وسط دعوات بتشديد العقوبات ضد أعضائها وتجاوز كل حساسيات ثقافية وسياسية، أعلن ممثلو ادعاء في بريطانيا أن عصابة من 18 شخصًا من أصول آسيوية مسلمة أدينت باستغلال فتيات وشابات جنسيًا لعدة سنوات في شمال إنكلترا، وتفاعلت القضية على كل الصعد السياسية والإمنية والإعلامية. 

وقال ممثلو الادعاء البريطاني إن أفراد العصابة، وهم 17 رجلاً وامرأة، استهدفوا الفتيات والنساء البيضاوات، وتراوحت أعمارهن بين 15 وبداية العشرينات، في مدينة نيوكاسل بشمال غرب إنكلترا بين عامي 2010 و2014.

وكان إسقاط افراد العصابة جاء بعد عملية أمنية ناجحة أسفرت عن تحديد 278 ضحية، وإجراء أربع محاكمات للنظر في نحو 93 اعتداء، خلصت إلى أن 18 شخصًا يواجهون الآن أحكاماً طويلة بالسجن.

ويوم الثلاثاء الماضي، أدين أعضاء العصابة الإجرامية وحكم على 3 بالسجن، فيما ينتظر الباقون الحكم عليهم.

وحسب التقارير البريطانية، فإن غالبية الجناة آسيويون، وهم في الثلاثينيات والأربعينيات من العمر، وأعادت القضية للأذهان قضايا مشابهة كانت قد أثارت اتهامات بأن السلطات البريطانية تخشى التدخل مخافة أن تتهم بالعنصرية.

وزيرة الداخلية

وأعلنت وزيرة الداخلية البريطانية، أمبر راد، ليلة الخميس، أن "الحساسيات السياسية والثقافية" يجب أن لا تقف حجر عثرة في طريق اجتثاث مثل تلك الجرائم "المرضية".

واضافت أن "هؤلاء المسؤولين عنها لا يقتصرون على جماعة عرقية واحدة، أو دين أو مجتمع محلي محدد، إنها إهانة لكل شخص في مجتمعنا وأريد أن اوضح تمامًا أنه يجب ألا يسمح للحساسيات السياسية والثقافية أن تقف في طريق منعها وكشفها".

اغتصاب الضحايا

وتقول التقارير إن أفراد العصابة من الرجال اغتصبوا الضحايا بعد أن قاموا بتخديرهن أو تهديدهن بالعنف خلال "حفلات" خاصة أشير إليها في أحيان كثيرة على أنها "جلسات" قُدمت لهن فيها مخدرات ومواد كحولية، وكانت بعضهن مخمورات للغاية وتعرضن للاعتداء الجنسي وهنّ فاقدات الوعي.

وقال قائد شرطة نورثهمبريا، ستيف أشمان: "لم تكن هناك اعتبارات سياسية في القضية (..) هؤلاء مجرمون ولم يكن هناك تردد في القبض عليهم واستهدافهم بكل السبل المتاحة لنا".

وأوضح أشمان أن الشرطة أجرت تحقيقاً واسع النطاق في الاستغلال الجنسي في المنطقة، وألقت القبض على 461 شخصًا أدين منهم 93.

وقال: "غالبية الجناة ليسوا من البيض. هم مجموعة متنوعة حقاً، فلدينا أشخاص من بنغلادش وباكستان وإيران والعراق، وهناك أكراد وأتراك وألبان ومن شرق أوروبا".

اهتمام إعلامي

وعلى صعيد إعلامي، اهتمت أكثر من صحيفة من الصحف البريطانية بأصداء إدانة عصابة، ومعظم اعضائها من المسلمين الآسيويين، وهي اعتادت على استغلال مئات المراهقات والفتيات جنسيًا في شمال انكلترا لسنوات.

وفي تقرير لها تحت عنوان "عصابة الجنس الآسيوية مجرمون عنصريون"، تناولت صحيفة (ديلي تلغراف) دعوة برلمانيين بريطانيين إلى تشديد الأحكام بحق أعضاء هذه العصابة التي دأبت على استغلال الفتيات والمراهقات البيضاوات.

وتضيف الصحيفة أن الرجال الذين أدينوا، هم في الغالب باكستانيون وبنغلاديشيون، قد استدرجوا فتيات قاصرات وقدموا لهن الكحول والمخدرات ليقوموا بعد ذلك بالاعتداء عليهن جنسياً واغتصابهن.

الاحكام المسبقة

ونشرت الصحيفة مقالاً لرجل الدين مسلم من ليدز قاري قاسم، دعا فيه المسلمين إلى مواجهة "الأحكام المسبقة الثقافية" التي قادت هؤلاء الرجال إلى النظر إلى الفتيات البيضاوات بوصفهن فرائس سهلة لهم لاستغلالهن جنسياً.

وشددت (تلغراف) على القول بأنه ليس من العنصرية الإشارة إلى أن العصابة الأخيرة التي اعتدت جنسياً على فتيات قاصرات يقودها في الغالب أشخاص من ثقافات معينة، بل العنصرية هي في غض الطرف عنها.

278 ضحية

ومن جهتها، تناولت صحيفة (الغارديان) أيضًا في افتتاحيتها القضية ذاتها، التي تكشف فيها أن الشرطة لم تكن ستتوصل إلى إدانة هذه العصابة لولا استخدامها لمخبر هو نفسه سبق أن ادين بجريمة استغلال الأطفال جنسيًا.

وتناقش الافتتاحية الانتقادات التي وجهتها بعض المنظمات لاستخدام هذا الأسلوب في الكشف عن العصابة، ودفع مبالغ لهذا المخبر مقابل قيامه بهذا الدور.

وتشير إلى أن هذا المخبر، وترمز له بالحرفين (اكس واي -XY)، سبق أن أدين قبل 15 عامًا بجريمة استدراج فتاة عمرها 15 عامًا واعطائها مخدرات واغتصابها فضلاً عن دعوة شخص ثانٍ لاغتصابها أيضا.

تناقض أخلاقي

وتضيف أن المنظمات المنتقدة ترى في ذلك تناقضًا أخلاقيًا، إذ كيف يمكن أن يُدفع لشخص مثل هذا مبلغ نحو 10 آلاف جنيه استرليني على مدى 21 شهرًا.

وتنقل (الغارديان) عن الشرطة قولها إن النتيجة التي تحققت تبرر هذا الاستخدام، وإنها استخدمت هذا المخبر لإطلاعه على أساليب وعادات هذه المجموعة، وهي عصابة جريمة منظمة دأبت ليس على استغلال الفتيات والمراهقات القاصرات وحسب، بل وتهريب المخدرات.