وسط حضور غالبية القيادات السياسية في البلاد، افتتح حزب الحركة الشعبية المغربي مساء الجمعة، بالمركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله بالرباط، مؤتمره الوطني الثالث عشر بمشاركة حوالى 2500 مؤتمر، يمثلون فروع الحزب بمختلف الجهات، حيث تبدو الطريق سالكة أمام تجديد الثقة في محند العنصر، على رأس الحزب لولاية تاسعة على التوالي.

إيلاف من الرباط: قال العنصر، أمين عام الحركة الشعبية، إن حزبه المشارك في التحالف الحكومي غير راض عمّا سماه "التأخير الحاصل في التعامل مع الأمازيغية كلغة رسمية للبلاد"، وهي القضية التي عرف الحزب بالدفاع عنها، وتبناها منذ تأسيسه.

أضاف العنصر أمام رئيس الحكومة وباقي قيادات أحزاب الغالبية "إننا غير راضين عن الإصلاحات التي تتقاذفها أمواج نزعات سياسوية عقيمة يدفع المواطن ثمنها"، وذلك في انتقاد صريح لحزبي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار بسبب الخلاف الحاد بينها، بعد تصريحات وزير الشباب والرياضة رشيد الطالبي العلمي المسيئة إلى حزب رئيس الحكومة.

زاد العنصر موضحًا انزعاج حزبه من تعثر الإصلاحات في عدد من القطاعات، معبّرًا عن انشغاله بـ"البطء الذي يعرفه إصلاح التعليم والتكوين"، وأكد أن "الحركة الشعبية" تؤمن أن العالم القروي "في حاجة إلى استراتيجية تنموية حقيقية، وليس إلى حلول ترقيعية لإسكات الاحتجاجات هنا وهناك"، معتبرًا أن هذه الاخيرة "تتزايد، وتتخذ أحيانًا بعض مظاهر العنف".

وأشار العنصر إلى أن المغرب يوجد في نقطة تحول تاريخي، وأن الإصلاحات التي نص عليها الدستور، توجد في طور التنفيذ، ورغم ذلك "يجب ألا نتوهم أننا بلغنا النهاية، فلا يزال أمامنا الكثير من العمل، ويجب التغلب على الذات، حتى لا نقع في أخطاء الماضي".

عاد العنصر ليسجل بأن البلاد تواجه "تحديات جسام، والعلل التي تنخر مجتمعنا لا تزيده إلا عنادًا، والمواطن لا يزداد إلا تذمرًا من ثقل المساطر (الاجراءات) الإدارية والرشوة وانعدام الثقة والبطالة، خصوصًا في صفوف الشباب، إضافة إلى الفقر في العالم القروي".

جدد العنصر التأكيد على أن حزبه ماض في مسيرته النضالية التي بلغت 60 سنة، وفيًا لوطنيته وتجذره الراسخ في ربوع المملكة، معتبرًا أن هذا الرسوخ يمنح الحزب الطموح إلى لعب أدوار "طلائعية من أجل مغرب أفضل تتكافؤ فيه الفرص وتتساوى فيه الحظوظ، ويبعث الثقة، ويضمن مستقبل كل أبنائه وبناته، مغرب العدل والحريات والمساواة".

وعبّر الأمين العام المنتهية ولايته، عن ثقة حزبه في تحقيق مغرب أفضل، وقال إن ذلك "ليس مستحيلًا"، وأكد حاجة البلاد إلى "مبادرات سياسية جريئة تكون وراءها أحزاب تؤمن بالمغرب وقدرته على على إحداث التغيير في هدوء وانسجام، وقدرته على التقدم من دون فتح باب على المجازفة والمجهول، مغرب قوي وموحد بمؤسساته، وعلى رأسها المؤسسة الملكية".

