الامم المتحدة: بعد سنة على تعبئة المجموعة الدولية بنجاح ضد كوريا الشمالية مستخدما استراتيجية "الضغوط القصوى"، يحاول الرئيس الاميركي دونالد ترمب استهداف ايران بحملة مماثلة على أمل حملها بدورها الى طاولة المفاوضات.

لكن احتمال نجاح نقل الاستراتيجية نفسها الى وضعين مختلفين يبدو غير أكيد.

وبحسب دبلوماسي أوروبي فان الرئيس الاميركي مقتنع بان "حملة الضغوط القصوى" التي تجمع بين عقوبات مشددة وعزلة دبلوماسية وتهديدات عسكرية، هي التي حملت الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون على قبول التفاوض حول نزع الاسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية رغم انه لم يتحقق أي شيء ملموس حتى الان.

وأضاف الدبلوماسي ان ترمب يعتزم بالتالي "تطبيق الامر نفسه مع ايران: الضرب بقوة شديدة" ومن ثم التفاوض من موقع قوة.

وهكذا انسحب الرئيس الاميركي في مايو من الاتفاق المبرم بين ايران والقوى الكبرى في 2015 لمنع امتلاكها السلاح الذري وأعاد فرض عقوبات قاسية جدا على الجمهورية الاسلامية.

وفي الحالة الايرانية، تريد واشنطن الذهاب أبعد من الشق النووي فقط. فمن خلال اتهامها ايران بلعب دور "مزعزع للاستقرار ومسيء" في الشرق الاوسط إنما تريد إدارة ترمب منها "تغييرات عميقة في مجال السلوك".

ليست النموذج الصائب

قال مستشار ترمب للامن القومي جون بولتون الاثنين "الى ان يحصل هذا الامر، سنواصل ممارسة ما يسميه الرئيس الضغوط القصوى" مؤكدا أن الهدف النهائي ليس تغيير النظام في طهران".

وفي خطابه الثلاثاء أمام الامم المتحدة ثم الاربعاء خلال اجتماع غير مسبوق لمجلس الامن الدولي حول حظر انتشار الاسلحة سيترأسه شخصيا، يرتقب أن يطرح ترمب كوريا الشمالية نموذجا لحل الازمة مع ايران.

وقال الرئيس الايراني حسن روحاني الاثنين لشبكة "ان بي سي" ان "النموذج الكوري الشمالي لا يمكن ان يكون النموذج الصائب، لانه لا يمكننا القيام بمثل هذه المقارنات" مستبعدا لقاء ترمب هذا الاسبوع في نيويورك.

وبالواقع فان الاختلافات كثيرة.

فكوريا الشمالية قد طورت أساسا قنابل ذرية وتؤكد انها قوة نووية في حين ان ايران تعهدت رسميا بعدم صنع قنبلة نووية.

كما أن كوريا الجنوبية تساهم الى حد كبير في التقارب بين واشنطن وبيونغ يانغ في حين ان حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الاوسط، وفي مقدمهم السعودية واسرائيل، تدفعان في المقابل الولايات المتحدة الى التشدد حيال ايران، عدوتهما الاقليمية المشتركة.

مصداقية

يقول توماس كانتريمان المسؤول الاميركي الكبير سابقا والذي يرأس حاليا جمعية ضبط الاسلحة ان "حملة الضغط على ايران مستوحاة جزئيا من أصدقاء إدارة ترمب في الشرق الاوسط".

وخصوصا ان النظام الكوري الشمالي كان صنف في خانة الدول المارقة من قبل المجموعة الدولية في حين أن الجمهورية الاسلامية وعبر توقيعها الاتفاق النووي في 2015 أطلقت عملية تقارب مع الغرب أصبح من الصعب وضعها على المحك.

ويرفض الحلفاء الاوروبيون للولايات المتحدة الذين أيدوا قرار واشنطن معاقبة بيونغ يانغ، رفضا قاطعا قطع العلاقات مع ايران.

وفي نكسة لترمب، أعلن الأوروبيون مساء الاثنين عن إنشاء نظام مقايضة لمواصلة تجارتهم مع إيران والإفلات من العقوبات الأميركية.

واعتبر توماس كانتريمان أنه عبر الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني "انما تفقد الولايات المتحدة مصداقيتها التقليدية داخل مجلس الامن الدولي حول مسائل الحد من انتشار الاسلحة".

من جهته اعتبر بهنام بن طالبلو من مركز الابحاث "مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات"، والمؤيد لاعتماد نهج حازم حيال ايران انه من "الحكمة والضرورة اعتماد استراتيجية الضغوط القصوى حيال النظامين".

وقال لوكالة فرانس برس إن "قطع إمكانية حصولهم على تمويل دولي وخفض التجارة غير المشروعة يمكن أن يؤديا الى إفقار هذين النظامين ومنعهما من تمويل أنشطتهما العسكرية المسيئة".

والعقوبات الاميركية التي تستهدف كل الدول والشركات، بما في ذلك الشركات الاجنبية، التي ستواصل التعامل مع ايران تقوم باضعاف الاقتصاد الايراني.

وبدأ بعض المراقبين الذين كانوا على قناعة قبل بضعة أشهر بان الاميركيين لن يتمكنوا أبدا بدون الاوروبيين، من فرض ضغط كاف لاخضاع ايران، التساؤل حول ذلك.

وحذر دبلوماسي أوروبي من أن العقوبات تبدو "همجية" مشيرا الى الازمة العميقة التي يشهدها النظام الايراني.