في ختام فعاليات اليوم الأول من مؤتمر الاستثمار في المستقبل، الذي انطلقت فعالياته، الأربعاء، في إمارة الشارقة بدولة الامارات العربية المتحدة، تحت شعار "الشباب: تحديات الأزمات وفرص التنمية" تم إطلاق "إعلان الشارقة لتمكين الشباب" الذي جاء نتيجة الجلسات النقاشية التي شهدها اليوم الأول من المؤتمر، بين ممثلي المؤسسات الحكومية وغير الحكومية الدوليين والمحليين، وبين نخبة من الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.&

بلدان الصراعات والفقر

ويتضمن الإعلان تسعة محاور أساسية تشمل الشباب بشكل عام والشباب اللاجئ والأطفال والمرأة، ويدعو إلى تهيئة المناخ الاجتماعي والاقتصادي والأكاديمي لتمكين الشباب بالمهارات والخبرات اللازمة، إلى جانب توفير الموارد لدعم خطط وبرامج التدريب والتأهيل العلمي والمهني، في البلدان التي تعاني مع آثار الصراعات والفقر، وهي: تعزيز سياسة إعداد الأطفال والشباب للمستقبل وتحفيزهم على المشاركة في عملية اتخاذ القرارات وتشجيعهم على اكتساب مهارات حياتية تمكنهم من استعدادهم لتلقي التعليم، والالتحاق بسوق العمل، وأن يكونوا مواطنين فاعلين وقادرين على مواكبة عملية التنمية الشخصية والمهنية.

&وتعزيز السياسات التي توفر البيئة المواتية للمرأة وتقر بأهمية دورها في المجتمعات كعامل محفز لتحقيق الاستقرار والنمو الاقتصاديين.

&وتعميم المساواة بين الجنسين في جميع الخطط والسياسات والبرامج التي تهدف إلى تمكين الشباب وحمايتهم ودعمهم. و الاستفادة من الجهود الحالية لإصلاح التعليم، ومن المتغيرات الديموغرافية كفرصة للاستثمار في رأس المال البشري، لتحقيق المزيد من التنمية والنمو الاقتصادي. وتنسيق جهود الحكومات ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والأكاديميين والقطاع الخاص لتطوير التعليم وتشجيع الأنظمة المفتوحة التي تتيح فرص التعلم المرن خارج المدرسة.
&
حماية الشباب اللاجئ

كما تضمن الإعلان التأكيد على أن ريادة الأعمال لدى الشباب هي قوة دافعة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية؛ باعتبارها أداة تمكين وعنصرا محفزا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. و العمل على تهيئة ظروف ملائمة ومشجعة لرواد الأعمال الشباب، لا سيما في ظل تنامي أعداد الشباب على مستوى سكان العالم، ما يجعل منهم قوة فاعلة ومؤثرة لبناء عالم أفضل إذا اتخذت القرارات الصحيحة الآن وتم تنفيذ الاستثمارات المناسبة لتحقيق الهدف المرجو. وضمان ﺣﻣﺎﯾﺔ ﺟﻣﯾﻊ الشباب اﻟﻼﺟﺋﯾن ﻣن اﻟﻌﻧف وﺳوء اﻟﻣﻌﺎﻣﻟﺔ واﻻﺳﺗﻐﻼل، والحرص على توفير اﻟﺧدﻣﺎت اللازمة لهم، ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك اﻟدﻋم اﻟﺻﺣﻲ واﻟﻧﻔﺳﻲ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ. وإيلاء اهتمام كبير بمصالح الشباب اللاجئين في جميع المسائل التي تؤثر على رفاهيتهم ومستقبلهم.

خلل ديموغرافي

وشهد اليوم الأول من مؤتمر "الاستثمار في المستقبل"، جلسة حوارية بعنوان:" الشباب والنزاعات وبناء السلام"، نظمتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وشارك في الجلسة التي أدارتها الصحافية زينة اليازجي، كل من السفير محمد عبدي عفي والمبعوث الخاص للمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وسايمون أوكونيل المدير التنفيذي لجمعية ميرسي كوربس، والكاتب والمراسل شاكر غزال، حيث بحثوا أثر النزاعات المسلحة، والحروب، والفقر، على تقليص فرص الشباب بالمشاركة في تطور ونمو مجتمعاتهم، فضلاً عن حرمانهم من أبسط حقوقهم بحياة كريمة.

وناقش المتحدثون محدودية الفرص المتوفرة للشباب، في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المتأثرة بالصراعات والحروب والفقر، مؤكدين أنها أوجدت خللاً ديموغرافيا أدى إلى وجود ضعف كبير في شرائح السكان في المنطقة، كما توقفوا عند جهود المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مشيرين إلى أن أعمالها تقوم على 4 أولويات رئيسة خاصة بالشباب، تتعلق بتخفيف الضغط على البلدان المضيفة، وتعزيز قدرة اللاجئين على الاعتماد على الذات.
&
المساواة الاقتصادية والاجتماعية

وفي رده على سؤال حول التحديات التي تواجه الشباب في المنطقة، أوضح محمد عبدي عفي، المبعوث الخاص للمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن "المنطقة تمر بالعديد من الصراعات التي حالت دون تمكن الشباب من الحصول على التعليم والرعاية الكافية، كما لعبت الصراعات دورا في عدم تحقيق المساواة الاقتصادية والاجتماعية لهذه الشريحة المهمة من المجتمع، وهذا أمر يجب أن يلتفت المجتمع الدولي له بشكل أكبر ويحشد التضامن والدعم من أجل إنهاء أزمة اللجوء التي تشكّل عائقاً أمام التنمية المجتمعية لبلدانهم".
&
خطابات التفرقة والتسييس