أظهرت الأجواء التي رافقت افتتاح المؤتمر استفحال الأزمة داخل الغالبية الحكومية، حيث عاينت "إيلاف المغرب"، جفاء واضحًا بين سعد الدين العثماني رئيس الحكومة وأمين عام حزب العدالة والتنمية، من جهة، ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، حيث جرى بينهما سلام بارد خلال اللحظات الأخيرة قبل الالتحاق بالقاعة التي احتضنت الافتتاح.

تأكد هذا الأمر، بعدما جلس كل من عزيز أخنوش ورشيد الطالبي العلمي بجانب كل من حكيم بنشماش أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، ونزار بركة أمين عام حزب الاستقلال المعارض أيضًا، إضافة إلى الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب، فيما جلس سعد الدين العثماني بجانب نبيل بنعبد الله، أمين عام حزب التقدم والاشتراكية، وفي المقاعد الخلفية، جلس كل من مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان، ولحسن الداودي وزير الشؤون العامة والحكامة، عن حزب العدالة والتنمية.

لكن عدم جلوس هؤلاء: أخنوش والمالكي وبنشماش وبركة في المقاعد المخصصة لهم راجع إلى تهافت بعض قادة الأحزاب الصغيرةً إلى الجلوس في المقدمة، بينما ظل كبار المدعويين واقفين في انتظار إحضار كراسٍ.

لوحظ أن أخنوش والوزير رشيد الطالبي العلمي المنتمي إلى حزب التجمع الوطني للأحرار غادرا مكان المؤتمر مباشرة بعد إنهاء العنصر كلمته الافتتاحية، قبل أن تعطى الكلمة إلى العثماني، الذي أكد أن الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد تبيّن الحاجة إلى "مناضلين سياسيين يخدمون البلد بالجد والمعقول"، كما طالب برفع التحدي من أجل السير إلى الأمام وتدعيم "الممارسة السياسية الجادة".

وأعرب العثماني عن افتخاره بالروابط والعلاقات التاريخية التي تجمع حزبي "العدالة والتنمية" و"الحركة الشعبية"، إذ يعتبر الراحل عبد الكريم الخطيب مؤسس حزب العدالة والتنمية، من مؤسسي حزب الحركة الشعبية العريق.

من جانبه، قال نبيل بنعبد الله، أمين عام حزب التقدم والاشتراكية، في كلمة قصيرة بالمناسبة، إن حزب الحركة الشعبية "حزب وطني تاريخي يحتفل بذكراه الستين، وينتمي فعلًا إلى الأحزاب التي تأسست في أوضاع خاصة مباشرة بعد حصول وطننا على استقلاله"، مؤكدًا أن البلاد في أمسّ الحاجة إلى "عودة كل الأحزاب الوطنية إلى أمجادها".&

ودعا بنعبد الله إلى التعاون بين الحزبين لـ"رد الاعتبار إلى العمل السياسي وإلى العمل الحزبي، فوطننا في حاجة إلى أحزاب قوية". وأضاف أن التطورات الاجتماعية والسياسية التي تعيشها البلاد تؤكد الحاجة الماسّة إلى "ممارسة ديمقراطية سوية، وأنتم (الحركة الشعبية) من حاملي هذه الشعارات، ومعكم سنواصل العمل من داخل الحكومة كشركاء وحلفاء"، مشيدًا بالعلاقات المتميزة التي تربط بين الحزبين وقيادتهما.

يذكر أن أشغال المؤتمر الوطني الثالث عشر لحزب الحركة الشعبية تتواصل لغاية يوم غد الأحد، حيث تشير التوقعات إلى أن العنصر يتجه إلى الظفر مجددًا بمنصب الأمين العام للحزب، وهو الذي لم يغادره منذ سنة 1986، وسط دعم كبير من قياديي الحزب، في حين تبقى حظوظ منافسه مصطفى أسلالو، عضو المكتب السياسي ضعيفة لكسب ثقة مؤتمري الحزب وقلب الطاولة على "الزعيم" الذي تراجع عن رغبته في التنحي قبل أيام قليلة من انعقاد المؤتمر.
&