واشنطن: عين الرئيس الاميركي دونالد ترامب الثلاثاء القاضي نيل غورستش في المقعد التاسع في المحكمة الأميركية العليا، مرجحا بذلك كفة المحافظين في المؤسسة التي تبت بالمسائل الكبرى في المجتمع الأميركي.

وقال ترامب لدى إعلانه التعيين في البيت الأبيض إن "القاضي غورستش يمتلك قدرات قانونية غير عادية، وروحا لامعة، وانضباطا ملحوظا". وذكر ترامب بأن "قاضيا في المحكمة العليا (الذي يعين مدى الحياة) يمكن أن ينشط لمدة 50 عاما، ويمكن لقراراته أن يكون لها تأثير لمدة قرن أو أكثر".

وقال غورستش (49 عاما) من جهته "أريد أن أعرب عن امتناني لعائلتي وأصدقائي وإيماني"، معربا عن شعوره "بالتكريم والتواضع". وتعد المحكمة العليا حامية دستور الولايات المتحدة ويعين كل عضو فيها مدى الحياة بقرار من الرئيس قبل ان يتم تثبيته عبر تصويت في مجلس الشيوخ الذي يشكل الحزب الجمهوري الغالبية فيه حاليا. 

وسيدفع تعيين غورستش المحكمة باتجاه اليمين ربما لجيل كامل، ما يلقى ارتياحا لدى المتدينين التقليديين والمدافعين عن حيازة الاسلحة النارية وانصار العمل بعقوبة الاعدام واصحاب المصالح المالية النافذة.

تسديد دين للناخبين 
ووعد غورستش الذي ستكون جميع مواقفه قيد الرقابة من مجلس الشيوخ بان يكون "خادما مخلصا" للدستور الاميركي. ودعا ترامب القاضي الجديد وزوجته للحضور امام الجمهور في احدى غرف البيت الابيض، مشيدا بغورستش الذي "كان بامكانه الحصول على وظيفة في اي شركة قانونية ومقابل اي مبلغ من المال، الا انه اراد ان يكون قاضيا، ان يكتب قرارات ويحدث تأثيرا عبر التمسك بقوانيننا ودستورنا". ويعد غورستش اختيارا تقليديا بالنسبة للرئيس الذي اتخذ منذ وصوله الى الحكم سلسلة قرارات خارجة عن المألوف.

ومنذ عام، لا تضم المحكمة الواقعة على تلة الكابيتول في واشنطن سوى ثمانية قضاة، هم اربعة محافظون واربعة تقدميون، وكانت ما زالت تعمل لكن مهددة بالتعطيل. وانخفض عدد اعضائها الى ثمانية بوفاة انتونين سكاليا، احد دعائم اليمين المحافظ، في فبراير 2016. وسيحل غورستش محله.

ويشابه غورستش باسلوبه، وبفكره القانوني القائم على العودة الى أصل المعنى والهدف من بنود الدستور، سلفه سكاليا الذي يصفه بـ"أسد القانون". ويعتبر خيار ترامب بمثابة تسديد دين للمسيحيين الانجيليين والجمهوريين المحافظين الذين دعموا وصوله إلى الرئاسة. 

وقال ان "ملايين الناخبين اعتبروا ان هذه المسألة هي الاهم بالنسبة اليهم عندما صوتوا لي كرئيس"، مضيفا "انا افعل ما اقول، وهو ما كان ينتظره الناس من واشنطن منذ مدة طويلة جدا". وباعتبار ان عددا من القضاة الحاليين متقدمون بالعمر، يرجح ان يقوم ترامب بتعيينات اخرى في المحكمة خلال فترة حكمه، ما قد يعيد تشكيل توجهاتها لجيل مقبل. 

ورغم تعيينهم من الرئيس، يتمتع القضاة عادة بالاستقلالية، حتى ان بعضا منهم عبروا عن مواقف سياسية مفاجئة. اما غورستش، فيقدم نفسه على انه شخص منصف وناقد لذاته. وقال مازحا ان "القاضي الذي يرضى عن كل نتيجة يصل اليها هو على الغالب قاض سيء، إذ يصل إلى النتائج التي يفضلها بدلا من تلك التي يتطلب القانون الوصول اليها". 

شكوك جدية
ويرجح ان تنبع غالبية المعارضة الديموقراطية التي سيواجهها غورستش من تصرفات الجمهوريين بعد وفاة سكاليا. ففيما رشح الرئيس الديموقراطي السابق باراك اوباما القاضي ميريك غارلاند في مارس ليشغل المقعد الشاغر خلفا لسكاليا، رفض مجلس الشيوخ تثبيته.

ويشغل الجمهوريون 52 مقعدا في مجلس الشيوخ، لكنهم يحتاجون ستين صوتا للمصادقة على القاضي الذي سيعينه ترامب. يعني ذلك انه يتعين على غورستش كسب بعض الاصوات الديموقراطية، وهو ما يتوقع ان يصعب تحقيقه عقب الخلاف السائد بعد اصدار ترامب قرارا تنفيذيا يمنع دخول مواطني سبع دول ذات غالبية سكانية مسلمة الى الولايات المتحدة بشكل موقت.

في هذا السياق، قال زعيم كتلة الديموقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر "في غضون اكثر من اسبوع بقليل منذ بدء رئاسة ترامب، انتهكت الادارة الجديدة قيمنا الاساسية، وتحدت مبدأ الفصل بين السلطات، واختبرت نسيج دستورنا باسلوب غير مسبوق".

وتابع انه يتعين على "غورستش ان يثبت بانه ضمن التيار القانوني" وان "يدافع بقوة عن الدستور في وجه انتهاكات (القرارات) التنفيذية". لكنه اضاف "نظرا الى سجله، لدي شكوك جدية بشأن قدرة القاضي غورستش على تلبية هذا المعيار". 

ووصفت زعيمة الاقلية الديموقراطية نانسي بيلوسي القاضي الجديد على انه "معاد لحقوق المرأة"، مضيفة ان "سجل القاضي غورستش يظهر انه يملك آراء راديكالية بعيدة تماما عن تيار الفكر القانوني الاميركي". ولكن على الضفة الاخرى، رحب الجمهوريون بالقرار.

وأشاد زعيم الاكثرية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونل بـ"الخلفية المبهرة والسجل الطويل (لغورستش) لتطبيق القانون والدستور بامانة". واضاف "عندما ثبته مجلس الشيوخ سابقا في محكمة الاستئناف، تمتع بدعم كبير من الحزبين" في المجلس.