بغداد: حققت القوات العراقية انتصارات كبيرة منذ انطلاق عملية استعادة الموصل من سيطرة تنظيم "داعش" قبل ستة أشهر، لكن معركة طرد "الجهاديين" من ثاني مدن البلاد مازالت مستمرة.

ورغم مرور ستة اشهر على انطلاق معركة استعادة الموصل، آخر اكبر معاقل "الجهاديين" في البلاد، مازالت المواجهات مستمرة في مناطق مكتظة يتواجد فيها "الجهاديون"، الذين مازالوا يسيطرون على مناطق اخرى في العراق وسوريا.

وقد يحتفظ هؤلاء بقدرتهم على شن هجمات في العراق رغم عدم سيطرتهم على مناطق كبيرة، كما أن الآثار الناجمة عن المعارك التي حصدت ارواحًا كثيرة، وادت الى نزوح ودمار، ستبقى حتى بعد انتهاء القتال.

وقال باتريك مارتن، المحلل في معهد "دراسات الحرب"، إن القوات العراقية والتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، "يقتربان من نهاية عملية استعادة الموصل".

واضاف لكن "ستكون استعادة الاحياء الاخيرة اكثر صعوبة خصوصًا المدينة القديمة والاحياء المتبقية في شمال غرب الموصل".

وكان التقدم الذي حققته القوات الامنية في المدينة القديمة، حيث المباني متلاصقة والازقة ضيقة مع مئات الآلاف من المدنيين، الاكثر صعوبة وبطئًا مقارنة بما تحقق خلال استعادة الجانب الشرقي من الموصل.

وقال الضابط الاميركي الكبير في التحالف الدولي ريك يوريبي عن العملية في المدينة القديمة، "لا يمكن استخدام آليات هناك. لذا، فإن العملية ستكون راجلة ما يجعلها (المعركة) صعبة جدًا للقيام بأي مناورة هناك".

واوضح ان تقدم القوات العراقية يكون "احيانًا خمسين مترًا (...) ويعتبر ذلك يوماً عظيماً" .

وبدأت القوات العراقية في 17 اكتوبر عملية انطلاق من جنوب وشرق وشمال الموصل وتمكنت مطلع العام الحالي من استعادة الجانب الشرقي من المدينة.

وتشارك وحدات عسكرية ابرزها من جهاز مكافحة الارهاب، الى جانب قوات الرد السريع التابعة لوزارة الداخلية والجيش والشرطة في معركة الموصل.

تهديدات "الجهاديين" مستمرة

شاركت قوات البشمركة الكردية خلال الايام الاولى من المعركة لكنها توقفت بعد ذلك، فيما تقوم قوات الحشد الشعبي، فصائل شيعية تدعمها ايران، بالتحرك في مناطق محيطة ببلدة تلعفر الواقعة الى الغرب من الموصل، وما زالت تحت سيطرة "الجهاديين".

وتوجهت القوات العراقية بعد استعادتها الجانب الشرقي من الموصل الى الجانب الغربي من المدينة.

وخلفت المعارك الدائرة في غرب المدينة منذ 19 من فبراير، عددًا كبيرًا من الضحايا المدنيين بين قتلى وجرحى، كما اجبرت اكثر من 200 الف مدني على النزوح من منازلهم.

وقال التحالف الدولي انه "ربما" يكون متورطًا في سقوط مدنيين في الموصل، حيث يرغم الجهاديون سكانا في الجانب الغربي على البقاء محاصرين امام هجمات القوات الامنية .

واستعادة الموصل من سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية ضربة قاسية "للجهاديين"، لكنها لن تكون نهاية الحرب ضد هذا التنظيم.

وقال الجنرال يوريبي إن "حسم معركة الموصل فقط لا يعني ان داعش انتهى في العراق".

واضاف: "لا تزال هناك مناطق أخرى في العراق (...) بحاجة الى تطهيرها و(...) القوات العراقية تتأهب لهذا الاحتمال (...) تعلم بأن ذلك سيحين اوانه".

من جانبه، قال العميد يحيى رسول المتحدث باسم قيادة القوات المشتركة خلال مؤتمر صحافي مؤخراً: "لن نترك أي منطقة تحت سيطرة هذا التنظيم الارهابي".

آلاف النازحين

يسيطر تنظيم الدولة الاسلامية على مناطق في محافظة كركوك وغرب الموصل وأخرى متفرقة في محافظة الانبار في غرب البلاد، كما يسيطر على مدينة الرقة ومناطق أخرى في الجارة سوريا.

ولن يمثل فقدان "الجهاديين" سيطرتهم على هذه المناطق نهاية خطر التفجيرات والهجمات التي يشنها هذا التنظيم.

ويرى مارتن أن "النجاحات في الموصل تغطي نجاح (الجهاديين) في محافظات عراقية أخرى".

واضاف ان "الجهاديين"، "أعادوا تشكيل قدرات هجومية في ديالى ووسط صلاح الدين"، مشيرًا الى محافظات استعادتها القوات العراقية في اوقات سابقة من قبضة تنظيم الدولة الاسلامية.

وسيواجه العراق في مرحلة ما بعد استعادة الموصل، قضايا سياسية شائكة مثل الصراع على المناطق، التي تمت استعادة السيطرة عليها، وتطالب حكومة اقليم كردستان بإلحاقها بها، فيما ترفض بغداد هذا الامر.

كما سيبقى تأثير الحرب واضحًا على البلاد لسنوات قادمة، ممثلاً بالقتلى والجرحى والمفقودين من المدنيين والازمة الناجمة عن مئات الآلاف من النازحين، والدمار الذي لحق بمنازل ومحلات تجارية وما يتطلبه اعادة البنى التحتية الى جانب اطفال اضاعوا سنوات من الدراسة.