باريس:&أحيا العالم الاثنين ذكرى عيد العمال&وعمّت التظاهرات والمسيرات دول عدة تحت مختلف الشعارات، حيث بدت في فرنسا تعبئة ضد المرشحين للدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، فيما تتخذ في فنزويلا طابع تحدٍ للرئيس نيكولاس مادورو.

وشكلت هذه المناسبة موعدًا للعديد من الفرنسيين لاظهار تعبئتهم ضد المرشحين للانتخابات الرئاسية ايمانويل ماكرون ومارين لوبان قبل ستة أيام من الدورة الثانية المرتقبة الاحد.&فبعد 15 عامًا على صدمة وصول الرئيس السابق للجبهة الوطنية إلى عتبة قصر الإليزيه، تنقسم النقابات حول تعليمات التصويت وشعار التعبئة التقليدية بمناسبة عيد العمل.

فهناك من جهة "الكونفدرالية الفرنسية الديموقراطية للعمل" و"الاتحاد الوطني للنقابات المستقلة"، اللذان دعيا إلى التصويت لماكرون. وتنظم النقابتان تجمعًا مع "اتحاد الجمعيات العامة الطلابية" في شمال شرق باريس من أجل "رفض الرؤية الرجعية والانطوائية للجبهة الوطنية".

في المقابل، هناك "الكونفدرالية العامة للعمل" و"الفدرالية النقابية الموحدة" واتحاد "متضامنون" و"القوة العاملة"، وهما أربعة تنظيمات نقابية أكثر ميلاً إلى اليسار، وقد دعت الثلاثة الأولى إلى "تشكيل سد" بوجه مارين لوبان، من دون الدعوة صراحة إلى التصويت لمرشح حركة "إلى الأمام!"، فيما امتنعت "القوة العاملة" عن إعطاء تعليمات، التزامًا منها بنهج الاستقلال عن الأحزاب السياسية، الذي تتبعه تقليديًا.

وإن كانت التشكيلات الأربعة تنظم مسيرة مشتركة اعتبارًا من الساعة 14,30 (12,30 ت غ) من ساحة "لا ريبوبليك" إلى ساحة "لا ناسيون" في شرق باريس للمطالبة بوقف "التراجع الاجتماعي الذي يخلق ارضًا خصبة لليمين المتطرف"، إلا أنها قد تشهد تحركات من داخلها تتخطاها هي نفسها.

صدامات في باريس
اندلعت صدامات بين شبان مقنعين وقوات الامن في باريس الاثنين، واسفرت عن اصابة اثنين من عناصر الشرطة بجروح، كما ذكرت مديرية الشرطة، على هامش مسيرة بمناسبة عيد العمال في الاول من مايو، وقبل ستة ايام من الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية الفرنسية.

وقالت الشرطة ان "افرادا ملثمين ومقنعين ألقوا مقذوفات وزجاجات مولوتوف على قوات الامن" التي ردت "باستخدام قنابل مسيلة للدموع". واوضحت ان اثنين من عناصر الشرطة قد أصيبا بجروح.

جرت المسيرة بدعوة من اربع نقابات وسارت تحت لافتة كتب عليها "لا للتراجع الاجتماعي الذي يشكل تربة خصبة لليمين المتطرف". واجبرت على التوقف مرات عدة بسبب قيام متظاهرين كانوا الى جانب التظاهرة برشق الشرطة بالمقذوفات وزجاجات المولوتوف.

وخلافا لما حصل عام 2002 لدى الاستعداد للدورة الثانية عندما توحدت النقابات بمواجهة مرشح الجبهة الوطنية جان ماري لوبان، فانها اليوم، ولو كانت متفقة على عدم تأييد ابنته مارين لوبان، لم تصدر موقفا موحدا بتأييد منافسها ايمانويل ماكرون.

مليون ونصف في موسكو
كما شارك نحو مليون ونصف مليون روسي الاثنين في مسيرة في وسط موسكو بمناسبة عيد العمال، وهو رقم تجاوز بكثير عدد المشاركين في السنوات السابقة، حسب ما اعلنت الشرطة الروسية. وقالت الشرطة في بيان نقلته وكالة انترفاكس الروسية للانباء "شارك نحو مليون شخص ونصف مليون في مسيرة الاول من مايو" في موسكو.

وسار المتظاهرون في الساحة الحمراء وسط طقس جميل وهم يحملون الاعلام الروسية والبالونات.وفي العامين 2015 و2016 لم يشارك في تظاهرة عيد العمال في العاصمة الروسية سوى نحو مئة الف شخص، حسب ارقام الشرطة. وقال ضابط سابق في الجيش الروسي وهو يشارك في المسيرة لوكالة فرانس برس "بالنسبة اليّ لن انسى ابدا هذه المسيرة التاريخية".

