اختتم نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الثلاثاء أول جولة له في الشرق الأوسط بزيارة حائط المبكى (البراق) في القدس، في حين قاطع الفلسطينيون زيارته إثر قرار واشنطن في الشهر الماضي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

إيلاف: نفذ الفلسطينيون الثلاثاء إضرابًا عامًا في الضفة الغربية المحتلة للاحتجاج على زيارة بنس، والتنديد بالانحياز التام لإسرائيل، الذي تنتهجه إدارة ترمب، واندلعت مواجهات مع القوات الإسرائيلية بالقرب من الحواجز العسكرية والمستوطنات. لكن الاحتجاجات ظلت محدودة.

وفي حين التزمت الغالبية في مدن رام الله والخليل ونابلس بالإضراب العام، فإنه نفّذ جزئيًا في قطاع غزة المحاصر من قبل إسرائيل منذ عشر سنوات. ولم تلتزم القدس الشرقية بالإضراب صباح الثلاثاء.

زار بنس أيضًا نصب "ياد فاشيم" لضحايا المحرقة إبان الحرب العالمية الثانية. وفي يومه الأخير، أكد بنس المسيحي الإنجيلي المتشدد خلال لقائه الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين أنه يعتقد أن الاعتراف بمدينة القدس عاصمة للدولة العبرية "سيفسح المجال أمام التقدم في مفاوضات ذات معنى لتحقيق سلام دائم وإنهاء الصراع المستمر منذ عقود". ورد ريفلين باللغة العربية قائلًا "إن شاء الله".

شرف عظيم
وقام بنس بعد ظهر الثلاثاء بزيارة حائط المبكى (البراق)، في القدس الشرقية المحتلة، وارتدى قلنسوة سوداء تقليدية على رأسه. وقام بوضع قطعة من الورق داخل أحد فتحات الحائط، امتثالًا للتقليد المعتمد في الموقع. وزار بنس وزوجته كارين الموقع منفصلين كما جرت العادة.

كتب بنس على دفتر الزوار "إنه لشرف عظيم أن أصلّي هنا في هذا الموقع المقدس. بارك الله الشعب اليهودي، وبارك الله دولة إسرائيل على مدى الدهر". ويعتبر اليهود حائط المبكى الواقع في أسفل باحة الأقصى آخر بقايا المعبد اليهودي (الهيكل) الذي دمّره الرومان في العام 70 للميلاد ، وهو أقدس الأماكن لديهم. والمسجد الأقصى هو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لدى المسلمين.

وكان بنس ألقى الاثنين خطابًا أمام البرلمان الإسرائيلي تعهد فيه بنقل السفارة الأميركية إلى القدس قبل نهاية عام 2019. ورحبت صحيفة "إسرائيل هايوم" المجانية والمقربة من نتانياهو بخطاب بنس أمام الكنيست، ووصفته بأنه "تاريخي والأكثر ودية تجاه إسرائيل".

ووسط التصفيق قال بنس إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب قام في الشهر الماضي "بتصحيح خطأ عمره 70 عامًا. ووفى بوعده للشعب الأميركي (...) القدس عاصمة إسرائيل، ولهذا وجّه الرئيس ترمب تعليماته لوزارة الخارجية للبدء فورًا بالتحضيرات لنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس".

وقبل لحظات من بدء خطابه، طرد النواب العرب من القائمة العربية المشتركة بعد احتجاجهم، ورفع بعضهم لافتات تقول "القدس عاصمة فلسطين"، وسط تصفيق النواب الإسرائيليين ورئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.

يذكر أن القدس في صلب النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين الذين يتمسكون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة، في حين أعلنت إسرائيل القدس المحتلة منذ 1967 "عاصمة أبدية" لها في 1980.

هدية للمتطرفين
ودعا بنس في خطابه القيادة الفلسطينية إلى العودة إلى طاولة المفاوضات، علمًا أن الفلسطينيين أعلنوا بعد قرار ترمب رفضهم للوساطة الأميركية في عملية السلام. وانتقد أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات خطاب بنس بقوله إن "خطاب بنس التبشيري هو هدية للمتطرفين، ويثبت أن الإدارة الأميركية جزء من المشكلة بدلًا من الحل".

وشهدت العلاقات الفلسطينية الأميركية توترًا شديدًا بعد قرار ترمب في 6 ديسمبر الذي أنهى عقودًا من الدبلوماسية الأميركية المتريثة، ورفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس لقاء بنس.

أثار قرار ترمب سلسلة تظاهرات احتجاجية ومواجهات في الأراضي الفلسطينية تسببت بمقتل 18 فلسطينيًا. كما قتل مستوطن إسرائيلي خلال هذه الفترة من دون أن يتضح إن كانت لمقتله علاقة بالاحتجاج على الموقف الأميركي. ومن النادر أن يزور مسؤول أميركي المنطقة من دون الالتقاء بمسؤولين فلسطينيين. يشار إلى أن محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين متوقفة منذ عام 2014.

في غضون ذلك، قال مسؤول بارز في البيت الأبيض إن المبعوثين الرئيسيين للإدارة لم يتحدثوا إلى القادة الفلسطينيين منذ 6 ديسمبر. أضاف "سنكون جاهزين عندما يكون الفلسطينيون مستعدين" لذلك.

إلا أن المسؤول تهرب من السؤال حول موعد تقديم الإدارة خطتها للسلام التي لا تزال قيد الإعداد. أضاف "لا أظن أن أحدًا يعتقد أن بإمكانه الحلول محل الولايات المتحدة في هذه العملية، بصراحة، لا أعتقد أن الفلسطينيين يعتقدون" ذلك أيضًا.