اختتم مجلس التعاون الخليجي أعمال قمته السنوية الثلاثاء وسط أسوأ أزمة يشهدها منذ تأسيسه عام 1981 بتأكيد مقتضب على "وحدة الصف" بين أعضائه وإدانة "جميع الأعمال الإرهابية" التي تقوم بها إيران على حد تعبيره. 

إيلاف: حضر القمة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وسط غياب العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في وقت تعهدت الكويت بالاستمرار في جهود الوساطة لحل الخلاف الخليجي. 

القمة هي الأولى منذ قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر في 5 يونيو، علاقاتها بقطر بتهمة مساندة الإرهاب والتقارب مع ايران فأغلقت حدودها معها، وفرضت عقوبات اقتصادية عليها، وتقدمت بمجموعة من المطالب، بينها إغلاق قناة "الجزيرة". لكن الدوحة رفضت في اكثر من مناسبة تنفيذ المطالب ودعت الى الحوار.

حرص على التماسك
إلا أن البيان الختامي للقمة لم يتطرق مباشرة وبشكل مفصل إلى الأزمة الخليجية، بل اكتفى بالإشارة إلى "حرص المجلس الأعلى على دور مجلس التعاون وتماسكه ووحدة الصف بين أعضائه". 

وبينما قبل أمير قطر الدعوة لحضور القمة، أوفد الملك سلمان وزير خارجيته عادل الجبير قبل ساعات على انطلاق أعمال الاجتماع السنوي. 

ترأس وفد الإمارات وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش، فيما أوفدت البحرين نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة.

وبث التلفزيون الرسمي الكويتي مشاهد من استقبال أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الجبير في المطار بصفته رئيس الوفد السعودي. وأكد الشيخ صباح الذي قادت بلاده دون نتيجة حتى الآن محاولات وساطة لحل الأزمة أن الكويت ستواصل جهودها.

دعوة إلى تعديل نظام المجلس
وقال في افتتاح القمة "لقد عصفت بنا خلال الأشهر في الستة الماضية أحداث مؤلمة وتطورات سلبية ولكننا (...) استطعنا التهدئة وسنواصل هذا الدور". وأضاف "ولعل لقاءنا اليوم مدعاة لمواصلتنا لهذا الدور الذي يلبي آمال وتطلعات شعوبنا". ودعا إلى تعديل النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي لوضع آلية محددة لفض النزاعات بين الدول الأعضاء. 

اختصر الاجتماع الذي كان من المفترض أن يستمر حتى الأربعاء بيوم واحد. من جهته، قال قرقاش لوكالة فرانس برس على هامش القمة إنها تجري في ظل "ظروف حساسة" إلا أنه رأى في الاجتماع "خطوة ايجابية". 

زادت الشكوك بشأن مستقبل مجلس التعاون الخليجي مع إعلان الإمارات قبل ساعات من انطلاق القمة تشكيل "لجنة للتعاون" العسكري والاقتصادي مع السعودية. وافاد مرسوم اعلنه رئيس الامارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ان اللجنة ستكون مكلفة "التعاون والتنسيق" بين البلدين في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية.

تأسس المجلس عام 1981، وهو تحالف سياسي واقتصادي يضم قطر والبحرين والسعودية والامارات اضافة إلى سلطنة عمان والكويت.

إدانة ايران
تهيمن السعودية على المجلس الذي يعد ثقلا موازيا لايران التي دان البيان الختامي للقمة "جميع الأعمال الإرهابية التي تقوم بها" إضافة إلى ما وصفه بـ"تدخلاتها المستمرة في الشؤون الداخلية للدول العربية، والتي من شأنها تغذية النزاعات الطائفية والمذهبية".

ودعا البيان طهران إلى "الكف والامتناع عن دعم الجماعات التي تؤجج هذه النزاعات، لاسيما في دول الخليج العربي، ومطالبتها بإيقاف دعم وتمويل وتسليح المليشيات والتنظيمات الإرهابية في الدول العربية". 

من جهة أخرى، أكد على "مواجهة الإرهاب والتطرف" و"العمل على تجفيف مصادر تمويله". والاثنين شارك وزيرا خارجية السعودية وقطر في اول اجتماع لهما منذ اندلاع الازمة الدبلوماسية في يونيو، بحضور الوزير العماني للشؤون الخارجية يوسف بن علوي الذي جلس بينهما، اضافة الى وزراء خارجية الامارات والبحرين والكويت.

وبعد قطع كل العلاقات مع قطر، فرضت السعودية وحلفاؤها حصارا بريا وبحريا وجويا على قطر وأعلنت لائحة من 13 مطلبا شرطا لرفع الحصار. وطالبت البحرين في اكتوبر بتعليق عضوية قطر في مجلس التعاون حتى قبولها المطالب.

خطر الانهيار
ويحذر الخبراء من أن الازمة يمكن ان تؤدي الى انهيار مجلس التعاون الخليجي. وقال ياسر فرج رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية الكويتي "ان اسباب وجود مجلس التعاون الخليجي في ظل ازمة مستدامة، تصبح غير ذات مغزى". أضاف "طالما ان عدونا تغير من إيران الى قطر، فإن مجلس التعاون الخليجي لن يستمر".

وقد يهدد مستقبله كذلك تأخر اعضاء المجلس في تنفيذ خطط الدمج الاقتصادي. وأقرت الدول الخليجية اتحادا جمركيا وعملة موحدة وسوقا واحدا وبنكا مركزيا موحدا، لكن معظم هذه القرارات بقيت حبرا على ورق.

وفي اجتماع الاثنين، أكد وزير خارجية الكويت صباح الخالد الصباح تصميم الدول الاعضاء الحفاظ على المجلس. وقال "مجلس التعاون مشروع دائم لبناء مواطنة خليجية واحدة وقوية".