الرباط: قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، إن عدد الهاجرين المغاربة المقيمين بالخارج تضاعف خلال العقدين الأخيرين، حيث ارتفع من 1.7 مليون فرد سنة 1998 إلى أكثر من 4,5 مليون حاليا، أي ما يقارب 13 بالمائة من مجموع السكان، مؤكدا أن هؤلاء المغاربة يحظون بتقدير واهتمام خاصين من قبل الملك محمد السادس، الذي لا تكاد تخلوا خطبه من إشارة إلى قضاياهم".

وأضاف رئيس الحكومة المغربية، في جلسة المساءلة الشهرية مساء اليوم الثلاثاء، بمجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية بالبرلمان)، أن الجالية المغربية "تساهم مساهمة نوعية في دعم الاقتصاد الوطني"، مسجلا أن "حجم تحويلاتها المالية عرف "نموا مضطردا خلال العقدين الأخيرين، حيث انتقلت من 20 مليار درهم (حوالي 2 مليار دولار) سنة 1990 إلى 62,2 مليار درهم (حوالي 6,22 مليار دولار) سنة 2016، مشددا على أن حكومته تسعى إلى "تعزيز مساهمتهم في تنمية بلدهم الأم".

وأوضح رئيس الحكومة أن التوزيع الجغرافي لمغاربة العالم، يغطي أزيد من 100 دولة في القارات الخمس، مبرزا أن هناك تمركزا قويا لهم في أوروبا، التي يوجد فيها حوالي 80% من المغاربة المقيمين بالخارج، تتوزع هذه النسبة أساسا ما بين "فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا وألمانيا".

وأفاد العثماني في عرضه أمام المستشارين، بأن البرنامج الحكومي خص مغاربة العالم بمجموعة من التدابير، تروم الدفاع عن حقوقهم ومصالحهم، وحماية هويتهم الثقافية والدينية، مبرزا أن من بين أهم هذه التدابير "تفعيل المقتضيات الدستورية القاضية بإشراك مغاربة العالم في المؤسسات الوطنية، والإسراع بإخراج القانون المتعلق بمجلس الجالية المغربية بالخارج"، الذي كشف أن مشروع هذا القانون جرى إعداده وسيعرض على مسطرة المصادقة خلال الأيام المقبلة.

وزاد رئيس الحكومة المغربية مبينا أن المملكة تسعى إلى "استكمال ورش الإصلاح القنصلي، ومسلسل تحديث وتجويد الخدمات القنصلية والاجتماعية لفائدة أفراد الجالية المغربية بالخارج، وفق برنامج عمل ملائم".

كما أبرز العثماني أن حكومته تولي "اهتماما أكبر لحماية القاصرين المغاربة غير المرافقين باعتبارهم فئة هشة معرضة للاستغلال من قبل عصابات الاتجار في البشر أو الجماعات التبشيرية أو المتطرفة"، وأشار إلى "تطوير وتفعيل اتفاقيات الضمان الاجتماعي واليد العاملة القائمة حاليا وتوسيع الاتفاقيات لتشمل دولا أخرى، فضلا عن الاهتمام بإشكاليات السجناء المغاربة في السجون الأوروبية، وخصوصا من خلال المرافقة القانونية والحرص على ضمان حقوقهم".

واستعرض العثماني ما تقوم به الحكومة خدمة لقضايا مغاربة العالم، مبرزا أن تدبير عودة مغاربة العالم إلى أرض الوطن في إطار عملية مرحبا، التي تتم تحت الرئاسة الفعلية للملك محمد السادس، تعد من أهم الأعمال التي تقوم بها، إذ اعتبرها "عملية فريدة من نوعها عبر العالم، نظرا للعدد الهائل من المغاربة العابرين، والذي يفوق 4.7 مليون عابر في الاتجاهين خلال الفترة الصيفية"، لافتا الى أنه تم "تهييئ مخطط للملاحة البحرية مكن من توفير أسطول يتكون من 27 باخرة تؤمن 10 خطوط بحرية، بطاقة استيعابية تناهز 63.750 مسافرا يوميا، بما فيها 37.500 مسافر عبر ميناء طنجة المتوسط".

كما عد رئيس الحكومة عودة مغاربة العالم لوطنهم الأم كل صيف "مناسبة سنوية متميزة يؤكد من خلالها جميع المغاربة المقيمين بالخارج ارتباطهم الوثيق وصلتهم الوطيدة بوطنهم الأم، وكذا بالنظر إلى حجم الإمكانيات اللوجيستيكية والبشرية والمادية والتقنية المرصودة لها، خاصة من طرف مؤسسة محمد الخامس للتضامن التي تقوم بدور محوري في هذه العملية".

وزاد العثماني مبينا أن التأطير الديني لمغاربة العالم، يكتسي "أهمية بالغة في وقت تتصاعد فيه التيارات المتطرفة والعنيفة"، مسجلا أن عدد الوعاظ والمقرئين ارتفع من "60 سنة 1998 إلى 220 سنة 2017، مع الحرص على انتقاء أجود العناصر المتوفرة، ومن بينهم الكفاءات الجامعية المتخصصة في العلوم الشرعية والدراسات الإسلامية، والوعاظ والمقرئين المشهود لهم بالكفاءة المهنية والعلمية من طرف المجالس العلمية بالمملكة"، لكنه أقر في الآن ذاته، بأن هذا الرقم "لا يزال محدودا".

وسجل العثماني أن الحكومة "تهيئ الآليات والإجراءات الهادفة إلى تحفيز وتنويع ومواكبة استثمارات مغاربة العالم داخل أرض الوطن"، مشيرا إلى أن إحداث "صندوق الاستثمار مغاربة العالم"INVEST MDM، يسمح للمغاربة المقيمين في الخارج الذين يرغبون في إنشاء مشروع استثماري، أو توسيع مشروع قائم، في قطاع الصناعة والخدمات المرتبطة بالصناعة والتعليم والفندقة والصحة، في الحصول على دعم شريطة أن "تبلغ كلفة برامج الإحداث أو التوسيع مليون درهم ( 100 الف دولار) على الأقل، وأن يحدث من طرف مغربي مقيم بالخارج بمفرده أو بشراكة مع مستثمرين مغاربة أو أجانب، وأن تغطي مساهمة المستفيد 25 ٪ على الأقل من كلفة المشروع بالعملة الأجنبية تدفع أو تحول للحساب الخاص بالمشروع بالدرهم".

ولم يفوت العثماني الفرصة دون الحديث عن إطلاق الجهة ال13 الخاصة بمغاربة العالم المقاولين، لتمكينهم من الولوج إلى الخدمات المختلفة المقدمة من طرف الاتحاد العام لمقاولات المغرب، ومن التواصل والتشبيك بينهم وبين مختلف الفاعلين الاقتصاديين بالمغرب، موضحا أن المبادرة تهدف إلى "تشجيع رجال الأعمال المغاربة المقيمين بالخارج على الاستثمار في بلدهم الأصلي، مما سيساهم في تنمية التبادل الاقتصادي بين المملكة والخارج".

وأقر العثماني بأنه رغم الجهود التي تبذلها الحكومة في خدمة مغاربة العالم "ثمة إشكاليات لاتزال مطروحة"، مؤكدا أن حكومته ستحرص على "تطوير آليات الحكامة قصد التجاوب الأمثل مع قضايا وشؤون الجالية وتحقيق الالتقائية بين مختلف السياسات العمومية خدمة لمصالحها".