يتساءل اللبنانيون عن مصير الوضع الأمني في بلادهم، وذلك بعد استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، في ظل تحذير بعض الدول لرعاياها من مغبة السفر إلى لبنان.


بيروت: قد يكون الخوف على الوضع الأمني الذي حضر في بعبدا أمس، مع الاجتماع الأمني الذي قاده رئيس الجمهورية ميشال عون مع القادة الأمنيين، أول ما شغل بال اللبنانيين عندما سمعوا خطاب استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري المفاجئة.

وما زاد الأمر سوءًا، هو طلب بعض الدول من رعاياها مغادرة لبنان أو عدم التوجه إليه في المستقبل القريب.

تعقيبًا على الوضع الأمني في لبنان بعد استقالة الحريري، يقول الوزير والنائب السابق بشارة مرهج لـ"إيلاف" إن استقالة الحريري تبقى سياسية، ولا شك أنها أحدثت توترًا على الصعيد السياسي. لكن على الصعيد الأمني لا يعتقد مرهج أن الوضع سيتأثر بشكل نوعي، إنما ستجتهد كل القوى الشرعية والأمنية لاتخاذ تدابير مضاعفة لحفظ الأمن والاستقرار في لبنان، وستكون ناجحة في مبادرتها، حسب توقعاته.

خلايا نائمة

وردًا على سؤال هل تستفيد خلايا أمنية نائمة في لبنان من إستقالة الحريري وتقوم بعمليات "إرهابية"؟ يؤكد مرهج أنه في حال تحولت الاستقالة إلى موقف ميداني عنوانه التظاهرات والإخلال بالأمن، قد تستفيد هذه الخلايا النائمة وكل أعداء لبنان، لذلك إذا كان هناك من إحتمال لهذا الأمر فذلك يجعل اللبنانيين أكثر حذرًا وتهيبًا للموقف وبالتالي أكثر استعدادًا لمواجهة أي خطر محتمل، معتبرا أن كل الأطراف السياسية الممثلة بالحكومة، حريصة على أن يبقى الصراع في إطاره السياسي.

أما عن تحذير الرعايا الأجانب بعدم المجىء إلى لبنان أو مغادرته في الوقت الحالي، فيؤكد مرهج أن هذا يبقى موقفًا تقليديًا تتخذه السلطات الغربية كلما لاحت بوادر أزمة سياسية في لبنان، كالأزمة التي نعيشها اليوم، ويعتقد مرهج أنه بعد انقضاء بعض الوقت وثبات الأمن والإستقرار ستعود هذه السلطات والسفارات عن موقفها.

خيار عسكري

ويتداول كثيرون حديثا عن خيار عسكري ضد حزب الله في لبنان، ويلفت مرهج إلى أن هذا الخيار قد يكون مستبعدًا، وللتهويل فقط، ومحاولة لإحداث المزيد من التوتر، وهناك من يريد تحريض اللبنانيين ضد بعضهم البعض، من أجل أن يتقاتلوا، وهذا ليس واردًا بالنسبة للبنانيين، لأن جميع الأطراف اختبرت الحرب ومعاناتها وخسارتها وعدم إمكانية استخدامها كأداة للوصول إلى أهداف سياسية كبرى في لبنان.

ويلفت إلى ان الحرب الداخلية في لبنان لا تؤدي إلى غلبة، ولا إلى إلغاء الآخر، وهي حرب خاسرة من بدايتها إلى نهايتها.

النأي بالنفس

وردًا على سؤال هل يمكن للبنان أن ينأى بنفسه مجددًا عن أحداث المنطقة المشتعلة؟ يؤكد مرهج أنها تبقى نظرية ومجرد محاولة، فلبنان لا يستطيع أن ينأى بنفسه بالكامل عن الأحداث الجارية في المنطقة، كل هذه الأحداث متصلة بالأحداث اللبنانية، لكن لبنان يستطيع أن يكون بمنأى عن المفاعل السلبية لما يجري في المنطقة، من خلال وحدته الداخلية ومرونته السياسية وسعيه لكل تضامن وخير تجاه العالم العربي بأسره.

وعن خطوة رئيس الجمهورية ميشال عون بعدم قبول استقالة الحريري لحين لقاء الحريري وشرح الموضوع، يرى مرهج أن موقف عون يبقى حكيمًا، ويستهدف تذكير الجميع في لبنان بأننا لا نفرط ببعضنا البعض حتى لو اختلفنا سياسيًا، ولبنان له خصوصيته، ومنها حرص الأطراف على بعضها في أيام المحن والصعوبات، وإذا غابت هذه الظاهرة، تغيب الحياة اللبنانية الحقيقية التي نتغنى بها، على حد تعبيره.

ما بعد الاستقالة

عن السيناريوهات المتوقعة بالنسبة للحكومة اللبنانية بعد استقالة الحريري يؤكد مرهج أنه إذا أصبحت هذه الإستقالة أمرًا واقعًا سيستمر الخلاف السياسي ولكن سيحرص الجميع على أن يكون للبنان حكومة حتى لو لم يكن بداخلها، ويجب أن نعارض سياسة الحكومات أحيانًا ولكن أن نصل بالموقف إلى تغييب الحكومة عن الحياة السياسية في لبنان فهذا امر لا نتوقعه من أي طرف سياسي فاعل.

ويختم: "المطلوب التواصل مع الحريري ليحضر إلى لبنان بالدرجة الأولى، كي تنسجم الخطوات مع الأصول الدستورية التي يحرص عليها الجميع".