برادفورد: اعتُبر مسلمو الروهينغا الذين اضطروا إلى الفرار من بورما على مدى عقود الشعب الأكثر تعرضا للاضطهاد في العالم. لكن القدرة على التكيف والإبداع ساعدا أفراد الأقلية المحرومة من الحصول على الجنسية البورمية على شق حياة جديدة سواء كان ذلك في مخيمات اللاجئين في بنغلادش أو في مستشفيات أوروبا.&

وفر كثيرون من بورما عندما كانوا أطفالا. وبينما منح البعض وضعية لاجئ، لا يزال آخرون يعيشون في الظل دون الحصول على وضع قانوني أو حماية.&

وبقي نصف مليون من الأقلية المسلمة في ولاية راخين حيث عاش أجدادهم في بورما، التي تحرمهم من الجنسية، إما في مخيمات أو محاطين بجيران معادين لهم.&

ورغم تاريخ الاضطهاد الذي عانوا منه إلا أن هناك حكايات نجاح بينما يبدو الأشخاص الذين فروا على استعداد لمساعدة أولئك الذين بقوا في الداخل.&

- "ابن يوركشاير" -
ووصل "ابن يوركشاير الفخور" نجم الدين محمد (36 عاما) مع عائلته إلى برادفورد في شمال بريطانيا عام 2008 بعد 17 عاما في مخيم للاجئين في بنغلادش.

وعلى غرار كثيرين غيره من الروهينغا، منع والداه من تسجيل ولادته في بورما كجزء من اجراءات تتخذها السلطات لطمس هوية الأقلية.&

وكنتيجة لذلك، سجل نحو نصف أفراد أقلية الروهينغا في برادفورد التي تضم نحو 400 شخص بتاريخ الميلاد ذاته: 1 كانون الثاني/يناير.&

وقال نجم الدين مازحا بشأن توفير تكاليف الاحتفال بأعياد الميلاد "والدي ووالدتي وزوجتي وأشقائي وجدتي -- لدينا جميعا حفل عيد ميلاد في يوم واحد".&

وتعلم نجم الدين اللغة الإنكليزية وبات حالياً يقود سيارة أجرة ويعمل كمترجم بدوام جزئي لدى هيئة الخدمات الصحية الوطنية.&

لكن بصفته رئيس منظمة "مجتمع الروهينغا البريطاني" الخيرية، يشير إلى أن همه الأكبر هو الدفاع عن أفراد شعبه.&

وقال "آمل أن يعمل أطفالي من أجل الروهينغا لتحريرهم".&

- بطل التايكواندو -
ولا تزال الحرية صعبة المنال لمئات آلاف اللاجئين الذين تدفقوا إلى المخيمات في كوكس بازار ببنغلادش منذ العام الماضي بعدما هربوا من حملة نفذها الجيش البورمي.&

وتوقفت حياة معظمهم إلا أن محمد سليم رفض إضاعة الوقت بانتظار الفرج.&

فداخل كوخه المبني من الطين في مخيم كوتوبالونغ، يعلم سليم ابنته البالغة من العمر ثمانية أعوام نسيمة التايكواندو.&

وكان اللاجئ البالغ من العمر 34 عاما بطل تايكواندو في شبابه إلا أنه منع كونه من الروهينغا من استخدام المنشآت الرياضية الرسمية في بورما.&

وعلى مدى 18 عاما، عبر الحدود مراراً بين بنغلادش وبورما للممارسة التايكواندو.&

ويقول سليم "نحن فقراء ولم نحظى بالاحترام قط. لكن بعدما انخرطت في هذه الرياضة، تعلمت معنى الاحترام (...) ولذا فأنا أعلمها لابنتي".&

- الطبيبة -
وكانت الحياة صعبة منذ الصغر بالنسبة لأنيتا شوغ التي أجبرت على مغادرة بورما منذ مطلع الثمانينات. لكنها حققت الكثير عبر الدراسة في أوروبا لتصبح جراحة أعصاب في مستشفيات ألمانية.&

وتقول الطبيبة البالغة من العمر 37 عاما من منزلها الحالي في سولوتورن بسويسرا "لو عمل غيري 100 بالمئة لتحقيق أهدافهم فكان علي أنا أن أعمل ضعف ذلك".&

وأضافت "اعتدت على التحديات ونتيجة ذلك اخترت مهاماً صعبة. رأيت في جراحة الأعصاب تحدياً ولهذا السبب اخترتها".&

ويحرم الروهينغا في بورما من حق التعليم والحصول على الرعاية الصحية وهو ما يدمر الموارد البشرية للأقلية.&

وبالنسبة لأنيتا وشقيقتيها، وهما طبيبتان كذلك، سيساعد تلقيهن التعليم في خدمة الأقلية التي ينتمين إليها ويشرن إلى أن لديها "احتياجات لا تنتهي".&

وتنشط أنيتا كذلك في مجموعة ضغط هي "مجلس الروهينغا الأوروبي".&

وبينما يعتبر الجيش البورمي أن الروهينغا هم متسللون من "بنغلادش" قدموا إلى الدولة التي يشكل البوذيون غالبية سكانها، إلا أن أنيتا تشير إلى وجود "دليل تاريخي على أن عرقيتي الراخين (البوذية) والروهينغا عاشتا جنبا إلى جنب على مدى أجيال".&

- صانع السلام -
وفي رانغون، يعمل أونغ كياو مو (35 عاما) لتخفيف التوترات بين مختلف المجموعات العرقية التي تعيش في البلد الذي شهد حروبا أهلية عدة.&

وقال من مكتب في "مركز التكامل الاجتماعي" "نحن في منظمة تهدف إلى بناء السلام".&

ويأمل أن تنجح منظمته بالمساهمة في نشر التسامح عبر إقامة منتديات للشباب من كافة الأقليات ومشاريع تعليمية في راخين وتوفير المساعدات الإنسانية الأساسية.&

وقد اختبر أونغ كياو مو معنى أن يكون شخصا غير مرغوب فيه. وقال "أنا مسجل +كبنغالي+ (...) أنا بورمي. لا أريد أن يمر الشباب بما مريت به".&

- الناشطة -
وتقيم إحدى أكبر جاليات الروهينغا في ماليزيا، البلد المسلم حيث فر 75 ألفا.&

لكن لم يتمكن إلا قلة من الحصول على التعليم والوظائف والرعاية الصحية وخاصة النساء، وهو ما تسعى شريفة شاكرة إلى تغييره.&

وفي صف في كوالالمبور، تدرس أكثر من عشرين امرأة من الروهينغا اللغات والحرف اليدوية والدين والدراما.&

وتقول شريفة (25 عاما) والتي أسست "شبكة تطوير نساء الروهينغا" "أريد أن تشعر النساء بأنهن قادرات على العمل ليتمكن من الدفاع عن أنفسهن" مضيفة "التعليم يمنح الناس الأمل".&

وانضمت شريفة إلى عائلتها في ماليزيا عندما كانت في الخامسة من عمرها.&

وهي تتحدى حاليا القيم التقليدية داخل مجتمعها فتكافح مسائل على غرار العنف المنزلي والزواج المبكر. ورغم ردود الفعل السلبية التي واجهتها من بعض الرجال، إلا أنها لا تنوي التوقف.&

وقالت "يشعرون بذلك لأنهم يفقدون سلطتهم يشعرون أن علي أن أكون في المطبخ".&

لكن مع وجود نساء الروهينغا على هامش مجتمع لاجئ ضعيف أصلا، تصر شريفة أن عملها أهم من أن توقفه الأفكار المسبقة.&