توصل العلماء إلى انجاز يفتح الطريق مستقبلاً أمام علاج الأمراض الدماغية عن طريق فتح الحاجز الدماغي لحقن الأدوية فيه مباشرة دون اللجوء إلى الجراحة، حيث تمكنوا من فتح الفص الأمامي الايمن من الدماغ، وهي أكثر مناطق الخلايا العصبية التي يتراكم فيها البيتا اميلويد المسبب لمرض ألزهايمر.

إيلاف من برلين: يمكن لتمرير العقاقير مباشرة إلى الدماغ أن يعالج العديد من الأمراض الدماغية الخطيرة بينها الزهايمر. ويقول العلماء الكنديون انهم نجحوا في ذلك.
يفصل الحاجز الدموي الدماغي بين الدورة الدموية العامة وبين الجهاز العصبي المركزي، وإذ يسمح بمرور المواد المغذية المفيدة إلى الدماغ، فانه لا يسمح بمرور معظم الأدوية عبره.


فتح الحاجز الدماغي
من جهتهم أكد العلماء الكنديون في"نيتشر كوميونيكيشن" انهم نجحوا في فتح الحاجز الدماغي وسده كما يريدون في أدمغة الاشخاص الذين يعانون من الزهايمر. والمهم انهم فعلوا ذلك دون أن يلحقوا ضرراً بالدماغ، ودون أعراض جانبية.

وأجرى نيل ليبسمان وفريق عمله، من معهد أبحاث سونيبروك في ترورونتو، تجاربهم على خمسة مرضى يعانون من مرض الزهايمر، في المرحلة الأولى من عدة تجارب متسلسلة حول نفس الموضوع.

ما هو الحاجز الدموي الدماغي؟
تجدر الاشارة إلى ان الحاجز الدموي الدماغي Blood-brain barrier هو حاجز بين الدم، وسائل خارج الخلوي الخاص بالدماغ في الجهاز العصبي المركزي. ويتكون الحاجز من غشاء قاعدي سميك، بالإضافة إلى نهايات قدمية للخلايا النجمية. ويتواجد الحاجز بامتداد الشعيرات الدموية ويتكون من موصلات محكمة لا تتواجد في باقي الشعيرات الدموية.

وتتولى الخلايا البطانية كواحدة من أجزاء الحاجز، بمنع انتشار بعض المواد المجهرية مثل البكتيريا وبعض الجزيئات الكبيرة المحبة للماء إلى السائل المخي الشوكي، بينما تسمح لبعض الجزيئات الأخرى الصغيرة الكارهة للماء بالانتشار إلى السائل مثل الأكسجين، وثاني أوكسيد الكربون، والهرمونات.

كما تقوم خلايا الحاجز بالنقل الفاعل لبعض نواتج الاستقلاب مثل الجلوكوز عبر الحاجز لتدخل إلى السائل المخي الشوكي وتقوم بدورها بتغذية الدماغ.

فتح الحاجز بموجات فوق صوتية
وبهدف ايصال العقاقير مباشرة إلى المناطق الدماغية المتضررة، التي يتراكم عليها بروتين البيتا اميلويد، عمل الباحثون الكنديون على زرق المرضى الخمسة بفقاعات مجهرية(منمنمة)، تحتوى على غازات، عبر الوريد. ونجحت هذه الفقاعات المجهرية في اختراق الحاجز الدماغي وصولاً إلى الخلايا العصبية.

وبعدها، ركز العلماء موجات فوق صوتية من تردد صغير جداً على هذه المنطقة الدماغية بالذات. وحينها بدأت الفقاعات المجهرية بالاهتزاز بتأثير الطاقة المسلطة عليها من الموجات فوق الصوتية. أدى ذلك إلى تراخي "الصلات القوية"( Tight Junctions) في بطانات الأوعية الدموية الدقيقة في الدماغ.

وبهذا الطريقة، توصل العلماء إلى فتح الحاجز الدماغي في الفص الأمامي الايمن من الدماغ من دون جراحة، وهي أكثر مناطق الخلايا العصبية التي يتراكم فيها البيتا اميلويد المسبب لمرض ألزهايمر.

ويقول العلماء انهم لم يمرروا الأدوية عبر الثغرة التي فتحوها في الحاجز الدماغي الدموي في هؤلاء المرضى الخمسة. واعتبروا هذا الانجاز نجاحاً للمرحلة الأولى من التجربة، التي ستليها مرحلة ثانية يجري فيها تمرير الأدوية عبر الحاجز الدماغي المفتوح.

تجارب على الحيوانات
بدوره اعتبر نيل ليبسمان ان هذا الانجاز يفتح الطريق مستقبلاً أمام علاج الأمراض الدماغية عن طريق فتح الحاجز الدماغي أمام الأدوية التي لا يمررها هذا الحاجز عادة.

وهذا ليس كل شيء، لأن فتح الحاجز الدماغي سيسهل عملية تقليل تراكم البيتا اميلويد في الخلايا العصبية. وهذا ما اثبتته التجارب التي أجراها فريق العمل من تورونتو على الحيوانات.

ولم يثبت أي تغير على تراكم البيتا اميلويد في أدمغة المرضى من خلال الفحص المجهري في المرحلة الأولى من التجارب، وهذا ما توقعه الأطباء أيضاً. لكن الطريقة، في مرحلتها الأولى، اثبتت سلامتها، ولم تتأثر ذاكرة المرضى أو قدراتهم العقلية.&

من جهة ثانية لم تنتج اي مضاعفات او اختلاطات لدى استخدام الفقاعات المجهرية والموجات فوق الصوتية، علماً أن المرضى كانوا يعانون درجة غير متقدمة من مراحل مرض الزهايمر.

لا حاجة إلى الجراحة
من جهته أكد ساندرا بلاك، من معهد أبحاث سونيبروك في ترورونتو، ان طريقة الفقاعات المجهرية والموجات فوق الصوتية &تعد مستقبلاً بإمكانية تمرير أجسام مضادة أو حتى خلايا جذعية عبر الحاجز الدماغي إلى المادة العصبية &دون الحاجة إلى تدخل جراحي.

وبهذه الطريقة نجح فريق العمل في تمرير العقاقير الكيماوية مباشرة إلى ورم دماغي عبر الحاجز الدماغي. ويبدأ فريق العمل، بقيادة ليبسمان، المرحلة الثانية من التجارب باستخدام العقاقير في الخريف القادم.

ويعاني اليوم في ألمانيا حوالى 1,3 مليون ألماني من مرض الزهايمر، ومن المتوقع أن يتضاعف العدد إلى 2,6 مليوناً مع حلول العام 2050.

وفي حين ان المرض يتعلق بتقدم العمر، &نجد أن المصابين به من البالغين &65 سنة تبلغ نسبتهم 2%، لكنها تقفز إلى 3% &بين ال>ين تخطوا السبعين، وإلى 6% للباغين 75 سنة.