صادقت لجنة مكونة من ثمانية وزراء، خلال اجتماع لها اليوم الثلاثاء بالرباط، على المبادئ العامة والتوجهات التي ستعتمدها الحكومة من أجل بلورة مشروع قانون لتأطير عمليات الإحسان العمومي بالمغرب، وذلك تنفيذًا لتوجيهات العاهل المغربي الملك محمد السادس القاضية باتخاذ الإجراءات القانونية الضرورية قصد التأطير الحازم لعمليات الإحسان العمومي وتوزيع المساعدات، حسب بيان لوزارة الداخلية.

إيلاف من الرباط: عرف المغرب يوم الأحد الماضي حادث تدافع خلال توزيع مساعدات غذائية من طرف إحدى الجمعيات الإحسانية في قرية سيدي بولعلام في ضواحي مدينة الصويرة (شمال أغادير)، لقيت خلالها 15 امرأة مصرعهن، بينهن سيدات مسنات، وأصيبت 7 نساء بجروح. 

وأعلنت وزارة الداخلية عن فتح تحقيق في هذه النازلة من قبل النيابة العامة المختصة وكذا من قبل المفتشية العامة للإدارة الترابية، التابعة لوزارة الداخلية.

في هذا السياق، أعطى العاهل المغربي الملك محمد السادس تعليماته إلى رئيس الحكومة، وإلى وزير الداخلية وكذا إلى القطاعات المعنية، بهدف اتخاذ الإجراءات القانونية الضرورية بقصد التأطير الحازم لعمليات الإحسان العمومي وتوزيع المساعدات على الساكنة المعوزة.

وأشار بيان وزارة الداخلية إلى أن إجتماع اللجنة الوزارية، الذي ترأسه مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان، نيابة عن رئيس الحكومة الذي يوجد في مهمة رسمية خارج المغرب، وحضره وزير الداخلية، ووزير العدل، والأمين العام للحكومة، ووزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية والوزير المنتدب لدي رئيس الحكومة المكلف العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة، والوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، "خصص لتدارس الإطار المنظم للعمليات الإحسانية، بما يساهم في ملء الفراغ القانوني الذي يعرفه هذا التقليد المتجذر للتكافل والتضامن، والمحمود لدى المغاربة".

وخلف حادث التدافع الذي وقع في الصويرة صدمة قوية لدى المغاربة بسبب حجم الخسائر البشرية التي نتجت منه. وفي سياق إجابته عن أسئلة البرلمانيين اليوم في مجلس النواب بخصوص حادثة الصويرة، أكد عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، أن الدينامية التي يشهدها المجتمع المغربي أصبحت تستوجب وضع إطار قانوني ينظم العمل الإحساني مع الحرص على عدم المساس بأسس التكافل والتضامن المتأصلة في تقاليد المجتمع المغربي.

وأوضح لفتيت أن الملك محمد السادس أعطى تعليماته إلى الحكومة لكي تشرع في العمل على تأهيل القانون المتعلق بالإحسان العمومي وتوزيع المساعدات، لافتًا إلى أن الإحسان العمومي يؤطره قانون يعود إلى سنة 1971، فيما لايوجد أي قانون يؤطر عمليات توزيع المساعدات باستثناء دورية وحيدة لوزارة الداخلية لا تطبق في غالب الأحيان بشكل دقيق.

وأبرز وزير الداخلية أن المغرب أضحى في حاجة إلى هذا الإطار القانوني الذي من شأنه أن يفسح المجال أمام الجمعيات والأشخاص بأن ينخرطوا في هذا العمل، وفي نفس ينظم طريقة توزيع وجمع المساعدات.

وأشار إلى أن حادث التدافع الذي وقع يوم الأحد في قرية سيدي بولعلام بضواحي الصويرة، نجم على خلفية ارتفاع عدد المستفيدين من تلك المساعدات، لا سيما بعدما كانت الجمعية المعنية قد أعلنت بشكل قبلي عن توزيع هذه المساعدات، وهو ما أفضى إلى توافد أعداد كبيرة من الساكنة من مناطق مجاورة عدة بهدف الاستفادة من هذه المساعدات.

وسجل لفتيت بأن السلطات المختصة تدخلت في حينه، حيث تم نقل الضحايا إلى المستوصف القريب، ومن هناك إلى المستشفى الإقليمي لتقديم الإسعافات الأولية الضرورية، موضحًا أن الوضعية الصحية للحالات السبع للجرحى تعد حاليًا مستقرة.

وذكر بأن العاهل المغربي الملك محمد السادس أصدر تعليماته إلى السلطات المختصة لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة من أجل تقديم الدعم والمساعدة الضروريين إلى عائلات الضحايا وللمصابين، مشيرًا إلى أنه تم أيضًا فتح تحقيق قضائي تحت إشراف النيابة العامة، فيما بادرت وزارة الداخلية، من خلال المفتشية العامة للإدارة الترابية، من جانبها إلى فتح تحقيق إداري حول الحادث.

وأوضح وزير الداخلية أن التحقيقات جارية بهذا الشأن، وأنه سيتم الإعلان عن نتائجها للرأي العام الوطني فور الانتهاء منها، مشددًا على أن هذه التحقيقات هي التي ستكشف المسؤولية المباشرة وغير المباشرة وراء وقوع هذا الحادث المأساوي.

في سياق متصل، أفاد لفتيت بأن وزارة الداخلية تعمل حاليًا على وضع السجل الوطني للسكان والرقم الوطني الموحد، بما يتيح استهداف المساعدات للفئات الاجتماعية التي تستحق الاستفادة من الدعم الاجتماعي، مشيرًا إلى أن هاتين الآليتين ستكونان جاهزتين في "القريب العاجل".

تجدر الإشارة إلى أنه على أثر هذا الحادث، أصدر الملك محمد السادس تعليماته إلى السلطات المختصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة كافة من أجل تقديم الدعم والمساعدة الضروريين إلى عائلات الضحايا وإلى المصابين. كما قرر العاهل المغربي التكفل شخصيًا بلوازم دفن الضحايا ومآتم عزائهم وبتكاليف علاج المصابين.