حمل بعض المتظاهرين اعلامًا شيوعية وصور لينين، في حين اطلق اخرون شعارات ضد الحكومة على غرار فلاديسلاف ريازانتسييف احد قادة حركة "كتلة اليسار"، الذي قال "نحن ضد الرئيس بوتين، ولكننا لسنا ضده كشخص". وافادت السلطات الروسية ان نحو 2.6 مليون شخص شاركوا في مسيرات بمناسبة عيد العمال في انحاء البلاد كافة.

اضراب يوناني

وفي اليونان، أحيت نقابات العمال مناسبة الاول من مايو بمسيرات وإضراب مدته 24 ساعة، احتجاجًا على تدابير التقشف الجديدة في مقابل استمرار تلقي القروض الدولية.&وتظاهر حوالى عشرة آلاف شخص في اثينا و3500 &في تسالونيكي كما اعلنت الشرطة.

وأصدرت نقابة العاملين في القطاع العام، التي تحظى بنفوذ، بيانًا يؤكد أن "الحكومة والدائنين يمارسون ضغوطًا شديدة على الشعب والعمال منذ سبع سنوات".&وكانت النقابات دعت الخميس إلى إضراب عام في 17 مايو احتجاجًا على اجراءات التقشف الجديدة.

واثر ضغوط من دائنيها (الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي)، وافقت الحكومة في أبريل على خطوة تقشف جديدة بقيمة 3,6 مليارات يورو من خلال خفض معاشات التقاعد العام 2019 وزيادة الضرائب عام 2020.

غاز مسيل ورصاص واعتقالات في تركيا

اما في تركيا فاستخدمت الشرطة التركية الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي الاثنين لتفريق متظاهرين ارادوا السير الى ساحة تقسيم بوسط اسطنبول بمناسبة عيد العمال متحدين حظرا رسميا. واعلنت الشرطة &المحلية توقيف 165 شخصا بينهم 139 للمشاركة في "تظاهرات بلا ترخيص" في اسطنبول.

وحاولت الشرطة صد حوالى 200 متظاهر في حي غايريتيبين في الشطر الاوروبي من اسطنبول، حاولوا الوصول إلى ساحة تقسيم رغم حظر التظاهر فيها، بحسب صحافي في وكالة فرانس برس. ونفذت التظاهرات مجموعات يسارية مختلفة، رفعت لافتات تحمل شعارات معادية للحكومة مثل "يحيا الأول من أيار/مايو، لا للديكتاتور!" واحتجت على نتيجة استفتاء 16 ابريل الذي عزز صلاحيات الرئيس رجب طيب إردوغان.

وحظرت السلطات التظاهرة في ساحة تقسيم، فيما قطعت الشرطة الطرقات المؤدية اليها بالحواجز. بين الموقوفين امرأتان حاولتا اختراق الطوق الامني لرفع لافتات في الساحة، على ما نقلت وكالة دوغان الاخبارية الخاصة.

وقال مكتب محافظ اسطنبول في بيان ان مجموعات مخالفة للقانون حاولت التجمع في محيط ساحة تقسيم ومناطق أخرى في المدينة مستخدمة احتفالات عيد العمال "كغطاء" معلنا توقيف 207 اشخاص بالاجمال. كما صادرت الشرطة 40 زجاجة حارقة و17 قنبلة يدوية و176 قطعة مفرقعات وسبعة اقنعة. أضافت الشرطة ان مواطنا قتل في حادث وقع مع شاحنة مصفحة مزودة بخرطوم مياه.

وأفادت وكالة الاناضول عن نشر أكثر من 30 الف شرطي في اسطنبول وحدها الاثنين، فيما ناشد مكتب المحافظ المواطنين الامتناع عن تلبية دعوات التظاهر في مناطق لم تنل اذنا رسميا. وفتشت الشرطة المواطنين والسياح العابرين في ساحة تقسيم، فيما قطعت جميع الطرقات المؤدية اليها بحواجز معدنية.

كما لم تتوقف قطارات الانفاق في محطة ساحة تقسيم التي شكلت مركز تجمع لتظاهرات عيد العمال حتى حظرها العام 1977 بعدما قتل مجهولون 34 شخصا اثناء احدى المسيرات. وأجيزت التظاهرات مجددا في الساحة عام 2010 لتمنع مرة أخرى في أعقاب موجة احتجاجات واسعة مناهضة للحكومة عام 2013.

