إيلاف من لندن: يحذر علماء من ان أطفالنا سيرثون عالماً تقرر فيه المتابعات على فايسبوك ما إذا كنتَ مؤهلا للحصول على قرض أو فرصة عمل، ويلاحقك الذكاء الاصطناعي طيلة حياتك يراقب كل نأمة تقوم بها ويحللها ويعيد تسويقها.

وأصبحت هذه البرمجيات والغورثمات الآن جزءا من النسيج الاجتماعي، في حين ان القيم والحقوق والحريات التي تكتبها لا تقل أهمية عن قوانيننا. بل انها بدأت تحدّد مَنْ نكون.

ويتساءل الفيلسوف البريطاني المختص بالتكنولوجيا الدكتور توم تشادفيلد متى كانت آخر مرة أمضيتَ فيها يومك أو حتى بضع ساعات منه دون ان تنظر الى هاتفك؟ 

فالهاتف أول شيء يلمسه كثيرون منا حين نستيقظ في الصباح وآخر شيء نلمسه قبل النوم. ويصف تشافيلد الهاتف بأنه جهاز "من دونه نشعر بالقلق وبأننا ناقصون". 

نحن نعيش اليوم في عصر من الحميمية الاستثنائية بيننا وبين التكنولوجيا ولكننا لم نبدأ بمواجهة آثارها إلا الآن، وفي مقدمة هذه الآثار طمس الخط الفاصل بين "الافتراضي" والحقيقي، والأنكى من ذلك محو الخط الفاصل بين هويتنا على الانترنت وحقيقة تصوراتنا عن أنفسنا.

ويدرك كثيرون الآن انهم لا يستطيعون الشعور بالأمان في عالم كهذا، حيث فيروس واحد يمكن ان يعطل خدمات كاملة كما فعل فيروس "الفدية" مع شبكة من المستشفيات في بريطانيا.

وربما كانت الخدمات الصحية البريطانية هدف هجوم الكتروني لكن نتائجه لا تمت بصلة الى العالم الافتراضي الذي انطلق منه الفيروس بعد ان تأخرت عمليات جراحية وتوقف استقبال مرضى وتعرضت ارواح لا تحصى للخطر. 

إزاء هذا الواقع المحفوف بالمخاطر، يؤكد العلماء ان البيانات والخصوصية هي الآن شأن الجميع الى جانب التصيد والأخبار الكاذبة وطائفة من الأمراض الرقمية التي تتصدر المانشيتات كل اسبوع. والسبب ان نسيج ذواتنا يتحول نسيجاً رقمياً وبقاءنا يعتمد على صون هذا النسيج من التخريب والاختراق.

ويشدد العلماء على انه كلما ازداد العالم رقمنة زادت أهمية ان نتروى ونفكر مرتين قبل الاستغراق فيه.

ويقول الدكتور تشادفيلد ان نصيحته للجيل الجديد هي ألا تسمحوا لمنظومات غير مرئية تحدد شكل حياتكم بالعمل دون تمحيص ومعاينة وألا تسمحوا لإعدادات افتراضية من جهات اخرى بتحديد هوياتكم.


أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "الديلي تلغراف". الأصل منشور على الرابط التالي:

http://www.telegraph.co.uk/business/open-economy/retain-your-identity-in-a-digital-world/