برشلونة: تراجع رئيس برشلونة الانفصالي كارليس بوتشيمون الخميس عن خيار الدعوة لانتخابات اقليمية مبكرة في مسعى لتهدئة التوتر مع مدريد عشية تصويت مهم في مدريد حول وضع منطقته تحت الوصاية.

وقال بوتشيمون إنه درس خيار الدعوة للانتخابات لمنع الحكومة المركزية من السيطرة على الاقليم، لكنه "لم يتلق ضمانات" على نجاح هذا السيناريو.

وبات الأمر في يد برلمان كاتالونيا الذي من المقرر ان يجتمع هذا المساء، لاتخاذ افضل قرار للتعامل مع سيطرة مدريد التي تلوح في الافق، حسبما أوضح بوتشيمون.

ويُخشى أن تكون جلسة البرلمان الخميس فرصة جديدة للنواب الانفصاليين لاعلان استقلال احادي.

وقال بوتشيمون "كنت ارغب في الدعوة لهذه الانتخابات (...) كان من واجبي ان احاول تجنيب مؤسساتنا" من سيطرة مدريد على الحكومة والشرطة والموارد المالية للاقليم الغني الواقع في شمال سرق اسبانيا.

وأدى استفتاء حول الاستقلال في كاتالونيا في الاول من تشرين الاول/اكتوبر حظرته مدريد إلى أسوأ أزمة سياسية في البلاد.

ودارت تكهنات حول اعلان بوتشيمون حل البرلمان والدعوة لانتخابات جديدة في مسعى لكبح الحكومة المركزية في مدريد. على الاثر، اعلن نائبان من حلفائه استقالتهما.

كما يخشى آخرون من اعلان الاستقلال من جانب واحد. لكن في نهاية المطاف، لم يفعل بوتشيمون شيئا. 

وتجمع آلاف من الطلاب والناشطين من مؤيدي الاستقلال امام مبنى الحكومة الاقليمية في برشلونة مرددين هتافات "الاستقلال"، فيما كتب على لافتة "بوتشيمون خائن".

احترام القانون

وفي مدريد، بدأت لجنة تابعة لمجلس الشيوخ تضم 27 عضوا مناقشة تعليق الحكم الذاتي بحكم الامر الواقع في كاتالونيا حيث يقيم 16% من الاسبان، بطلب من حكومة ماريانو راخوي المحافظة.

وخلال هذه الجلسة، طالبت نائبة رئيس الحكومة الاسبانية سورايا سانز دي سانتاماريا الخميس بفرض الوصاية على كاتالونيا من اجل "بدء مرحلة جديدة يحترم فيها القانون" وذلك بعد دقائق من اعلان بوتشيمون رفض الدعوة إلى إجراء انتخابات.

وسيقرر مجلس الشيوخ الاسباني في جلسة عامة الجمعة ما اذا يمنح رئيس الحكومة بموجب المادة 155 من الدستور سلطة اقالة الحكومة الانفصالية الكاتالونية ووضع شرطتها وبرلمانها ووسائل اعلامها الرسمية تحت وصاية مدريد لمدة ستة اشهر، الى ان يتم تنظيم انتخابات في الاقليم مطلع 2018.

وهذا التصويت يعتبر محسوما مبدئيا لان المحافظين يشغلون غالبية مريحة في مجلس الشيوخ. وسيتمكنون من الاعتماد على دعم الحزب الاشتراكي.

واعلن بوتشيمون أنه لن يخاطب مجلس الشيوخ الاسباني بعدما تلقى دعوة للقيام بذلك وشرح موقفه قبل اتخاذ اجراءات فرض الوصاية على الاقليم.

وشدد بوتشيمون الخميس على ان تولي مدريد لسلطات كاتالونيا يشكل "مساسا" بالدستور الاسباني.

ويراهن الانفصاليون الحاكمون في كاتالونيا على دعم العديد من المواطنين الذين يشعرون بان مدريد تعاملهم بازدراء منذ عدة سنوات ولا يزالون غاضبين من اعمال العنف التي مارستها الشرطة خلال الاستفتاء حيث صوت 90% لصالح الاستقلال مع نسبة مشاركة بلغت 43% وفق ارقام يصعب تأكيد صحتها.

مخاوف اقتصادية 

وتبقى مسألة الحكم الذاتي قضية حساسة في المنطقة التي تضم 7,5 ملايين نسمة وتدافع بشراسة عن لغتها وثقافتها وتتولى إدارة جهاز شرطتها وقطاعي التعليم والصحة. 

لكن سكان برشلونة، التي تشكل نحو 20 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي في اسبانيا، يظهرون انقساما حيال مسألة الاستقلال.

واعترف وزير الاقتصاد الاسباني لويس دي جويندوس باحتمالية حدوث "مقاومة" للمسؤولين الذين سترسلهم مدريد إذا قررت الحكومة المركزية تفعيل المادة 155.

وقال دي جويندوس "آمل أن يكون الموظفين المدنيين (الكاتالونيين) شديدي المهنية واعين أن أي عمل ضد المجتمع الكاتالوني سيكون ذو نتائج سلبية".

واضاف ان هناك "انخفاض في الاستهلاك وشلل في الاستثمارات" نتيجة حالة الغموض التي سببتها الازمة.

حتى الخميس، اعلنت 1600 شركة عن نقل مقارها خارج الاقليم المضطرب. فيما تراجعت بالفعل الحجوزات السياحية في الاقليم، بحسب هيئات تنشط في هذه الصناعة الرائحة في الاقليم.