وقالت المتظاهرة سيفيم لوكالة فرانس برس "تعرض أهلنا لمجزرة في عيد العمال عام 1977، تعرض العمال لمجرزة"، مضيفة قبيل تدخل قوى الأمن في غايريتيبي "اننا ذاهبون إلى ساحة تقسيم لأنها ساحة مهمة للطبقة العاملة". وتاتي تظاهرات عيد العمال بعد استفتاء 16 ابريل الذي أقر تعديلا دستوريا يعزز صلاحيات الرئيس الذي فاز معسكره "نعم" بـ51,41% من الأصوات، مقابل 48,59 % لرافضيه.

واحتجت المعارضة على النتيجة منددة خصوصا بقرار المجلس الاعلى للانتخابات يوم الاستحقاق وقبل اغلاق مكاتب الاقتراع، احتساب البطاقات التي لا تحمل ختما رسميا. وقال المتظاهر يونس اوزغور انه يريد السير الى تقسيم احتجاجا على "المخالفات" التي شابت الاستفتاء، مضيفا "نشعر بالاستياء (...) ساحة تقسيم تحمل أهمية سياسية، وهم (السلطات) يخشون ذلك. تقسيم لنا".

في هذه الاثناء تجمع الاف الاشخاص في تظاهرة تم الترخيص لها في بكركوي قرب مطار اتاتورك في الشطر الاوروبي من اسطنبول. في انقرة تظاهر 6000 شخص على الاقل احتفالا بعيد العمال واحتجاجا على نتائج الاستفتاء فحملوا أحرفا كبرى شكلت كلمة "هاير" او "لا" بالتركية، على ما نقل مصور فرانس برس. كما رفع اخرون لافتات قالت "لا يعني لا". في وقت سابق أحيا حوالى 60 شخصا ذكرى 103 اشخاص قتلوا امام محطة القطارات المركزية في العاصمة التركية في اكتوبر في أسوأ اعتداء تشهده تركيا.

المعارضة الفنزويلية تتحدى مادورو
بدورها شاركت المعارضة الفنزويلية في مسيرات عدة الاثنين احتفاء بمرور شهر على تظاهراتها ضد الرئيس نيكولاس مادورو، في تحد للسلطات التي تنظم عادة تظاهرات مؤيدة لها بمناسبة عيد العمال في الاول من مايو. وانتشر عناصر الشرطة والدرك على الطرقات الرئيسة الى كراكاس، فيما نصبت حواجز معدنية على طول مسار التظاهرات. كذلك أغلقت 31 محطة مترو في العاصمة الفنزويلية.

وبعد شهر على اطلاق موجة الاحتجاجات للمطالبة بانتخابات جديدة ورحيل الرئيس الاشتراكي، اعلن معارضو التشافية (نسبة الى الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز، 1999-2013) عن مسيرات في جميع انحاء البلاد نحو مباني المحكمة العليا والهيئة الانتخابية. وبدأت أولى التجمعات تتشكل ظهرا في عدد من مدن البلاد.

وقال فريدي غيفارا نائب رئيس البرلمان، الهيئة الوحيدة الخاضعة لسيطرة المعارضة، ان "النظام يراهن على استنزافنا، ولذلك بعد شهر من المقاومة يجب ان نوجه رسالة باننا لا نزال أقوى". &في المقابل، يترأس مادورو تجمعا لمناصريه في ساحة بوليفار في وسط كراكاس التي تعتبر معقلا للسلطة، حيث بدأ الحشد بالقمصان الحمراء التي ترمز الى الحكومة يتشكل.

وأكد رئيس الدولة في برنامجه الاسبوعي الاحد ان "الاول من مايو هو للطبقة العاملة. وليس يوما للرأسمالية ولا لليمين". ومنذ الاول من ابريل عندما انطلقت هذه التظاهرات المعارضة، تخللت كل المسيرات تقريبا صدامات بين المتظاهرين وقوى الامن وأعمال نهب واطلاق الغاز المسيل للدموع والقاء قنابل حارقة. تضاف إلى ذلك أعمال العنف التي مارستها جماعات "كولكتيفوس" المؤلفة من مدنيين سلحتهم الحكومة، على ما أفادت المعارضة.&

وقتل 28 شخصا خلال أعمال العنف التي رافقت هذه التجمعات بحسب النيابة فيما اصيب مئات بجروح. وتم توقيف أكثر من ألف شخص، غالبيتهم لفترات وجيزة. وفيما تندد المعارضة بالقمع الذي تمارسه الحكومة، يتهمها مادورو بارتكاب "أعمال ارهابية" لتسهيل قيام انقلاب واتاحة المجال امام تدخل اجنبي تحت اشراف الولايات المتحدة.

