هل تعتبر لوحة أنجزها برنامج للذكاء الاصطناعي عملا فنيا؟ تريد دار "كريستيز" المساهمة في هذا النقاش من خلال عرض لوحة منجزة بهذه الطريقة للبيع في مزاد للمرة الأولى الخميس في نيويورك.

تبدو لوحة "بورتريه إدموند بيلامي" في إطارها المذهّب أشبه عن بعد بغيرها من البورتريهات المرسومة في القرن الثامن عشر أو التاسع عشر مع رسم لرجل يرتدي سترة سوداء وقميصًا أبيض.

غير أنها تثير الحيرة عن قرب، فملامح الوجه غير واضحة وغير مكتملة والتوقيع الوحيد الوارد في أسفل اللوحة إلى اليمين هو كناية عن معادلة رياضية.

وقد صمّم بيير فوترل العضو في جمعية "أوبفيوس" الفرنسية هذا البورتريه بهدف تعميم الفنّ المبتكر بواسطة الذكاء الاصطناعي. وبغية إنجاز هذا العمل، كان لا بدّ من عرض 15 ألف رسم بورتريه كلاسيكي من القرن الرابع عشر حتى القرن العشرين على هذه البرمجية.

وقد اكتسبت البرمجية القدرة على "الاحاطة بقواعد رسم البورتريه"، بحسب فوترل. وبفضل نوع جديد من المعادلات الحسابية استحدثه الباحث في "غوغل" آين غودفيلو، صنع التطبيق سلسلة من الرسومات بنفسه.
وقد اختار أعضاء "أوبفيوس" 11 رسما يمثّل "عائلة بيلامي".



&

إثارة النقاش

وتكتسي هذه الآلية في نظر فوترل (25 عاما) طابعا فنيا.

وهو يقول "حتّى لو كانت البرمجية هي التي تصنع الرسم غير أن النيّة نابعة منا ونحن نستعملها كأداة قوية يمكن أن تكون لديها لمسة إبداعية. ونحن قررنا اختيار هذا الموضوع ورسم اللوحة وتوقيعها بمعادلة رياضية ووضعها في إطار مذهّب".

ويشبّه بيير فوترل اللوحات المصنوعة بواسطة الذكاء الاصطناعي بالتصوير الفوتوغرافي في الخمسينات من القرن التاسع عشر.&ويلفت إلى أن النقاد "كانوا يعتبرون الصور مهتزّة وأن الأمر يتطلب مهندسين جدّ أكفاء وأن الإنتاج لا يرتقي إلى مصاف الفنّ ويضرّ بالفنانين".

لكن لا يزال الجدل محموما راهنا بشأن فنّ الرسم، بحسب ما يقول ريتشارد لويد المسؤول عن المطبوعات في "كريتسيز". ويكشف لويد أن الهدف من هذا المزاد الذي أشرف على تنظيمه، هو في المقام الأول إثارة نقاش في عصر يهتمّ فنانون كثر بتقنية الذكاء الاصطناعي.

وقدّر السعر الأولي للوحة بين 7 آلاف و10 آلاف دولار، "ليأخذها الناس على محمل الجدّ حتّى من دون أن يقتنعوا بها"، بحسب ما يقول لويد لوكالة فرانس برس.

"حكر على أغنى الأغنياء"

وقد وقع خياره على عائلة بيلامي لأن "اللوحة أقرب إلى النتاج البشري" بالمقارنة مع غيرها من الأعمال المصنوعة بتقنية الذكاء الاصطناعي.

وهو يوضح "إن&الحدث مفصلي في نظري، فمن خلال عرض اللوحة في كريستيز، المركز الأساسي للأعمال الفنية في العالم، ندفع الجميع إلى التساؤل عن جدوى الأمر وانعكاساته على الفنّ". ولا يزال النقاش في بداياته، إذ لا بدّ من البت في مسائل قانونية عدّة، كمن هو الرسام الفعلي، البرمجية أم المنظمة؟ وهل يمكن المطالبة بحقوق تأليف عند نسخ الرسم؟

وأيا تكن الأجوبة، فإن فوترل على قناعة بأن هذا المزاد سيحدث فرقا في مسيرة منظمته.

أما ريتشارد لويد، فهو على يقين من أن هذا النوع من الأعمال سيتكاثر.

وقد يتسنى لكلّ فرد في المستقبل المنظور صنع لوحته الخاصة مع هكذا برمجية. لكن "هذا الامتياز سيكون حكرا على أغنى الأغنياء" بطبيعة الحال، على حدّ قوله.