واشنطن: فتّش عملاء من مكتب التحقيقات الفدرالي "اف بي آي" مقار دبلوماسية روسية في واشنطن وسان فرانسيسكو ونيويورك بعدما اصدرت الولايات المتحدة قرارا باغلاق هذه المقار، في خطوة ردت عليها موسكو باستدعاء القائم بالاعمال الاميركي للاحتجاج على ما اعتبرته انتهاكا للمواثيق الدولية التي ترعى مبدأ الحصانة الدبلوماسية.

لكن وزارة الخارجية الاميركية حرصت على التأكيد على ان عمليات "التفتيش" جرت بحضور مسؤولين روس وهدفت خصوصا للتأكد من ان الدبلوماسيين الروس غادروا بالفعل هذه المقار.

وشددت الوزارة في بيان على ان ما قامت به الولايات المتحدة ينسجم بالكامل مع المعاهدات الدولية، مؤكدة ان واشنطن تنفي رسميا الاتهامات التي ساقتها روسيا، ومفادها ان مسؤولين اميركيين هددوا بتحطيم ابواب المقار الدبلوماسية، وان عملاء من اف بي آي اخلوا هذه المقار.

واضافت الخارجية الاميركية ان "ما من دبلوماسي روسي طرد من الولايات المتحدة لشأن متصل بعمليات اغلاق" هذه المقار.
وكانت وكالة "ريا نوفوستي" الروسية للانباء افادت أن عمليات التفتيش بدأت بعد إغلاق المبنى عند الساعة 18,00 بتوقيت غرينيتش، بحضور ممثلين للسفارة الروسية.

وقال المتحدث باسم السفارة الروسية في واشنطن إن "موظفي السفارة سُمح لهم بأن يشهدوا على عمليات التفتيش، وذلك بطلب ملحّ من روسيا". وكانت الخارجية الروسية استدعت قبل ساعات أنتوني غودفراي وسلمته "رسالة احتجاج على صلة بنيّة السلطات الاميركية القيام بعمليات تفتيش في البعثة التجارية الروسية بواشنطن".

يشغل غودفراي حاليًا، المسؤول الثاني في السفارة الاميركية، منصب كبير الدبلوماسيين في موسكو، بعد إعلان السفير جون تيفت في يوليو نيته مغادرة موسكو في ألاول من سبتمبر.

وقالت الخارجية الروسية الجمعة إن مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) ينوي السبت تفتيش مقر القنصلية الروسية في سان فرانسيسكو التي أمهلت السلطات الاميركية موسكو حتى السبت لإغلاقها إضافة إلى البعثتين التجاريتين في واشنطن ونيويورك.

بررت واشنطن الإغلاق بأنه يأتي في إطار "المعاملة بالمثل" لخفض فرضته موسكو لعدد موظفي ودبلوماسيي البعثة الدبلوماسية الاميركية في روسيا. وأضافت الوزارة "نفتقد اعتبارا من اليوم إمكانية دخول (مقر البعثة) في حين أن المبنى هو ملك للدولة الروسية ويتمتع بالحصانة الدبلوماسية".

وبحسب مذكرة الاحتجاج التي سلمت للمسؤول الثاني في السفارة الاميركية بموسكو، تعتبر روسيا تفتيش المباني الدبلوماسية في غياب ممثلين رسميين للدولة الروسية "غير قانوني". وتابعت الخارجية الروسية "على السلطات الاميركية أن تتوقف عن انتهاكاتها الفجة للقانون الدولي والكف عن انتهاك حصانة المؤسسات الدبلوماسية الروسية".

وأضافت أن عمليات التفتيش "والتهديد بكسر المدخل" تشكل "عملية اعتداء لا سابق لها يمكن أن تستخدم من الأجهزة الخاصة الاميركية لتدبير استفزاز ضد روسيا بأشياء مغرضة تضعها بداخلها" الأجهزة الاميركية نفسها.

وقال شهود في سان فرنسيسكو إنهم شاهدوا الجمعة دخانا أسود يتصاعد من مدخنة القنصلية. وأكدت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية أن انبعاث الدخان يعود إلى "إجراءات اتخذت للحفاظ على المبنى" من دون مزيد من التوضيح.

لقاء لافروف وتليرسون
ونددت موسكو حال إعلان إغلاق المقار الدبلوماسية، بـ "تصعيد" التوتر الذي "بدأته" واشنطن مشيرة إلى أنها تحتفظ بحق اتخاذ إجراءات مضادة. وتعكس هذه التطورات عجز البيت الأبيض والكرملين عن تحسين علاقاتهما بعد سبعة أشهر من تولي دونالد ترمب الرئاسة رغم أنه كان أعلن أن تطبيع العلاقات مع موسكو من أحد أهدافه.

تفادى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف توجيه اللوم الى الإدارة الأميركية في التوترات الاخيرة، بل حمل الرئيس السابق باراك أوباما المسؤولية المباشرة عن ذلك. وقال لافروف الجمعة "كل هذه القصة من صنيعة إدارة أوباما للإساءة الى العلاقات الروسية الأميركية وعدم تمكين ترمب من إخراجها من عنق الزجاجة".

أضاف أن الكونغرس والنظام القائم في واشنطن "يحاولان تقييد (إدارة ترمب) واختراع تدخل روسي مزعوم وصلات بينه وبين روسيا وبين أسرته وبين روسيا". ويشتبه معارضو ترمب خصوصا في أنه استفاد من تحركات سرية قامت بها روسيا لتخريب حملة منافسته في الانتخابات الرئاسية هيلاري كلينتون في 2016.

وأكد لافروف "نحن لا نسعى إلى أن يسود الغضب بيننا وبين الولايات المتحدة" مؤكدا سعيه إلى "مقاربات قوامها الاحترام المتبادل" بهدف التوصل إلى "تسوية" مع واشنطن.

يأتي إغلاق القنصلية الروسية في سان فرنسيسكو ردا على خفض عدد دبلوماسيي وموظفي السفارة الاميركية في موسكو البالغ عددهم بين اميركيين ومحليين 755، الذي كان أمر به في نهاية يوليو 2017 الرئيس الروسي فلادمير بوتين ردا على عقوبات اقتصادية اميركية جديدة ضد بلاده.

وبات سقف عديد التمثيل الدبلوماسي الاميركي في روسيا 455 شخصا اي بمستوى عدد موظفي البعثة الدبلوماسية الروسية في واشنطن. وكان تيلرسون أعلن الأربعاء عبر الهاتف لنظيره الروسي قرار إغلاق المواقع القنصلية الروسية في الولايات المتحدة.

ومن المقرر أن يلتقي لافروف تيلرسون في نيويورك في سبتمبر الجاري على الأرجح على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة.