إيلاف من برلين: يستخدم اليوم 10% من الألمان الدراجة الهوائية في الوصول إلى أماكن عملهم ودراستهم وما إلى ذلك، وهذا يعني أن النسبة زادت بـ2% خلال عشر سنوات. 

ولا يبدو أن ذلك يحدث عن وعي بيئي معروف لدى الألمان فحسب، وإنما لان الدراجة تعوض عن الهرولة باعتبارها وسيلة رياضية مهمة. ولا تعني الدراجة بالنسبة لمعظم مستخدميها سوى طريقة سريعة للوصول إلى العمل تجنباً لزحام المدن، وطريقة لدمج الرياضة والمواصلات، ووسيلة لتقليل كلفة السفر.

وطبيعي، لا يطالب الأطباء الألمان الناس بركوب الدراجات الهوائية ودخول المنافسات العالمية في "فرانس تور"، لكنهم ينصحون مراجعيهم بضرورة الإكثار من قيادة العجلتين رغبة في تجنب أهم مخاطر العصر المرضية: الجلطة القلبية، وآلام الظهرالمزمنة، وأمراض المفاصل، والصداع والتوتر النفسي.

للتأكد من دور الدراجة الهوائية في تحسين صحة الإنسان، وتفوقها على الهرولة في ذلك، حرص فريق عمل من المتخصصين الألمان، بقيادة البروفيسور انغو فروبوزة، رئيس قسم الصحة في جامعة كولون الرياضية والمختص في شؤون الرياضة الوقائية، على دراسة وتقييم 700 دراسة عالمية حول الدراجات. 

تعزز عمل القلب

وركز فريق البحث على الكشف عن علاقة قيادة الدراجات الهوائية بآلام المفاصل، وآلام الظهر المزمنة، الصداع وأمراض القلب والدورة الدموية. 

وتظهر نتائج البحث أن قيادة الدراجات الهوائية بشكل منتظم تقلل سرعة نبض القلب، وتقلل ضغط الدم وتعزز قدرات عضلات القلب على ضخ الدم.

ونشرت مجموعة العمل في مجلة "الدراجة الهوائية والصحة" نتائج الدراسة التي أجرتها جامعة كولون الرياضية بالتعاون مع وزارة الصحة المحلية في لاية الراين الشمالي فيستفاليا وشركة انتاج الدراجات الهوائية المعروفة "سيلله رويال". وأشارت المجلة إلى أنها أكبر دراسة من نوعها عن العلاقة بين ممارسة رياضة ركوب الدرجات الهوائية وصحة الإنسان.

والمهم، حسب فروبوزة هو أن رياضة الدراجات تقلل نسبة الكوليسترول السيئ(هـ د ل) في الدم. ويمكن لهذه الرياضة أيضاً أن تقلل الشد على العمود الفقري، وأن تعزز قامة الإنسان الطبيعية، في حالة قيادة الدراجة بوضع صحيح. وقال فروبوزة إن الوضع الصحيح عند القيادة هو مد الجذع إلى الأمام قليلاً وإراحة جزء الجسم الأعلى على المقعد.

تأثير إيجابي على القلب

ووضع فريق العمل بعض الإرشادات التي تعين الراغب في الحصول على أفضل النتائج الصحية من قيادة الدراجات الهوائية. وتثبت التجارب المختبرية على سائقي الدراجات أن التأثير الإيجابي على العضلات والمفاصل وانتشار الدم يبدأ بعد 10 دقائق من القيادة المستمرة، وأن التأثير الإيجابي على القلب والدورة الدموية يبدأ بعد30 دقيقة. 

ويكتسب سائق الدراجة الهوائية تأثيرات إيجابية "ثابتة" بعد مرور40 دقيقة من القيادة، وتبدأ عملية تفكيك الشحوم والتخلص منها بعد50 دقيقة. وهذا يعطي فكرة للرياضي عن الوقت المناسب الذي ينبغي ان يقضيه على الدراجة الهوائية كي يحقق أفضل النتائج الصحية.

تنشيط عضلات العمود الفقري الصغيرة

ويمكن لحركة الرجلين المنتظمة على الدراجة أن تقلل مخاطر الانزلاق الغضروفي في المنطقة القطنية التي تعتبر أكثر عرضة لهذه الحوادث من غيرها. وهذا يقوي عضلات الظهر ويثبت العمود الفقري في وضعه الطبيعي.

وتثبت العديد من الدراسات العالمية، التي صنفها فريق العمل، أن أسباب آلام الظهر هي قلة الحركة في معظم الأحوال. وتعمل الحركة على الدراجة على تحريك عضلات العمود الفقري الصغيرة التي تربط بين الفقرات، وتحسن انتشار الدم فيها، وتقلل إلى حد بعيد احتمالات الانزلاق.

وأكد فروبوزة أن قيادة الدرجات لا تقل فائدة عن الهرولة المنتظمة، إلا أنها أفضل من ناحية تسليطها ضغطاً أقل على مفصل الركبة، لأن80% من ثقل جسم الراكب يقع على المقعد. 

ويتضح أن مستخدمي الدراجات الهوائية يعانون أقل من غيرهم من آلام الركبة الروماتيزية. عدا عن هذا، فإن العجلات الدوارة التي يركب عليها الإنسان تضمن توزيع القوى والثقل على المفاصل وتوفر أفضل وضعة لتحسين انتشار الدم والمواد الغذائية إلى الغضاريف. 

ويقلل ركوب الدراجة الهوائية المنتظم احتمال الإصابة بالتهابات المفاصل، ويضمن للإنسان قدرات على المشي والركض في عمر متقدم.

وتشير إحصائية الاتحاد العام لصناعة الدراجات إلى مستقبل مزدهر للقطاع بفضل التوجهات البيئية العامة للسيارات وخطط مراكز المدن المفرغة من السيارات. فهناك نحو66 مليون دراجة هوائية في ألمانيا، يعتبر35 مليوناً من أصحابها من المستخدمين "النشطين" الذين يستخدمون الدراجات في حركتهم اليومية. 

ويبيع قطاع الدراجات الهوائية الألماني4,7 ملايين دراجة في الداخل والخارج، ويبدل الألماني دراجته كل 7-8 سنوات. ويمكن تصور حجم مبيعات قطاعات الدراجات في ألمانيا إذا عرفنا أن معدل سعر الدراجة الهوائية هو 341 يورو.