بروكسل: يصوّت النواب الأوروبيون من جديد الأربعاء على تعديل قوانين حقوق التأليف التي تثير خلافا بين الفنانين وناشري الصحافة من جهة والمجموعات الرقمية العملاقة وناشطي الحرية على الانترنت من جهة أخرى.

وكتب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في تغريدة على تويتر قبل ساعات من تصويت البرلمان ألاوروبي الذي يرجح ألا ينتهي بفارق حاسم "اليوم تدور معركة أساسية لحقوق المؤلف: حماية الإبداع والمعلومات هي ضمان حريتنا والدفاع عن نموذجنا".
وأكد ماكرون أن "اوروبا يجب أن تكون بمستوى ثقافتها".

وقالت المفوضة الأوروبية للاقتصاد الرقمي خلال مناقشة في البرلمان الأوروبي عشية تصويت "منذ أن وضعت المفوضية الأوروبية اقتراحها على الطاولة قبل سنتين، كانت المفاوضات معقدة وصعبة في بعض الأحيان، لكنها تعرّضت أيضا لحملات ترويج مكثفة من جميع الأطراف".

وأوضحت المفوضة البلجيكية "نحن الآن في مرحلة حاسمة"، مشيرة إلى أن "قواعد اليوم تعود إلى زمن ولى، لم يكن يعرف الانترنت السريع أو الهواتف الذكية أو شبكات التواصل الاجتماعي". ودعت النواب الأوروبيين المجتمعين في جلسة بكامل الأعضاء في ستراسبورغ إلى إقرار التعديل، لكن قد لا يلقى نداءها استجابة.

يثير التشريع الجديد الذي رفضه النواب في الخامس من يوليو، انقساما حتى داخل الكتل السياسية. وقد تم تعديله على أمل تبديد مخاوف معارضي تنظيم الانترنت، الذين يرون في ذلك "رقابة".

تدخل رئيس البرلمان الأوروبي الإيطالي انطونيو تاجاني أيضا، داعيا في مقابلة مع صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الايطالية الأربعاء، إلى وضع حد "لغياب القواعد الذي يزيد أرباح مجموعات الانترنت العملاقة الأميركية أو الصينية".

وصدرت صحيفة "لوسوار" البلجيكية الأربعاء بصفحة أولى نصفها أبيض، وتحمل عنوانا واحدا هو، "إعلام الناس له ثمن". مبدأ التعديل هو حض المنصات الرقمية مثل يوتيوب التي تملكها مجموعة غوغل، على تحسين مكافأة مبتكري محتوياتها (المادة 13).&

لكنه ينص أيضا على فرض رسم جديد سمي بـ"الرسوم المجاورة" لناشري اعلام (المادة 11) يسمح للصحف ووكالات الأنباء مثل فرانس برس بالحصول على بدل مالي عند إعادة استخدام إنتاجها على الانترنت.

وحوش رقمية
قال الناطق باسم البرلمان الأوروبي إن "الأمر سيكون معقدا". والدليل على ذلك أنه تم تقديم أكثر من 250 طلبا لإدخال تعديلات على التشريع. وعبّر ثمانية وزراء أوروبيين للثقافة، بينهم الفرنسية فرنسواز نيسان، عن تأييدهم للمشروع في مقال نشر الثلاثاء على الموقع الالكتروني لصحيفة "لوسوار" التي تصدر في بروكسل.

كتب وزراء الثقافة "علينا ألا نقبل بعالم تستولي فيه حفنة من الشركات المتعددة الجنسيات على الجزء الأكبر من مردود الأعمال التي يؤلفها آخرون في المحيط الرقمي".

إذا أقر التعديل في جلسة الأربعاء في ستراسبورغ، فيمكن للنواب الأوروبيين بدء مفاوضات مع مجلس الاتحاد الأوروبي (يضم الدول الـ28 الأعضاء، وتوصلت إلى تسوية في 25 مايو) والمفوضية الأوروبية، من أجل التفاهم على نص نهائي.

هذه المفاوضات المغلقة التي تسمى بلغة الاتحاد الأوروبي "الاجتماعات الثلاثية"، يمكن أن تستغرق أشهرا قبل التوصل إلى نص مشترك بين جهازي التشريع والسلطة التنفيذية للتكتل الأوروبي. وبعد ذلك، يعرض هذا النص مجددا على البرلمان للتصويت عليه.

يأمل مؤيديو الاصلاح أن يتم إقراره قبل الانتخابات الأوروبية التي ستجرى بين 23 و26 مايو 2019، لأنهم يخشون صعود المشككين في جدوى الاتحاد ووصول نواب جدد لا يؤيدون حقوق المؤلف.

في المقابل، إذا رفض المشروع الأربعاء، وأعيد إلى اللجان البرلمانية، فسيكون قد دفن فعليا. وحتى اللحظة الأخيرة، عرض معارضو التعديل ومؤيدوه حججهم في ستراسبورغ. قالت جوليا ريدا النائبة الأوروبية الألمانية في حزب القرصان المرتبطة بكتلة المدافعين عن البيئة (الخضر)، والتي تعد من أبرز وجوه الحملة ضد الإصلاح إن "حقوق التأليف لا يمكن أن تعيد اشتراكات الصحف وعائدات الإعلانات".

توجهت نجمة الهيب هوب الهايتية وايكليف جين من فرقة فادجيز، والتي تعيش في الولايات المتحدة، إلى بروكسل خصيصا. وقالت إن "أفضل فرص النجاح التي يملكها الفنانون المستقلون هي التقاسم (ابتكاراتهم)". وأضافت "علينا أن نبقي إمكانية الاكتشاف (الفنانين) مفتوحة، وإذغ أغلقناها فسنخسر الكثير من المواهب".

جاء الرد من المعسكر الآخر، موسيقيا، مع حوالى مئة مؤلف بينهم المغني البريطاني مواري هيد، تجمعوا أمام مبنى البرلمان بدعوة من جمعية "اوروبا للمبدعين"، وعزفوا النشيد الأوروبي، وتلوا "نداء إلى أوروبا" لتلتزم الحذر من "الوحوش الرقمية".