خيّم صباح الاثنين مشهدان متناقضان على وزارة العدل الأميركية في واشنطن، ففي وقت يعد المسؤول الثاني في الوزارة ساعاته الأخيرة في وظيفته، يجهز المسؤول الرابع نفسه للإشراف على أصعب الملفات التي تشكل هاجسًا لكثيرين، أولهم الرئيس دونالد ترمب.

إيلاف من نيويورك: عقارب الساعة تشير إلى التاسعة صباحًا. الأميركيون يعودون إلى أعمالهم بعد عطلة نهاية الأسبوع. فجأة تضجّ وسائل الإعلام بخبر توجّه رود روزنستاين إلى البيت الأبيض، وسط ترجيحات بتقديم استقالته من منصبه، بعد نشر صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرًا الجمعة الفائت، أشارت فيه إلى أن نائب الوزير اقترح التنصت على ترمب وتسجيل محادثاته، والبحث في إمكانية عزله، عبر تفعيل التعديل الخامس والعشرين.

لقاءات حامية
المسافة بين مبنى وزارة العدل والبيت الأبيض ليست بعيدة. طقس معتدل يسيطر على العاصمة الأميركية في الخارج، ولكن أجواء لقاءات روزنستاين في الداخل مع جون كيلي ودونالد ماكغان مرشحة لأن تكون حامية، وفق غالبية التوقعات. فنائب الوزير أراد استهداف الرجل، الذي يكوي خصومه بجمر تغريداته على موقع تويتر، وإذ بأحد موظفيه في الإدارة يريد الإطاحة به عبر التخطيط لانقلاب داخلي.

العين على فرانسيسكو
في وزارة العدل، كان نويل فرانسيسكو محط أنظار الجميع، فالرجل الرابع (المسؤولة الثالثة هي راشيل براند، لكنها غادرت منصبها في فبراير الماضي)، أصبح محط الأنظار، لكونه سيتسلم مباشرة مهمة الإشراف على تحقيقات روبرت مولر لحظة الإعلان عن طرد أو استقالة روزنستاين.

دخان رمادي
طوال ما يقارب أربع ساعات، حبس الجميع أنفاسه، حتى خرجت ساره هاكابي ساندرز، المتحدثة باسم البيت الأبيض، لتعلن عن لقاء قريب سيُعقد الخميس بين روزنستاين وترمب، فور عودة الأخير من نيويورك، حيث يشارك في اجتماعات الأمم المتحدة، ولفتت إلى أن محادثة هاتفية جرت بينهما صباح الاثنين.

تأجّل البتّ في مصير نائب وزير العدل، الذي استغل فرصة وجوده في البيت الأبيض ليشارك في اجتماع ضم كبار المسؤولين، وعاد نويل فرانسيسكو إلى كرسيه، بانتظار حسم الأمور، بعد أقل من اثنتين وسبعين ساعة.

وضع نفسه بموقف ضعيف
روزنستاين الذي شكل هاجسًا لترمب، بعد أسبوعين فقط من توليه منصبه في أواخر إبريل من عام 2017، يُدرك أن موقفه أصبح ضعيفًا، بعدما كان يقف على أرض صلبة طوال الأشهر الماضية.&

ولم يعر أي اهتمام لنوبات غضب&ترمب على تويتر أو في تصريحاته الإعلامية. لهذا السبب قالت مصادر "نيويورك تايمز" إنه عرض تقديم استقالته إلى رئيس أركان موظفي البيت الأبيض، الجنرال جون كيلي، والمستشار القانوني دونالد ماكغان، غير أن الرجلين لم يشجّعاه على المضي قدمًا في هذه الخطوة.

أربك ترمب
خلق نائب وزير العدل إرباكًا كبيرًا للرئيس الأميركي، جعل الأخير يتهمه بالتناقض، فمن جهة يقول ترمب إن طرد جيمس كومي من منصبه جاء بناء على مذكرة رفعها إليه روزنستاين، الذي مد المحقق الخاص روبرت مولر بصلاحيات كبيرة، وأعطى موافقته على مداهمة شقة رئيس حملة ترمب السابق، بول مانافورت في ولاية فرجينيا في صيف عام 2017، وأيضًا مداهمة شقة ومكتب محامي ترمب السابق مايكل كوهين، وخاض صراعًا مع مؤيدي ترمب من نواب الحزب الجمهوري، الذين طالبوه بكشف وثائق وزارة العدل حول التحقيقات الروسية.

ورغم أن ترمب لا يشعر بالسرور من أداء وزارة العدل بشكل عام، ونائب الوزير بشكل خاص، غير أنه استجاب على ما يبدو لدعوات صدرت من قبل المقربين منه السبت الماضي، إلى عدم طرد روزنستاين في هذه الفترة، لأن ما حدث وفق تحليلهم (نشر التايمز للتقرير) هو فخ منصوب لترمب، كي يبادر إلى طرد نائب وزير العدل، واستدراجه إلى أزمة سياسية مشابهة لما حدث مع الرئيس السابق نيسكون، والتي انتهت بتقديم استقالته، وبالتالي من المرجّح أن يعمد الرئيس الأميركي إلى تأجيل مشاريع الطرد في وزارة العدل إلى ما بعد الانتخابات النصفية المقررة بعد أقل من شهرين.

&

&