وهذا التوتر السياسي في فنزويلا في الاسابيع الماضية يهز هذه الدولة النفطية التي تشهد اساسا نقصا في الادوية والمواد الغذائية وتشهد تضخما يعد من أعلى معدلات العالم، ويبلغ 720% عام 2017 بحسب آخر توقعات صندوق النقد الدولي. وعشية حلول &الاول من مايو أعلن مادورو الاحد عن زيادة جديدة للحد الأدنى للأجور بنسبة 60%. ويرغب سبعة فنزويليين من أصل عشرة برحيل الرئيس مادورو الذي تمتد ولايته حتى يناير 2019.

ما أشعل حركة الاحتجاج هذه هو قرار المحكمة العليا، المقربة من مادورو، في مارس الغاء صلاحيات البرلمان واعطاء كامل السلطات لمعسكر الرئاسة. وامام الانتقادات الدبلوماسية الواسعة واتهامات المعارضة بـ"حصول انقلاب"، تراجعت السلطة القضائية بعد 48 ساعة، لكن ذلك لم يهدئ غضب المناهضين لمادورو ولا الضغوط الدولية.

واتهم الرئيس الفنزويلي الذي يكثف دعواته الى الحوار، الاحد المعارضة برفض المشاركة فيه مشيدا في الوقت نفسه باقتراح البابا فرنسيس الذي ابدى السبت استعداده للتدخل من اجل تسهيل الحوار في فنزويلا. وقال مادورو في برنامجه الاسبوعي "ما ان أنطق كلمة +حوار+ يهربون (المعارضة) مذعورين. لا يريدون الحوار. بالأمس هاجموا البابا فرنسيس. أما أنا فأحترم التصريحات الصادرة منه".

وأكدت المعارضة الفنزويلية الاحد في رسالة الى البابا فرنسيس رفضها استئناف الحوار مع الرئيس مادورو بدون "ضمانات" حول صيغ هذا الحوار. وشكرت في الوقت نفسه الحبر الاعظم على "اهتمامه الدائم" بالشعب الفنزويلي. وفي هذه الرسالة نفت المعارضة المنضوية في ائتلاف "طاولة الوحدة الديموقراطية" ما قاله البابا السبت بشأن "انقسام" المعارضة الفنزويلية.&

وكان انريكي كابريليس، أحد القادة الاساسيين لطاولة الوحدة الديموقراطية، رفض السبت عرض الوساطة الذي قدمه البابا. من جهتها عبّرت ثماني دول في أميركا اللاتينية بينها البرازيل والارجنتين الأحد في بيان مشترك عن دعمها لاقتراح البابا لكن بشروط عدة، بينها وقف العنف وتحديد موعد للانتخابات. من جانب آخر ستسعى كراكاس التي بدأت الجمعة عملية خروجها من منظمة الدول الاميركية الى الحصول على دعم مجموعة دول اميركا اللاتينية والكاريبي خلال اجتماع استثنائي يعقد الثلاثاء في السلفادور.

آخر مسيرة في حكم كاسترو

تنظم الحكومة الكوبية مسيرتها التقليدية بمناسبة عيد العمل الاثنين في ساحة الثورة في هافانا، وستكون الاخيرة في حكم الرئيس راوول كاسترو والاولى منذ رحيل زعيم الثورة فيدل كاسترو.

ويشارك مئات آلاف الكوبيين في مسيرة في ساحة الثورة وسط الاعلام الحمراء والبيضاء والزرقاء وصور كاسترو.&وتوفي زعيم الثورة الكوبية في نوفمبر، فيما أعلن شقيقه راوول كاسترو انه سيتنحى في فبراير 2018 بعد أكثر من عقد في السلطة.

وعمد راوول كاسترو بحذر الى القيام بخطوات انفتاح في الاقتصاد، الذي تديره الدولة، وتقوية العلاقات الخارجية للبلاد خصوصًا عبر معاودة العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة.&لكن مسيرة الاثنين توحي بانتهاء حقبة. ومن غير الواضح من سيخلف راوول كاسترو السنة المقبلة.&وتشير تكهنات الى انه سيكون ميغيل دياز كانيل (56 عامًا) نائب رئيس مجلس الدولة، الذي يتولى حقائب وزارية ومهمات حزبية لكن ينقصه دعم الجيش الذي يعتبر أساسيًا.&