة متميزة الى تعبيرية صوت الانشاد. وهو فن يمكن ان يوجد بلا ديكورات وازياء وبلا كلمات وحتى بلا آلات موسيقية، ولكنه من دون غناء لا يكون اوبرا بحكم تعريف الكلمة. ويلاحظ الناقد روبرت كريستيانسن ان منظمي المعرض لا يعرفون كيف يتعاطون مع هذه الحقيقة غير المريحة، مشيراً الى توزيع سماعات رأسية على الزوار للاستمتاع بأكبر الأعمال الاوبرالية اثناء التجوال على المعروضات. ولكنه يبدي استغرابه لجعل عنصر الموسيقى اختيارياً وهامشياً في خبرة تتعلق بفن غنائي مثل الاوبرا.

يركز المعرض موضوعه على سبع مدن استضافت اعمالا اوبرالية كبرى

 

يركز المعرض على سبع مدن

المبدأ التنظيمي للمعرض هو الجغرافية. ويركز المعرض موضوعه على سبع مدن استضافت اعمالاً اوبرالية كبرى هي البندقية بتقديمها اوبرا "تتويج بوبي" للموسيقار مونتيفيردي ولندن بتقديمها اوبرا "رينالدو" لهاندل وفيينا باوبرا "زواج فيغارو" لموزارت وميلانو باوبرا "نابكو" للموسيقار فيردي وباريس باوبرا "تانهاوزر" للموسيقار فاغنر ودرسدن باوبرا "سالومي" للموسيقار شتراوس ولينينغراد باوبرا "ليدي ماكبث من متسينسك" للموسيقار شوستاكوفيتش، حسب الترتيب الزمني الذي قدمت فيه هذه الأعمال. 

ولا بد ان يكون هذا الخيار اعتباطياً لأن كل معجب بفن الاوبرا يمكن ان يقترح قائمة مغايرة. ويأخذ الناقد كريستيانسن على منظمي المعرض اهتمامهم بالسياق الاجتماعي للاوبرا أكثر من الاوبرا نفسها متسائلاً لماذا لا يكون التركيز على دُور الاوبرا بوصفها أبنية ذات سحر معماري أخاذ بدلا من ابهام "العاطفة والقوة والسياسة" في عنوان المعرض لكونها مفاهيم مجردة لا يمكن توصيفها.

أُخرجت اشياء ترتبط بالاوبرا بينها رقع شطرنج وعقود ماسية وشمعدانات فضية وتماثيل خزفية من مخازنها لوضعها في المعرض، ولكنها رغم طبيعتها الديكورية لا تمت بصلة قوية الى الموضوع وتبدو كأن دورها ملء الفراغات.

المعرض أغفل دور المرأة المتميز في تطوير فن الاوبرا

 

دور المرأة في تطوير الأوبرا

ومن الموضوعات التي يبدو ان المعرض أغفلها دور المرأة المتميز في تطوير فن الاوبرا. فالغناء الاوبرالي كان من اول المهن التي أُتيحت لنساء موهوبات ومستقلات العديد منهن نلن سمعة ومكانة رفيعة قبل 200 سنة على ظهور أول طبيبة أو محامية.

كما ان هذه الأعمال الاوبرالية السبعة يمكن ان تسلط الضوء على دور الاوبرا في استكشاف معاناة المرأة في المجتمع الغربي وحتى التعبير عنه. فالمرأة في كل عمل منها ليست بطلة، ولكنها شخصية درامية بقوة مترعة بالدلالات الرمزية.

يقدم المعرض نفسه بوصفه تعريفاً بعالم الاوبرا موجهاً الى المبتدئ، والى من لا يخاف من قول ما هو بديهي. ومن هذا المنطلق المحترم تماماً يمكن التساؤل عن مقدار ما متاح في المعرض للاستمتاع به دون ثقافة اوبرالية مسبقة.

ولعل أكبر الأعمال المرشحة لنيل شعبية بين زوار المعرض اعادة انتاج ديكور بالحجم الطبيعي تقريباً لاوبرا من عصر الباروك وجدار عملاق تغطيه 150 صورة فوتوغرافية التقطها من داخل دور اوبرا ايطالية المصور ماتياس شالر وبورتريه موزارت الشهيرة للرسام جوزيف لانغه مستعارة من مدينة سالزبورغ ولوحات للفنانَين مانيه وديغا في جناح مدينة باريس مع كثير من افلام الفيديو وشاشات تعرض اربع نسخ مختلفة لمشهد الحفلة الماجنة من انتائج اخير لاوبرا تانهاوزر ومقاطع فيديو لمشهد الذروة في اوبرا سالومي. 

 

 

أعدّت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "الديلي تلغراف". الأصل منشور على الرابط التالي:

http://www.telegraph.co.uk/art/what-to-see/fine-exhibits-will-sceptics-converted-opera-passion-power-politics/