الرباط: قال ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي، إن تخليد بلده ليوم إفريقيا يحمل دلالات راسخة ورمزية عميقة يتقاسمها المغاربة مع مليار و200 مليون مواطن إفريقي، مؤكدا أن سنة 2017 كانت "استثنائية وفارقة بامتياز بفضل الانخراط الشخصي لجلالة الملك محمد السادس والتزامه القوي تجاه القارة".

وأضاف بوريطة، في كلمة بمناسبة يوم إفريقيا ، الذي نظمته وزارة الخارجية والتعاون الدولي اليوم الخميس بالرباط، تحت شعار: المغرب فاعل من أجل نهضة تامة في إفريقيا، أن التزام المغرب تجاه قارته الإفريقية ،كما يراها العاهل المغربي، "ليس فقط شعارات رنانة ولا خطابات فضفاضة، إنه انخراط في مشاريع ملموسة وعملية تعود بالنفع على السكان ، وتخلق الثروة وتساهم في التنمية".

وذكر بوريطة ،في كلمته أمام عدد من وزراء الحكومة المغربية ووزاء أفارقة وممثلي عدد من البعثات الدبلوماسية للدول العربية والإفريقية بالمملكة، أن المغرب وقع منذ سنة 1999 " 952 اتفاقية مع 80 بالمائة من الدول الإفريقية، تشمل مجالات تعاون عدة، منها التعليم العالي وتكوين الأطر والصحة والبنيات التحتية والطاقات المتجددة".

وزاد بوريطة موضحا أنه منذ سنة 2014 تم توقيع "426 اتفاقية مع 15 دولة إفريقية، بمشاركة 80 فاعلا اقتصاديا مغربيا من القطاعين العام والخاص ، مع 300 شريك إفريقي"، والتي همت إنشاء "34 ألف وحدة سكنية وإقامة 25 مشروعا اجتماعيا و6 برامج للتمويلات الصغرى".

دبلوماسيا، أكد بورطة أن الشبكة الدبلوماسية المغربية في إفريقيا تطورت، حيث "بلغت الآن 29 سفارة مشكلة ثلث الشبكة المغربية في العالم منها خمس سفارات جديدة فتحت سنة 2016"، وسجل بالمقابل، أن عدد سفارات الدول الإفريقية المعتمدة بالرباط بلغ "32 سفارة مما جعل الرباط عاصمة دبلوماسية إفريقية بامتياز"، على حد تعبيره.

وسجل وزير الخارجية المغربي بأن عدد المغاربة المقيمين بإفريقيا جنوب الصحراء تضاعف ثلاث مرات في ظرف 12 سنة، بحيث ارتفع من 15586 مقابل 4500 سنة 2005، وبموازاة ذلك، أكد بوريطة أنه جرت تسوية وضعية حوالي 26 ألف مواطن إفريقي بالمغرب خلال الشهر الأول من عملية تسوية أوضاع اللاجئين والمهاجرين الأفارقة، وما زال 20 ألفا قيد الدراسة في الشطر الثاني لعملية التسوية.

و أشار بوريطة إلى أن المغرب أقام مستشفيات عسكرية وأخرى ميدانية متعددة الاختصاصات في كل من جنوب السودان والصومال والكونغو الديمقراطية وغينيا والنيجر وغينيا بيساو وبوركينافاسو ومالي.

وفي الجانب الثقافي، قال بوريطة إنه تخرج من الجامعات المغربية حوالي 25 ألف طالب إفريقي، كما تم تكوين أزيد من 5 آلاف إطار إداري إفريقي في مختلف التخصصات، وأشار إلى أن السنة الحالية بلغ عدد المسجلين بمختلف التخصصات الجامعية في المدارس العليا ومعاهد التكوين المهني 8600 طالب إفريقي، يستفيد حوالي 80 بالمائة منهم من منح دعم تقدمها الدولة المغربية لهم. وأضاف أن معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات يقوم بتكوين "1000 طالب، 78 بالمائة منهم من نيجيريا ومالي والسنغال وكوت ديفوار وغينيا ورواندا وتنزانيا".

وفي الجانب العسكري، أبرز وزير الخارجية المغربي أن حوالي 1596 من القبعات الزرق المغاربة يعملون بالقارة الإفريقية، مبينا أنه منذ ستينيات القرن الماضي، بلغ عدد القبعات الزرق الذين تم نشرهم في إطار عمليات حفظ السلام بإفريقيا 60 ألف جندي مغربي شمل تدخلهم 6 مناطق مختلفة.

وعلى المستوى الاقتصادي، أكد بوريطة أن ثلثي الاستثمارات الخارجية المغربية موجهة لإفريقيا، حيث أصبح المغرب ثاني مستثمر إفريقي داخل القارة ، والأول بغرب إفريقيا، كما أعلن أن حجم التبادل التجاري مع الدول الإفريقية سجل نموا يقدر ب11 بالمائة خلال الفترة الممتدة من 2005 إلى 2015، كما تضاعف حجم التبادل التجاري بين المغرب والدول الإفريقية ما بين 2002 و2014 خمس مرات. 

وأضاف بوريطة أن دول القارة الإفريقية تعرف نشاط وحضور "أكثر من 1000 مقاولة مغربية استثمرت ما بين 2008 و2015، ما مجموعه 2,2 مليار دولار ، خاصة في إفريقيا جنوب الصحراء"، كما أكد وجود البنوك المغربية في أكثر من 26 بلدا إفريقيا.

وزاد بوريطة موضحا أن ميناء طنجة المتوسط، يوفر 34 خطا بحريا يوميا اتجاه 20 بلدا إفريقيا، فيما يوفر مطار محمد الخامس الدولي 32 رحلة يومية باتجاه مختلف عواصم القارة الإفريقية بمعدل 100 رحلة في الأسبوع.

بدوره ، قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، انه على الرغم من أن المغرب "غادر الاتحاد الإفريقي مكرها لظروف يعرفها ، فإن علاقة المغرب بإفريقيا منذ الاستقلال إلى اليوم "تنوعت مجالاتها، منها الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية والدينية والروحية"، معتبرا أن احتفال المغرب بيوم إفريقيا هذه السنة "له طعم خاص بعد أن عاد إلى الاتحاد الإفريقي".

وأوضح العثماني أن دول الجنوب "يمكن أن تتحرك وتحقق الشيء الكثير عن طريق التعاون المشترك . وأضاف "لو كان للمغرب نظرة مصلحية فقط اتجاه إفريقيا، لما بذل جهودا للتعاون في المجال الثقافي والديني والروحي". 

وأشار العثماني الى أن القطاع الخاص المغربي يقوم بجهود كبيرة ، مشددا على أن التعاون بين دول الجنوب "يمكن أن يحقق الشيء الكثير لشعوب إفريقيا"، ودعا الى مضاعفة الجهود لتعزيز هذا التعاون. 

وشهد إحياء المغرب ليوم إفريقيا ايضا تنظيم مائدتين مستديرتين لمناقشة موضوع الأمن والسلام والتنمية البشرية بدول القارة الإفريقية، حيث عرفت تقديم عدد من المداخلات التي أدلى بها عدد من الوزراء والمسؤولين في حكومات عدد من البلدان الإفريقية، بالإضافة إلى مداخلات عدد من الأكاديميين والباحثين الذين قاربوا التحديات التي تواجه الأمن والسلام بالقارة السمراء، بالإضافة إلى سبل تحقيق التنمية الاقتصادية وتحسين الظروف المعيشية لشعوب المنطقة التي تعاني الفقر والهشاشة.