بغداد: منعت العتبةُ العلويّة التي تقيم وترعى معرض النجف الاشرف الدولي للكتاب بدورته التاسعة مؤلفات السيد محمد حسين فضل الله من المشاركة في معرض النجف الاشرف الدولي للكتاب، وهذا ما أكّده المركز الإسلامي الثقافي الذي يتولى نشر مؤلفات فضل الله، موضحا ان لجنة السلامة الفكرية هي التي استبعدته .

&أثار &منع مؤلفات الفقيه المجدّد المرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله من المشاركة في معرض النجف الاشرف الدولي للكتاب استغرابا في الأوساط الثقافية والإعلامية لأسباب لم تفصح عنها لجنة السلامة الفكرية التي استبعدت مؤلفات فضل الله، وأعرب الكثير من المثقفين والإعلاميين والناشطين المدنيين عن استغرابهم لهذا المنع الذي لا مبرر له خاصة لان افكار المرجع فضل الله توصف بـ المجددة والمستنيرة، حيث أعلن المركز الإسلامي الثقافي في النجف الاشرف ان لجنة السلامة الفكرية المشرفة على المشاركين في المعرض السنوي الذي تقيمه العتبة العلوية للكتاب استبعدت هذا العام كلا من المركز الإسلامي الثقافي ومركز بن ادريس الحلي من المشاركة.

وأعلن مدير المركز حيدر السعبري : "أن المركز على الرغم من اكمال كافة الاجراءات التي سبقت انطلاق المعرض إلا أننا استغربنا عدم تواصل اللجنة المشرفة معنا وابلاغنا عن تخصيص جناح خاص لمعرضنا" ،وأضاف السعبري: "لم يكن مركزنا الوحيد الذي استبعد بل شمل مركز بن الادريس الحلي للتنمية الفقهية والثقافية".

&كما بعث المركز الإسلامي الثقافي رسالة عنونها الى (احبتنا رواد جناح المركز الإسلامي الثقافي في معرض الكتاب الذي يقام باسم العتبة العلوية) جاء فيها : نود اعلامكم بعدم مشاركتنا في المعرض لهذه الدورة بسبب (قرارات لجنة السلامة الفكرية) وستبقى قلوبنا مفتوحة لكم في مراكزنا الثقافية لنلتقي على الحب والخير للعمل على نشر الثقافة الإسلامية في خط أهل البيت (ع) بطريقة حضارية واعية تحترم الاخر وتناقش الفكر بالفكر بعيدا عن التعصب والإرهاب الفكري".

وقد عدّ البعض هذا المنع بمثابة مساهمة بنشر أفكاره وكتبه لاسيما ان الكثيرين بدأوا يرددون مقولة للسيد الخوئي قال فيها (كل من غادر النجف خسر النجف الا السيد محمد حسين فضل الله خسرته النجف)، مستغربين هذا الموقف المناهض لحرية الفكر التي كفلها الدستور ، معتبرين معارض الكتاب عبارة عن مناهل فكرية تبيح للقارئ الاطلاع على مختلف الافكار ليختار منها ما يناسبه.

الخوف من الآخر&

من جهته، قال الكاتب عبد الهادي المظفر، يقول الأمين العام للعتبة العلوي : "ما أحوجنا اليوم لكتاب علمٍ ينتفعُ به وينشر الوعي لدى المجتمع".

وأضاف: "منذ عام 2003 و نحن لم ننفكّْ نطالب برفع الحظر عن الكتاب العراقي ليأخذ صداه مع المنشورات العربية&، منذ 2003 و للآن عجزت الدولة العراقية و البرلمان العراقي عن تخصيص نصف ساعة من ( وقتهم الثمين ) لمناقشة قانون حزب البعث المنحل في تقييد حركة الكتاب عربياً فما بالك عالمياً؟".

&واضاف: "نصف ساعةٍ فقط أسوةً بقانون الرواتب ذي الخمس دقائق !، نتفاجأ هذا العام بصدور النسخة التاسعة لمهرجان العتبة العلويّة المقدسة الخالية من دور نشر مهمة منها منشورات المركز الإسلامي المتخصصة في نشر نتاجات المرجع الشيعي الكبير المحمد حسين فضل الله رحمه الله بعد أن أقصَتْ فيما سبق دار الجمل من دعواتها والتي حظيتْ بإقبالٍ جماهيريٍ متعطّش للآخر المختلف في دورته الأولى".

وتابع :" إن الخوف من الآخر المختلف يحمل بعدين اثنين لا ثالث لهما :اولا : ضعف المنظومة الفكرية لرعاة المهرجان لدرجة الخوف من كلماتٍ مخبوءة في صفحات الرفوف إزاء الإمكانات التي يمتلكونها من خطباء و فضائيات و أموال تُنفق للمؤلفة قلوبهم ! ،وثانيا : إن العتبة تسرّعت كثيراً بحيث أوكلت الأمر التنظيمي لأشخاصٍ تصرّفوا بشكل شخصي مزاجي لا علاقة له بالعمل المؤسساتي الذي غالباً ما يتبجّح بقبول المختلف الديني لا الفكري فحسب!" .

