واشنطن: طفت شخصية غامضة من أعماق العالم الافتراضي إلى العالم الحقيقي، اطلقت على نفسها اسم "كيو"، تدّعي امتلاك تصريح أمني حكومي، هدفها تحذير الأميركيين من مكيدة عالمية ولفت انظارهم إلى خطة خارقة للتصدي لها، ويبدو ان هذا الكيان مؤيد للرئيس الأميركي دونالد ترمب، إذ يستهدف تجمعاته لنقل نظريات المؤامرة التي تحاك حول الرئيس إلى الجمهور الاميركي.
&
وأطلق كيان غامض على الإنترنت يعرف بحرف واحد "كيو" حركة مؤيدة للرئيس الأميركي دونالد ترمب بدأت تسلط عليها الأضواء إذ تغتنم تجمعاته لتنقل نظريات المؤامرة من اعماق "الإنترنت المظلم" إلى الجمهور الكبير.

شخصية غامضة
قلة من الأميركيين كانوا يعرفون حتى هذا الأسبوع بـ"كيو" أو "كانون"، وهو شخصية غامضة تدّعي امتلاك تصريح أمني حكومي بمستوى "كيو" الخاص بمعلومات مصنفة سرية للغاية، وقد ظهرت في تشرين الأول/أكتوبر 2017 مع نشر رسائل مشفرة تؤكد فيها أنها تكافح حملة دولية مروعة تريد أن تحكم العالم، والقضاء عليها.

وبمعزل عن مدمني الإنترنت المولعين بالمؤامرات، لم يعرف سوى عدد ضئيل من الأميركيين بـ"كيو" وبقيت رسالته محصورة في أقاصي الإنترنت.

"نحن كيو"
غير أن الحركة طفت هذا الأسبوع من أعماق العالم الافتراضي إلى العالم الحقيقي، فتمثلت الثلاثاء في أبرز سياق سياسي يمكن تصوره، حين ظهر عدد من المشاركين في مهرجان نظمه ترمب في تامبا بولاية فلوريدا، يرتدون قمصان "تي شيرت" عليها حرف "كيو" ويرفعون لافتات كتب عليها "نحن كيو".

وفي وقت يتساءل الكثيرون في الولايات المتحدة من هو "كيو"؟، يؤكد أتباعه أنّه جاسوس مندس في دائرة ترمب المقربة، قرر كشف أجزاء أو "فتات" معلومات في منتديات على "الإنترنت المظلم"، الشق الخفي من شبكة الإنترنت الشائعة.

مكيدة عالمية
وهدفه تحذير الأميركيين من مكيدة عالمية ولفت انظارهم إلى خطة خارقة للتصدي لها.

وبحسب هذه النظرية، فإن الولايات المتحدة تديرها منذ عقود منظمة إجرامية تشمل عائلات كلينتون وأوباما وروتشيلد، فضلا عن المستثمر الكبير جورج سوروس ونجوم من هوليوود وغيرهم من النخب العالمية.

استهداف الديموقراطيون
ويزخر هذا السيناريو بقصص مروعة عن أطفال مخطوفين وشبكات لاستغلال الأطفال جنسيا، ما يذكر بالفرضية التي راجت عن قيام ديموقراطيين بارزين مقربين من هيلاري كلينتون بإخضاع أطفال لسوء المعاملة في مطعم بيتزا عائلي هادئ في واشنطن، وهي فرضية كادت تتسبب بمأساة في كانون الأول/ديسمبر 2016 حين قام رجل بإطلاق النار على مطعم "كوميت بينغ بونغ" للبيتزا دون سقوط إصابات.

نظرية التدخل الروسي
غير أن الفرضية المحورية بين نظريات "كيو" تبقى الأكثر إثارة للدهشة، وهي تحول التحقيق في التدخل الروسي الذي يثير غضب ترمب إلى استراتيجية حاذقة، زاعمة أن الرئيس الأميركي يدعي التواطؤ مع موسكو ليتمكن من التعاون سرا مع المدعي الخاص روبرت مولر لإلحاق الهزيمة بالشبكة الإجرامية الدولية المتشعبة.

ويشدد "كيو" أن على الأميركيين البقاء متأهبين لرد ترمب الذي سيكون على شكل "عاصفة" آنية تسقط المؤامرة وتعيد السلطة إلى الشعب.

وقد ينجح "كانون" في ترسيخ موقعه ونشر نظرياته في حين تتعمق الانقسامات الكبيرة بين الناخبين الأميركيين بفعل الريبة حيال وسائل الإعلام التقليدية التي يندد بها الرئيس نفسه ويصفها بـ"عدوة الشعب" ويتهمها بنشر "أخبار كاذبة".

كيو هو الشعب
وقال مارك إيميت الذي شارك الخميس في مهرجان آخر لترمب في بنسيلفانيا لصحيفة "واشنطن بوست" "كيو بنظري هو الشعب يكشف الحقيقة".

وأضاف الخمسيني وهو يرتدي قميصا عليه اسم "كانون" أن "ترمب يشير إلى الطريق، هذا كل ما في الأمر".

وأتباع "كيو" على قناعة بأن ترمب وجه إليهم إشارة في تشرين الأول/أكتوبر حين حذر الصحافيين من "الهدوء الذي يسبق العاصفة".

وتمكن "كيو" من كسب أتباع بين أشدّ مؤيدي الرئيس الجمهوري مثل الممثلة روزان بار ومؤسس موقع "إينفو وور" الذي يغص بمطلقي نظريات المؤامرة، أليكس جونز.

تحذيرات
من جهتهم يحذر الخبراء بأن هذه الحركة تنطوي على مخاطر حقيقية، مشيرين الى مسلح اعتقل في حزيران/يونيو قرب سدّ هوفر الكبير في نيفادا، وكان يستشهد في كتاباته بـ"كيو".

بدوره علق العميل السابق في مكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي آي" كلينت واتس متحدثا لشبكة "إم إس إن بي سي" أن الحركة "تتضمن كل العناصر التي يمكن أن تثير انتفاضة وتحرض على العنف بل حتى على حركة تمرد سياسية" مضيفا "يبدو لي أنها ظاهرة خطيرة حقا، خصوصا حين نرى أن البعض يربطها بالرئيس وتجمعاته".

البيت الابيض يرد
في المقابل اضطر البيت الأبيض إلى إصدار رد &إزاء تلك العاصفة الإعلامية، حيث أعلنت المتحدثة باسمه ساره ساندرز أن "الرئيس يدين ويندد بأي مجموعة تحرض على العنف".

غير أن ذلك لم يثن أتباع "كيو" الذين أبدوا سرورهم على الإنترنت لان السلطة تأتي على ذكر حركتهم، في حين لا يساورهم أدنى شك في أن ترمب نفسه يزرع الأدلة التي تؤكد صوابية نظريتهم.

العدد 17 &و"كيو"
وفي هذا السياق، يشير انصار"كيو" إلى أن الرئيس أعلن في تامبا الثلاثاء أنه زار واشنطن حوالى "17 مرة" قبل فوزه في الانتخابات، كما أنه يندد باستمرار بـ"الديموقراطيين الـ17 الغاضبين" الذين يحققون في الملف الروسي، ويربطون عدد الزيارات والديمقراطيين ب ترتيب حرف "كيو" إذ انه الحرف السابع عشر في الأبجدية.