«إيلاف» من القاهرة: سادت حالة من الغضب بين الأزهريين وأعضاء بمجلس النواب وتحديدًا داخل اللجنة الدينية، بشأن قائمة الأزهر، التي قدمتها المشيخة للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وتضمنت خمسين اسمًا اعتمدهم الأزهر للتصدي للفتوى في وسائل الإعلام، ووجه الرافضون لقرار الأزهر انتقادات لاذعة ضد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، لاحتواء القائمة على عدد من المؤيدين والمتعاطفين مع الإخوان والمدافعين عن اعتصام رابعة العدوية والمؤيدين لهجوم التنظيمات الإرهابية، كما يرى الفريق الرافض لقائمة الأزهر، أن الموضوع تم بدون دراسة كافية، مما أدى إلى تجاهل العديد من الأسماء التي لها شعبية كبيرة في مجال الفتوى ومن بينهم أعضاء بهيئة كبار العلماء بالأزهر، في حين يرى نواب البرلمان أن القائمة الجديدة مؤقتة لحين إقرار مجلس النواب خلال أيام قانون الفتوى الذي سيضع معايير محددة لمن له الحق في الظهور على الفضائيات، على الجانب الآخر لم تقف الأسماء المستبعدة من قائمة الأزهر مكتوفة الأيدي أمام تجاهل ذكر أسمائهم، وعجل البعض منهم بالظهور على وسائل الإعلام فيما يشبه تحديًا للقرار، وتحدث عن تفسيره لقرار الاستبعاد، كما تعاطف معهم بعض الشخصيات الإعلامية البارزة في الفضائيات أو كتاب الصحف، حيث تعمدوا استضافة تلك الأسماء لتوجيه الانتقادات لقرار الأزهر .

تحرك أزهري 

في السياق ذاته ولامتصاص حالة الغضب بين الأزهريين ونواب البرلمان، صرح الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، أن القائمة مفتوحة وسوف تضم علماء آخرين، ومن يرى في نفسه القدرة على الفتوى عليه التقدم للأزهر للموافقة على ظهوره في وسائل الإعلام ،مشيرًا إلى أن القائمة مبدئية، وهناك الكثير من العلماء يستحقون الانضمام لها، وأعلن وكيل الأزهر عن إعداد قائمة أخرى تضم أسماء كبيرة يحق لها الظهور في وسائل الإعلام للحديث في الأمور الدينية بشكل عام وتجديد الخطاب الديني، بدوره أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، أن القائمة التي خرجت من الأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء استرشادية لوسائل الإعلام، ولكن من حق جميع علماء الأزهر الظهور في الإعلام، قائلًا: "لا يجوز استبعاد علماء ووعاظ وأئمة مساجد من الظهور بوسائل الإعلام للفتوى في حين يتم السماح لهم بالخطابة بالمساجد وإلقاء المحاضرات للطلاب بالكليات التابعة لجامعة الأزهر"، وللخروج من المأزق أعلنت وزارة الأوقاف عن قائمة جديدة للفتوى بالإعلام ضمت 136 شخصًا أغلبهم مما تم استبعادهم من قائمة الأزهر، وأكد وزير الأوقاف أن القائمة الجديدة تمت بموافقة وإشراف شيخ الأزهر .

كشف المستور

على الجانب الآخر وردًا على قرار الأزهر، نشرت تقارير صحفية، تثبت تورط شخصيات تم اختيارها بقائمة الأزهر في دعم جماعة الإخوان أثناء حكم الرئيس المخلوع محمد مرسي، حيث ذكرت تلك التقارير أنه في 28 يوليو 2013، شارك الدكتور عبد الحليم منصور، عميد كلية الشريعة والقانون بالدقهلية، الذي اختاره الأزهر ضمن قائمة المفتين، عبر صفحته على «فيس بوك» نعيًا لأحد المتوفين في اعتصام ميدان رابعة، جاء فيه: «رأيته أمس في رابعة سلاحه القرآن، وخوذته لا إله إلا الله، ودرعه حسبنا الله ونعم الوكيل، فسلامًا يا شيخنا، وبلغ ربنا أننا على العهد باقون وفي الميادين صامدون، وعشت كريمًا ومت سعيدًا شهيدًا»، وهاجم «عبد الحميد رميح»، أحد أعضاء قائمة الأزهر للإفتاء، في تدوينة له 22 سبتمبر 2013، وزارة الداخلية، وشارك صورة تحمل سبًا وقذفًا للشرطة ورجالها مكتوبًا عليها: «أول درس على السبورة الداخلية كلاب مسعورة»، كما شارك في 24 سبتمبر 2013 من صفحة تابعة لأنصار حازم صلاح أبو إسماعيل، صورة أخرى عليها: «يسقط حكم العسكر والسيسي»، وطبع على الصورة شعار موقع نبض رابعة، فضلًا عن صورة أخرى لتيشيرت أصفر عليه شعار رابعة بتاريخ 6 سبتمبر 2013.

