دانت الولايات المتحدة الجمعة بحزم غير عادي، مصير المسلمين الأويغور المحتجزين في الصين، وفتحت بذلك جبهة جديدة مع بكين، بينما تشهد العلاقات بين البلدين تدهورًا متواصلًا.

إيلاف: قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الجمعة إن "مئات الآلاف، وربما ملايين، الأويغور، محتجزون ضد إرادتهم في معسكرات مزعومة لإعادة التأهيل، حيث يخضعون لتلقين عقائدي سياسي صارم، وانتهاكات مروعة أخرى". أضاف بومبيو في خطاب حازم حول الحرية الدينية أنه "يتم القضاء على معتقداتهم الدينية".

وكانت الصين اتهمت في أغسطس الماضي أمام لجنة لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، بأنها احتجزت أو تحتجز مليون شخص في هذه المراكز في إقليم شينجيانغ في شمال غرب البلاد، مهد الأويغور. ونفت بكين بشدة هذه المعلومات.

في رسالة إلى بومبيو ووزير الخزانة ستيف منوتشين، دعا أعضاء في الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في أواخر أغسطس إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد المسؤولين الصينيين المتورطين في اعتقال الأويغور. وقال بومبيو إنه مستعد للتفكير في فرض عقوبات، وهو ما يطالب به أعضاء جمهوريون وديموقراطيون في الكونغرس.

تعاطف مع المسيحيين
وعبّر الوزير الأميركي عن قلقه أيضًا على المسيحيين في الصين، متهمًا الحكومة بـ"إغلاق الكنائس وإحراق الكتاب المقدس وإجبار المؤمنين على توقيع وثائق تنص على تخليهم عن ديانتهم".

كان بومبيو دان الأربعاء حكومة الصين، "التي تفتقد إلى الشفافية" و"تعامل أقلياتها بطريقة مروعة". وقال "على الأمد الطويل، إذا تحدثنا عن ما يهدد عائدات الأميركيين، ما يهدد فعلًا النمو الاقتصادي الأميركي، فإن الصين تشكل وبفارق كبير، أكبر تهديد للولايات المتحدة".

هجوم واسع&
يأتي هذا الملف ليضاف إلى سلسلة من نقاط الخلاف الكثيرة بين الولايات المتحدة والصين. وبعدما أظهر تقاربًا مع الصين في بداية ولايته الرئاسية، يبدو أن دونالد ترمب يعود إلى اللهجة القاسية التي تبناها خلال حملته.

وقد شهدت سنته الأولى في البيت الأبيض، توترًا شديدًا مع الدولة الآسيوية العملاقة. لكن شعورًا بتحسن الوضع كان سائدًا في البداية، بعدما دان خلال حملته الانتخابية ممارساتها التجارية "غير النزيهة"، واتهمها بالتلاعب بسعر عملتها.

هذا التحسن بدأ في مارالاغو في ولاية فلوريدا، حيث استقبل ترمب في إبريل 2017 الرئيس الصيني شي جينبينغ، ورحّب بـ"التقدم الكبير" الذي تحقق، ثم تواصل في بكين في نوفمبر من السنة نفسها عندما قام الرئيس الأميركي بزيارة دولة أشاد بها شي.

عمليًا، امتنع الرئيس الأميركي عن الهجوم على الجبهة التجارية، وتخلى عن إدانة الصين بشأن عملتها، وانتهى به الأمر بتوجيه شكر إلى الرئيس شي بسبب تأثيره الإيجابي في كوريا الشمالية.

عقاب الجيش الصيني
لكن مع اقتراب مرور سنتين على انتخاب ترمب والانتخابات التشريعية الحساسة لمنتصف الولاية في نوفمبر، عاد التوتر إلى العلاقات الصينية الأميركية. فالحرب التجارية المتمثلة في تبادل فرض الرسوم الجمركية في أوجها والمفاوضات لهدنة تراوح مكانها.

في هذه الأجواء الأشبه بحملة واسعة، فتحت واشنطن أو أعادت فتح جبهات عدة. فقد حمّل الرئيس الأميركي الصين مسؤولية الجمود في المفاوضات حول نزاع الأسلحة النووية الكورية الشمالية.

وقد ذهب إلى حد اتهام بكين بالتدخل في الانتخابات الأميركية المقبلة، معتبرًا أن الرسوم الجمركية الصينية تستهدف ناخبيه من "مزارعينا ومربي الماشية وعمالنا".

وفي سابقة، عاقبت الولايات المتحدة الخميس الجيش الصيني لشرائه أسلحة روسية. أما التوتر في بحر الصين الجنوبي، فقد تصاعد أخيرًا على ما يبدو.

لكن ترمب يبقى حريصًا، في كل مرة يهاجم فيها الصين، على إبقاء الباب مفتوحًا للحوار مع "صديقه" شي جينبينغ، ولا يفوّت فرصة لتأكيد "الاحترام العميق" الذي يكنّه له.
&