وتابع المبعوث الخاص للمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن المفوضية تتولى من خلال برامجها الإنمائية الداعمة حماية اللاجئين حول العالم ومد يد العون لهم في شتى الظروف التي يمرون بها، ولكن علينا أن نشير إلى مسألة ضرورية وحاسمة في هذا المجال وهي ضرورة حشد الجهود الإقليمية سواء من الدول المانحة أو المستضيفة لهؤلاء الأشخاص، وأن تسمح لهم بسهولة الحركة ليشعروا بأنهم أشخاص ينتمون للمكان الذي يعيشون فيه إذ يوجد الكثير من النماذج الناجحة للاجئين أثبتوا حضورهم الفاعل في مختلف المجالات سواء كان في التشكيلات الحكومية أو البرلمانات وغيرها، كما توجد مسؤولية تقع على عاتق وسائل الإعلام وهي أهمية لفت الانتباه إلى قضايا اللاجئين الإنسانية ودعمهم والابتعاد عن تسييس قضيتهم وبث خطابات التفرقة والكراهية.
&
الجوع وصناعة التغيير

من جانبه أكد سايمون أوكونيل المدير التنفيذي لجمعية ميرسي كوربس، أن التحديات التي يواجهها الشباب من اللاجئين حول العالم كبيرة ويجب على المنظمات الداعمة أن تجد حلولا ناجحة تسهم في تمكين هؤلاء الأفراد والدفع باتجاه جعلهم عناصر فاعلة قادرة على صناعة التغيير المنشود، لافتاً إلى أن مؤتمر الاستثمار في المستقبل منصة مهمة لتوجيه هذه الرسالة لجميع الدول والحكومات المانحة والداعمة والمحتضنة للاجئين.
&
وأوضح المدير التنفيذي لجمعية ميرسي كوربس، أنه على مدار العقدين الماضيين شهدت حالات اللجوء تضخماً ملحوظاً، حيث تشير الأرقام إلى وجود ما يناهز 1.2 مليون لاجئ هربوا إلى جنوب السودان خلال أزمته، إلى جانب 800 مليون شخص ينامون ويعانون الجوع في العالم جراء حالات اللجوء التي يعانون منها، فضلاً عما يزيد على 140 مليون شخص بحاجة لمساعدات إنسانية، ومليار ونصف المليار شخص يعيشون في ظروف صعبة.
&
بناء السلام

وأضاف أن 1% من المساعدات التنموية الرسمية التي تقدمها البلدان المانحة مخصصة لتفادي النزاعات وبناء السلام، وأن دولة الإمارات العربية المتحدة تعتبر من بين أكثر الجهات المانحة والداعمة للاجئين حول العالم سخاء، لكن بعض التمويلات تخصص لمعالجة مسببات الأزمات وليس قضية اللجوء ذاتها، وهذا بحدّ ذاته عامل لا يسهم في رأب الصدع لذا علينا أن نفهم المتطلبات التي يحتاجها اللاجئون وتوفير الفرص الملائمة وإشراك الشباب في صناعة القرار لتعزيز فاعليتهم في المجتمع.
&
وتابع أوكونيل "نعمل في المنظمة منذ سنوات على تطوير شبكات المياه في البلدان التي عانت من صراعات وأزمات إلى جانب البلدان التي تحتضن حالات اللجوء حول العالم لكن هناك ما هو أهم من ذلك، إذ يتوجب علينا تعزيز أنظمة الحكومة لضمان توفير مياه نظيفة، وفرص تنموية، واقتصادية متساوية، إلى جانب الترويج للمؤسسات الصغيرة ومتوسطة الحجم التي تلعب دوراً محورياً في إنهاء حالات اللجوء ومعالجة الوضع بشكل كامل."
&
طموحات الشباب

من جهته، أوضح الكاتب والناشط الحقوقي شاكر غزال أن "الجهود التي تقوم بها المنظمات والجهات الداعمة للاجئين حول العالم وفّرت منطلقات لحياة كريمة لعدد كبير من اللاجئين وأنا واحد منهم، إذ لولا هذا الدعم لم أكن بينكم اليوم، ويجب أن أشير من هذا المؤتمر الذي يعتبر فرصة مثالية للعاملين في شتى القطاعات المساندة والداعمة للاجئين إلى وجود الكثير من التحديات التي تواجه الشباب سواء كانت قلة الفرص الاقتصادية أو الاجتماعية أو غيرها، وهذا يضع الجميع أمام مسؤولية كبيرة لتوفير بيئة تلائم طموحات وآمال الشباب وتقودهم نحو بناء مستقبل قويّ مدعم بالخبرة والمعرفة".

نبذ الكراهية
&
وذكر غزال أنه "بالنظر إلى جملة المعاناة التي يمر بها اللاجئون حول العالم، علينا تذكير الإنسانية بأننا جميعاً بشكل أو بآخر من اللاجئين، هذا المفهوم يقود الجميع لتبني خطاب ينبذ الكراهية ويعزز من مفهوم الأمل، كون التحدّي الأول والأساسي الذي يواجه الشباب اللاجئ هو الأمل، الذي اعتبره شيئاً أصيلاً يمهد الطريق نحو المثابرة والوصول إلى الغايات التي يطمح لها جميع هؤلاء الشباب، لذا تقع المسؤولية على الحكومات والمنظمات التي تحتضن اللاجئين بأن تعزز من مستويات الأمل لدى الشباب اللاجئ لتمكنهم من القيام بأدوارهم بفاعلية كما يترتب على المجتمعات مسؤولية أن يتقبلوا اللاجئين ويخاطبوهم بإنسانية."