برلين: يخشى حلفاء المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل المحافظون في بافاريا هزيمة انتخابية كبيرة الأحد في المقاطعة الواقعة جنوب الألب، يمكن أن يتردد صداها في برلين.

وتشير التوقعات إلى أن الاتحاد المسيحي الاجتماعي الذي حكم منفردا تقريبا الولاية الثرية منذ الستينات، سيخسر غالبيته المطلقة.

ويتوقع أن يحقق الشريك الآخر في "الائتلاف الكبير" الهش الذي تتزعمه ميركل، وهو الحزب الاشتراكي الديموقراطي، نتيجة سيئة فيما يبدو الحزب اليميني المتطرف المعادي للهجرة "البديل لألمانيا" على عتبة دخول برلمان المقاطعة.

غير أن أكبر الرابحين قد يكون حزب الخضر اليساري الميول، الذي تضاعفت نسبة التأييد له منذ انتخابات المقاطعة السابقة لتصل إلى حوالى 18 بالمئة، وهو ما سيجعله ثاني أقوى الأحزاب.

ويمكن للناخبين البالغ عددهم نحو عشرة ملايين الإدلاء بأصواتهم في مراكز الاقتراع من الساعة 6,00 ت غ إلى الساعة 16,00 ت غ، على أن يبدأ صدور النتائج بعد وقت قصير على ذلك.

وإذا صحت التوقعات، ستكون انتخابات بافاريا خطوة أخرى نحو تراجع الاحزاب التقليدية وشرذمة المشهد السياسي كما يُشاهد في ديموقراطيات غربية أخرى.

وبالنسبة لميركل التي ضعف موقعها في ولايتها الرابعة والأخيرة، فإن ذلك سيفاقم الضغط السياسي عليها قبل أسبوعين من انتخابات محلية خطيرة أخرى، في مقاطعة هسن بوسط ألمانيا.

وقال رئيس البرلمان فولفغانغ شويبله، الحليف القديم لميركل، إن انتخابات المقاطعتين "ستوثران على السياسات الوطنية وبالتالي سمعة المستشارة".

تدفق المهاجرين

وطالما استخدم الحزب المسيحي الاجتماعي، الشريك التقليدي البافاري للاتحاد المسيحي الديموقراطي بزعامة ميركل، سياسة المهرجانات الشعبية الاحتفالية للاستئثار بالسلطة في المقاطعة الشهيرة بقصورها ومهرجان البيرة "أكتوبرفرست" والشركات الرائدة مثل سيمنز وبي.إم. دبليو ونادي ميونيخ لكرة القدم.

ويتباهى الحزب بالاستقرار السياسي والقيم التقليدية المحافظة في المقاطعة ذات الغالبية الكاثوليكية، وشجع على تعليق الصلبان في المدارس وحظر الحجاب في الأماكن العامة.

ودائما ما حقق الحزب فوزا في الانتخابات في بافاريا وحكم شراكة في برلين مع الاتحاد المسيحي الديموقراطي بزعامة ميركل.

لكن هذه الدينامية تغيرت بعد منتصف 2015 عندما أصبحت هذه المنطقة المحاذية للنمسا فجأة خطا أماميا لتدفق للاجئين والمهاجرين وغالبيتهم من المسلمين الفارين من الحروب والفقر، نصفهم من سوريا والعراق وأفغانستان.

وبعد ترحيب أولي، أثار توافد المهاجرين رد فعل معاديا للأجانب، أدى إلى صعود "حزب البديل لألمانيا" الذي جذب في الانتخابات العامة العام الماضي ملايين الأصوات متسببا في إضعاف جميع الأحزاب التقليدية.

كما هاجم الاتحاد المسيحي الاجتماعي نهج ميركل الليبرالي إزاء الهجرة، حاملا عليها بشراسة تصاعدت مع اقتراب الانتخابات في بافاريا، في مسعى يائس للاستعادة الناخبين الذين يميلون إلى حزب البديل لألمانيا.

ومع تصاعد الخلاف تسبب وزير الداخلية المنتمي للاتحاد المسيحي الاجتماعي هورست سيهوفر بانشقاقات دفعت بائتلافها المهتز إلى شفير الانهيار.

وعلى غير عادة، غابت ميركل بشكل كبير عن الحملة الانتخابية للحزب الذي دعا في تجمعه الأخير الجمعة بدلا عنها المستشار النمساوي اليميني سيباستيان كورتز.

صعود الخضر

وأظهر عدد من استطلاعات الرأي أن الخطاب المتشدد للاتحاد المسيحي الاجتماعي وسياسة حافة الهاوية، أعطيا نتائج عكسية إذ تراجعت نسبه التأييد له إلى حوالى 30 بالمئة.

وفيما بلغت نسبة التأييد لحزب "البديل لألمانيا" 10 بالمئة أو ما فوق، كان الصعود المفاجئ هو لحزب الخضر، الذي اشتهر بمظاهر الهيبي والدعوات للسلام، إذ اجتذب أصوات ناخبين تقليديين ليصبح فجأة قوة سياسية تقليدية.

وفيما يعلن صراحة أنه يريد إنقاذ الأرض، تعهد أيضا التصدي لمشكلات الناخبين اليومية من رعاية الأطفال إلى الاسكان في المدن.

وفيما يبدو الحزب المسيحي الاجتماعي بالنسبة لعدد كبير من الناخبين حزب الماضي، خفف رئيس حكومة المقاطعة ماركوس سودر لهجته الحادة تجاه "طالبي اللجوء السياح" وألقى باللائمة على "سياسات برلين" في تراجع الاستطلاعات، مثيرا تكهنات من أنه يستعد لجعل خصمه القديم سيهوفر كبش فداء.

من ناحيته أعلن سيهوفر (69 عاما) إنه يعتزم "إنجاز مهمتي" كوزير للداخلية، مع احتمال استمراره في استفزاز ميركل.

ومن المفارقة أن إحدى النتائج المحتملة لانتخابات بافاريا قد تكون فرض تحالف غير ممكن بين المحافظين والخضر وهو ما يمكن أن يشكل سابقة لحكومات وطنية مستقبلية.