وشارك أحمد عبد العظيم الطباخ، عضو قائمة الأزهر، عبر صفحته بـ«فيس بوك» فى 7 ديسمبر 2012 صورة للرئيس المعزول محمد مرسي، من صفحة رابطة الإخوان بالعالم، كتب عليها «اللهم كن مع عبدك مرسي»، وأسفلها تدوينة مطولة لكلمات لسيد قطب مؤسس العنف والمنظر الأول له داخل تنظيم الإخوان. وهاجم «الطباخ» القوى المدنية في 7 ديسمبر 2012، وهو وقت ذروة الخلاف مع الإخوان، وشارك صورة من صفحة «رد السهام عن جماعة الإخوان»،كتب عليها: «الليبراليون ديكتاتوريون جُدد، أسقطتهم الصناديق ويعاقبون الشعب على اختياره بالعنف والفوضى وإسقاط مصر لعل تأتيهم مصلحة من جهة أو دولة ما»، كما اتهم الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر وعضو القائمة، بدعمه لمحمد مرسي ،حيث رصدت له فيديوهات لخطب لوكيل الأزهر تدعم الإخوان والرئيس المعزول .

ضرورة التراجع 

وفى سياق متصل، علق الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، على قرار استبعاده من قائمة الـ 50 عالمًا المصرح لهم بالتصدي للفتوى، قائلًا: " تحديد من يتحدث في الفتوى بالإعلام سوف يخلق صدامًا بين الدين والقانون الوضعي المعمول به في مصر حاليًا، في ظل وجود تعارض في تطبيق القانون وبعض أمور الشريعة فيما يتعلق بجريمة الزنا والميراث والطلاق الشفهي، والمتضرر من هذا التضارب المواطن .

مشيرًا إلى أنه من فضل الله على عباده تعدد الآراء الفقهية فيما يتعلق بالقضية الواحدة ، ومن عظمة الدين الإسلامي عدم وجود الرأي الواحد، وإلا كانت أمور الحياة صعبة جدًا، وهذا ما يميز الإسلام عن باقي الأديان الأخرى .
لافتًا إلى أن الأزهر يخرج أساتذة، ومن مهام وظيفتهم أن يكون لهم دور في المجتمع والإعلام من أجل النهوض بالمجتمع كله، ما دون ذلك سيتحول الأزهر إلي كهنوت، وهذا الأمر مستبعد قبوله لأنه المؤسسة الدينية الوحيدة التي تحتفظ بحمل شعار الوسطية والاعتدال في الخطاب الديني الموجه .

تدخل الطيب

من جانبه أكد الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أنه تعجب من خلو القائمة من كبار علماء الأزهر المشهود لهم بالكفاءة والقبول عند الناس، مطالبًا الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب بوقف العمل بالقائمة الحالية، والإشراف بنفسه على إعداد قائمة استرشادية جديدة تضم فقط أساتذة الفقه والعقدية بكليات جامعة الأزهر، باعتبارهم أهل الاختصاص في شأن الفتوى، لافتًا إلى أن القائمة التي تم الإعلان عنها حدث فيها مجاملات فالاختيار تم بدون قواعد وأسس ثابتة حتى يقتنع الرأي العام بالقرار.

 قرار خاطئ 

على الجانب الآخر قال الدكتور عمر حمروش، أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب:" إن قوائم الفتاوى التي قدمها الأزهر الشريف والإفتاء ووزارة الأوقاف، لن تكون بديلة لمشروع تنظيم الفتوى العامة المعروض على البرلمان، حيث يعتبر المشروع الأفضل لمعالجة الفتاوى الشاذة ، ويقضي على حالة الجدل لتحديد مجموعة من الأسماء المحددة بذاتها؛ لأن القانون يعالج المسألة برمتها، ويضع معايير محددة لمن له حق الفتوى في الإعلام .

وأكد عضو اللجنة الدينية، أن القانون حدد أربع جهات تخص الفتوى وهي هيئة كبار العلماء ودار الإفتاء المصرية ومجمع البحوث الإسلامية وإدارة الفتوى بوزارة الأوقاف أو من يرخص لهم من هذه الجهات.

وأوضح "حمروش" أن قوائم الفتوى الجديدة فيها مصادرة على مشروع القانون ، وإعلان المجلس الأعلى للإعلام عن هذه القوائم فيه استعجال، باعتبار أن القرار حل مؤقت لحين صدور التشريع. الجديد من البرلمان