واضاف ايضا: "إننا وفي الوقت الذي كنّا نتطلّع إلى صدور معرض الكتاب بنسخته التاسعة نعلن&و تضامناً مع حريّة الفكر والعقيدة و التعبير التي ضمنتها المواد الدستورية التشريعية المُلزمة لجميع مواطني هذي البلاد، من هذا المُنطلق وككتّاب وأدباء وطبيعة مجتمع نُعلن مقاطعتنا لهذا المعرض لحينِ إصدار توضيح من قبل العتبة العلوية المقدّسة".

موقف غير موفق&

اما الكاتب علي نجف فقال: "بعد قرار منع مؤلفات السيد محمد حسين فضل الله والسيد كمال الحيدري من المشاركة في معرض الكتب في النجف الذي يُقام سنوياً تحت اشراف العتبة العلوية ؛كان هناك ضجة في مواقع التواصل فقام الاشراف بعرض بعض الكتب للسيدين في المعرض كي يكذبوا الخبر الأول وكانت هذه الكتب عبارة عن كُتيبات ورقية وخطب عامة وليست من الكتب الضخمة التي تحمل فكراً ورسائل تحمل الكثير من التصحيحات المنطقية للسلوك الإسلامي الحديث".

واضاف: "انا لست من مقلدي فضل الله ولدي الكثير من نقاط الاشكال عليه، ولست كذلك من اتباع كمال الحيدري لكن هذه الفقرة هي من أكبر نشاطات الحجري الفكري".

&وتابع: إنه موقف غير موفق جداً ،نحن ندرك حجم الفجوة التي بين مدرسة النجف وبين خط فضل الله والحيدري ونعلم مقدار التنافس السلبي بينهم وكيف يتراشقون بينهم لكن هذه القضية فعلاً مشينة وتصل لحد ما كانت الناس تتصور الوصول اليه وحتى موقفهم المهزوم الذي جبرهم على تكذيب الخبر وإنزال بعض الكتب يكشف مقدار السوء.

الفضول للمطالعة&

&من جهته قال أسامة الساعدي: &منع دخول بعض الكتب إلى المعارض أو الدول يدلّ على بساطة في التفكير. لقد كان هذا الأسلوب نافعاً حينما كان الكتاب ( ورقياً ) فقط؛ أما في عصر الانترنت وهذا التفجر الإلكتروني وتوفّر آلاف بل ملايين الكتب المصوّرة بضغطة زر؛ فلم يعد بإمكان أي أحد منع الناس من الوصول إلى الكتب.

واضاف: من فوائد منع الكتاب التي لا ينتبه لها هؤلاء هو أن المنع يُلفت انتباه الناس إلى هذا الكتاب ومؤلفه؛ ويُثير في نفوسهم الفضول لمطالعته وقراءة أفكاره.

&وانطلق يوم الجمعة الموافق 9-3-2017 معرض النجف الاشرف الدولي التاسع للكتاب تحت عنوان "المعرفة حشد ذخيرتها الكتاب" بمشاركة العديد من دور النشر المحلية والعربية والعالمية.

&شارك في المعرض بدورته التاسعة أكثر من (50) ألف عنوان كتاب في مختلف العلوم التطبيقيّة والعلميّة والدينيّة والسياسيّة وجناح خاصّ بالأطفال، وتستمرّ الفعاليّات لمدّة (10) أيام بمشاركة (230) دارَ نشرٍ محليّة وعربيّة ودوليّة بزيادة (30) دارَ نشرٍ عن الدورة السابقة، والدولية منها قادمة من: الكويت وإيران وسوريا ولبنان ومصر والأردن فضلاً عن دور نشرٍ من كندا وبريطانيا". &

يذكر ان محمد حسين فضل الله ولد في مدينة النجف الأشرف عام 1935، وفي سن التاسعة بدأ دراسته في حوزتها إلى حين بلوغه السادسة عشرة ليبدأ تلقي دروس في بحث الخارج وهي درجة عليا في العلوم الدينية لدى الطائفة الشيعية. ويعد &من أكثر علماء الشيعة انفتاحاً على التيارات الأخرى، بدأ التدريس العلمي كأستاذ للفقه والأصول في النجف، ومن ثم شرع في تدريس بحث الخارج منذ ما يقارب العشرين عاماً ويحضر دروسه طلاب من شتى أنحاء العالم الإسلامي عموماً والعربي على وجه الخصوص وتخرج على يديه كثير من علماء الشيعة البارزين.في العام 1966 عاد إلى لبنان ليؤسس حوزة المعهد الشرعي الإسلامي وجمعيات خيرية ومبرات للأيتام، وكان دائم التواصل مع جمهوره والقنوات الاعلامية والندوات الفكرية والاجتماعية ، كما ان لديه عدة اصدارات شعرية.وبعد سقوط نظام صدام، دأب على فتح الكثير من المراكز والمكاتب التي تعنى بكفالة الايتام في العراق، وهي منتشرة في العشرات من المدن العراقية.