واشنطن: لم تكن نيكي هايلي التي قدمت استقالتها كسفيرة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة الثلاثاء معروفة على الساحتين الوطنية والدولية عندما انضمّت إلى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

لكن بعد نحو عامين على كونها أحد أعلى الأصوات الأميركية في مجال السياسة الدولية، تغادر السفيرة البالغة 46 عاماً منصبها في نهاية العام بشهرة دولية وسمعة بكونها تصدّت لشخصية ترمب الزئبقية.

ومع تنامي التكهّنات حول مستقبلها السياسي، نفت هايلي أيّ نية لديها لمنافسة رئيسها في انتخابات عام 2020، وأكّدت الثلاثاء في البيت الابيض أنّه قد "حان الوقت للتنحّي".

وأضافت وقد وقف الرئيس إلى جانبها "ليس عندي شيء جاهز في ما يتعلق بالمكان الذي سأنتقل إليه".

لكن ما يمكن أن يكون منطقياً هو رغبتها بالابتعاد عن دائرة الأخبار القاسية والهجمات الإعلامية التي تحيط بترمب.

وهايلي التي تنتمي للحزب الجمهوري وشغلت منصب حاكمة ولاية كارولينا الجنوبية تميّزت خلال عملها في الأمم المتحدة بعدم خوفها من التعبير عن رأيها صراحة وفي بعض الأحيان بلهجة غير دبلوماسية.

وكانت هذه المرأة الصلبة صوت البيت الابيض أمام العالم في كل شيء، من نزع اسلحة كوريا الشمالية النووية إلى الحرب في سوريا.

ومثّلت هايلي التنوّع في إدارة ترمب التي يهيمن عليها البيض، كونها ابنة مهاجر هندي نشأت على ديانة السيخ لكنها تعرّف عن نفسها كمسيحية.

وجهة نظر مختلفة

وفي البدء لم تكن هايلي داعمة لترمب، فهي كانت الى جانب السناتور عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري عام 2016، ثم انتقلت لتدعم السناتور تيد كروز.

وفي وقت ما وصفت رجل الأعمال وتاجر العقارات الفظّ بأنّه "كلّ ما لا يريده حاكم ولاية في رئيس"، واعترفت قبل اسابيع على الانتخابات بأنّها ليست من "معجبي" ترمب.

لذا كان لاختيار ترمب لها لتشغل منصب سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة وقع المفاجأة، فهي لم تكن تملك أي خبرة بالسياسة الدولية لتكون صوت واشنطن في اكبر محفل دولي.

لكنّها، كما قالت هي بنفسها، كان لديها سجلّ في تحريك المؤسسات الحكومية التقليدية، وهي خاصيّة استهوت ترمب بشكل مؤكّد.

وقالت هايلي لمجلس العلاقات الخارجية العام الماضي إنّ "المؤسّسات تستفيد دوماً من وجهة نظر الشخص الذي يأتي من الخارج".

وأضافت "في كارولينا الجنوبية كنت أول حاكمة للولاية من الأقلّيات، وأيضاً في صدمة حقيقة للولاية، أول امرأة تشغل هذا المنصب".

ولدت نيمراتا "نيكي" رانداوا عام 1972 في بامبيرغ في كارولينا الجنوبية، وصعدت بسرعة الى المسرح السياسي في الولاية عبر تمثيلها في مجلس النواب بين عامي 2005 و2011 حتى انتخابها حاكمة.

وذكرت تقارير أنّه تم النظر في اختيارها كمرشحة لمنصب نائب الرئيس في حملة الجمهوري ميت رومني خلال السباق الرئاسي عام 2012.

وعُرفت نيكي في الولاية بأفكارها المحافظة وصراحتها المطلقة، وإن باسلوب سلس.&

ولفتت انتباه الأميركيين على الصعيد الوطني عام 2015 بعد دعمها إزالة علم الاتّحاد من مقرّ الولاية الذي يعتبر رمز الجنوب الأميركي بعد أن قام رجل أبيض بإطلاق النار على كنيسة للسود وقتل تسعة من أبناء رعيّتها.&

وهايلي متزوجة من مايكل هايلي وهو ضابط في الحرس الوطني في كارولينا الجنوبية ولهما طفلان.

"لا أرتبك أبداً"

وفي الأمم المتحدة، وجدت هايلي صوتها يطغى سريعاً على صوت وزير الخارجية يومها ريكس تيلرسون.

كوانت مدافعة شرسة عن إسرائيل وناقدة شرسة لروسيا أكثر من ترمب نفسه.

وعندما افترض مساعد في البيت الابيض في أبريل هذا العام بأن "الإرباك" دفعها إلى إعلان عقوبات جديدة ضد روسيا بشكل خاطئ، ردّت سريعاً بالقول "مع كل احترامي، أنا لا أرتبك ابداً".&

ولم تكتفِ بالعمل الدبلوماسي داخل المؤسسة الأمميّة، بل أرادت أن ترى ما الذي يحدث على الأرض وسافرت إلى إسرائيل وجنوب السودان وجمهورية الكونغو الديموقراطية واميركا اللاتينية.

وفي الاشهر الأخيرة أفل نجمها إلى حدّ ما مع استبدال تيلرسون بمايك بومبيو الذي لا يقل فظاظة عن ترمب، ومع تعيين جون بولتون مستشارا للأمن القومي.