تؤدي الفوارق الطبقية في الرحلات الجوية إلى اندلاع الشغب أحيانًا على متن الطائرات، بين ركاب الدرجة الاقتصادية وركاب الدرجة الأولى، وهذا مرشح للتفاقم، كما تقول الدراسات الاجتماعية.


إيلاف من لندن: تتناقل الأنباء بين حين وآخر حوادث تقع على متن الطائرات وفي المطارات، مثل إنزال مسافر من الطائرة بالقوة أو انفجار أعمال شغب في صالات الانتظار.

يقول محللون إن ظاهرة "الغضب الجوي" أو "غضب الطيران" في القرن الحادي والعشرين هي ما كان يُسمى "هيستيريا" في القرن التاسع عشر. وتُعد الظاهرة دليل مرض في المجتمع، كما يذهبون.&

السفر جوًا اليوم مثال على الوضع الذي تكون مكانة الشخص المادية ظاهرة بجلاء فيه. ويمكن أن نلمسها في كل شيء، من الرشاوى التي يدفعها الأثرياء لتجاوز الخطوط الأمنية إلى صعودهم أولًا، فيما ينتظر الآخرون. ثم هناك المرور عبر مقاعد الدرجة الأولى المريحة إلى مقاعدة الدرجة الاقتصادية الضيقة.&

غضب جوي

اشارت دراسة لظاهرة الغضب الجوي إلى أن مسافرين على الدرجة الاقتصادية يكونون في أشد حالات الغضب حين يمرون بمقاعد الدرجة الأولى التي تذكرهم بتردي أحوالهم. لكنّ مسافري الدرجة الأولى أيضًا لا يقلون غضبًا من السماح لمسافري الدرجة الاقتصادية بالمرور عبر فضائهم الخاص، بدلًا من صعود الطائرة من باب في مؤخرة الطائرة.

البروفيسور روبرت سابولسكي، أستاذ علم الاعصاب في جامعة ستانفورد الاميركية، درس ضغط المكانة بين قرود البابون الافريقية بمراقبة التصنيفات الهرمية التي تستخدمها القرود العليا لكي يعرف كل قرد مكانه.&

ولاحظ سابولسكي أن الذكر المهيمن على المجموعة يضرب الذكر الأدنى مكانة منه، وهذا بدوره يلاحق الذكر الأضعف منه الذي ينتقم بممارسة العدوانية مع أنثى تعض بدورها انثى أصغر وأدنى مكانة منها.&

تنعكس هذه الآثار في استجابات هرمون الضغط النفسي. وفي الأغلب، يكون هذا الهرمون في أدنى مستوياته بين قرود الطبقة العليا وعلى النقيض من ذلك تكون الحيوانات ذات المكانة المتدنية مغمورة دائمًا بهرمونات الضغط النفسي. وتؤثر هذه الهرمونات بدورها في الصحة. فالقرود ذات المكانة المتدنية تعاني نقصًا في الكولسترول المفيد وارتفاع ضغط الدم وإعاقة جهاز المناعة، وكلها عوامل تقف وراء اسباب الموت الأكثر انتشارًا، مثل النوبة القلبية والجلطة الدماغية والأمراض المعدية وبعض أنواع السرطان.&

فارق الوفيات

حين سُئل سابولسكي إن كانت مثل هذه الدراسات ممكنة على البشر، أجاب مازحًا أن استخدام السهام المخدرة التي تُطلق على الحيوانات الهائجة لتنويمها قد يكون مفيدًا مع البشر إزاء بعض الحوادث التي تقع اليوم في الرحلات الجوية.

الطبيب والعالم البريطاني السير مايكل مارموت أجرى دراسة على موظفي الخدمة المدنية في بريطانيا، فوجد أن الفارق في معدل الوفيات يزيد أربع مرات بين الموظفين الكبار والموظفين الصغار. ونقلت صحيفة "غارديان" عن مارموت قوبه إن اللافت هو ليس الاختلاف بين القمة والقعر فحسب بل درجة الانحدار أيضًا.&
هذا يعني انه حتى المهنيين والتنفيذيين الأدنى مرتبة من كبار المدراء يكون معدل الوفيات بينهم أعلى منه بين مدرائهم. ويرتفع معدل الوفيات كلما تدنت درجة الموظف.

هناك عوامل أخرى مثل تعاطي المواد التي تسبب الادمان والنظام الغذائي غير الصحي، وهي عوامل اكثر انتشارًا بين ذوي المكانة الاجتماعية المتدنية. وهكذا يكون ضغط المكانة الاجتماعية والوظيفية أشد خطرًا على الصحة منه بين القرود، على الرغم من أن أغلبية البشر لا يتعرضون إلى الضرب أو العض من جانب مدرائهم.&

فوارق طبقية

يقول سابولسكي إن هناك سلسلة لا تنتهي من عوامل التذكير بمكانة الشخص، "فإن احدًا يمر بك في الشارع يكفي لتذكيرك بمكانتك المتدنية بغلاء ملبسه".

كما أن ظاهرة الفوارق الطبقية في المطارات هي نفسها جزء من العلاقات التي تزيد اللامساواة.

ويرى سابولسكي أن الغضب الجوي بين أفراد الطبقة العليا أسوأ في الحقيقة منه بين ذوي المكان المتدنية، لأنهم يشعرون بامتياز يجيز لهم أن يحنقوا، لكن هناك من يرى أن ذلك قد يكون تعبيرًا عن الخوف من فقدان مكانتهم العليا والخوف من ألا يستحقوها أصلًا، والخوف من غضب الأدنى مكانة.&

إذا استمر الأثرياء في أخذ حصة الأسد من المكاسب الاقتصادية وبناء عالم بلا طبقة وسطى، بل فئة صغيرة من الأغنياء وجمهرة كبيرة من الفقراء، فإن الغضب الجوي قد يمتد إلى الأرض، ولا يبقى مقتصرًا على السماء.

أعدّت "إيلاف" هذا التقرير عن "غارديان". الأصل منشور على الرابط التالي:

https://www.theguardian.com/us-news/2017/may/25/plane-rage-first-class-air-travel-united-passenger-removal