الرباط: قال نبيل بنعبد الله، أمين عام حزب التقدم والاشتراكية المغربي (الشيوعي سابقا)، إن ضمان استقرار بلاده والعبور إلى بر الأمان يمر عبر طريق وحيد هو "العمل على بلورة مضامين دستور 2011، وتوسيع الفضاء الديمقراطي، والاعتماد على حكومة قوية، ومؤسساتٍ ذات مصداقية".

وأكد بنعبد الله أن المعطيات المتظافرة "تجعلنا في موقف يستدعي منا تقدير أنه من الأنسب لحزبنا مواصلة النضال من الموقع الحكومي"، معتبرا أن الموقع المؤسساتي يتيح "إمكانيات أكبرَ للتأثير".

وأضاف بنعبد الله في عرض سياسي قدمه أمام أعضاء اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية (برلمان)، اليوم السبت، في الرباط، " أن كل نقط الضوء في وطننا بما فيها مواقــفُــنا الإيجابية، ستظل بلا أثر مجتمعي يذكر، وستظل معرضة للانطفاء والتراجع"، مشددا على أهمية وجود أحزاب سياسية حرة الإرادة والفعل، ومجتمعٍ مدني مستقل وفاعل، وإعلامٍ مُوجِّه وليس مُوجَّه، وتكريسُ الحرياتِ الفردية والجماعية لتحقيق الإصلاح المطلوب.

وأشار بنعبد الله إلى أن مسألة مواصلة حضور "التقدم والاشتراكية" في الحكومة "ليس أمرا مقدسا، بل إنها موضوع يمكن الرجوع إليه والتداول فيه ومراجعتُه في أية لحظةٍ من طرف اللجنةِ المركزية، صاحبةِ القرارِ الأولِ والأخير"، لافتا الى أنه بقدر ما "تماهت الحكومةُ، التي نحن الآن جزء من أغلبيتها، مع منطق ودينامية الإصلاح، بقدر ما حظيت بدعمنا وانخراطنا".

وزاد مخاطبا أعضاء حزبه، أنه إذا ابتعدت الحكومة عن منطق ودينامية الإصلاح، ف"سنعود إليكم قصد اتخاذ الموقفِ المناسب"، وذلك في إشارة إلى أن الباب يظل مفتوحا أمام الحزب للخروج من الحكومة في أي لحظة.

وأفاد بنعبد الله بأنه بعد اللقاءات التي جمعت قيادة حزبه برئيس الحكومة سعد الدين العثماني، بخصوص قرار حذف كتابة الدولة( وزارة دولة) المكلفة الماء، التي كانت تشرف عليها القيادية في الحزب شرفات أفيلال، والأوضاع التي تعيشها البلاد "تلقينا تأكيدات بخصوص ما سيتم مباشرته من أوراش للإصلاح، وأن الاقتناعَ بدأ يترسخ للشروع في شق طريق جديدٍ قوامهُ ما دأبنا على نعته بالنفس الديمقراطي الجديد، وهو طريق طويل وشاق، لكنه ممكن، وهو كفيل بالذهاب بوطننا وشعبنا إلى بر الأمان".

ودعا بنعبد الله الحكومة إلى الاجتهاد "الجدي في صَوْنِ السلم الاجتماعي، وجعلِ الحوارِ الاجتماعي حقيقيا ومنتجا، من خلال التفاعل اللازمِ مع المطالب المشروعةِ للطبقة الشغيلة، وتحمل المسؤولية السياسية، بشجاعة تتجاوزُ المنطقَ الحساباتي والهاجس الموازناتي، في بلورة اتفاق اجتماعي مع المركزيات النقابية( الاتحادات العمالية ) ، مما من شأنه أن يعطي دلالة أصدق لنوايا الإصلاح المعلنة".

وشدد أمين عام "التقدم والاشتراكية" على أن الإصلاح لن يستقيم سوى من خلال "قيامِ ديمقراطيةٍ حقيقية وتوفيرِ حياة سياسية سوية تضطلع فيها مؤسسات وأحزاب قوية بأدوارها الكاملة، للإسهام في إعادةِ الثقة وزراعةِ الأمل وتهييئ أجواء التفاؤل"، كما أكد على ضرورة ضخ "روح جديدة في حياتنا العامة، تُــتِــيحُ تثبيتَ المكتسباتِ والتجاوزَ الإرادي للصعوبات والإخفاقات التي يواجهها المشروع الاصلاحي"، حسب تعبيره.

وأوضح المتحدث ذاته بأن التعابير الاجتماعية التي تعيشها البلاد تلتقي حول مطلب تحقيق الكرامة والعدالة الاجتماعية، و"تستنكر تنامي الفقر والبطالة وتراجعَ القدرة الشرائية وارتفاعَ الأسعار، وتتطلعُ نحو شغلٍ حافظٍ للكرامة، ونحو العدل في توزيع خيرات البلاد"، مبرزا أن حزب التقدم والاشتراكية ليس من "دُعَاةِ التأزيمِ أو تسويد الصورة، فتاريخُـــنا وحَاضِرُنَا شاهدان على محاربتنا لجميع أشكال العدمية، وإصرارِنا على التفاؤل، والإسهام في إنارة طريق وطننا حتى في أحلكِ الفترات، لكن الواقعَ لا يرتفع".

وسجل بنعبد الله أنه في ظل هذه الأجواء التي وصفها ب"السلبية" التي تخيم على الوضع السياسي، لا يساهم في تعميقها غياب "المبادرات العمومية القادرة على احتواء الاحتقان فقط"، بل أيضا إذا حضرت المبادرات الإصلاحية وغاب عنها "التأطير والتواصل الضروريان من قِبل فاعلين سياسيين جادين وذوي مصداقية وإقدام، حاملين لممارسة سياسية قادرة على إعطاء المعنى لهذه المبادرات، إن هي وجدت".

كما دعا بنعبد الله إلى تكثيف التواصل الحكومي حول الإصلاحات ل"إشاعة الاطمئنان والثقة، وتبديد المخاوف والشكوك، ورَدْمِ الهُوَّةِ السحيقةِ التي حُفِرت بين الشبابِ وبين الحياةِ العامة"، وذلك في انتقاد غير مباشر للحكومة وسياساتها التواصلية.

ويرتقب أن تشهد اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية نقاشا ساخنا بين أعضائها حول قضية حذف كتابة الدولة المكلفة الماء، التي مازال الكثير من أعضاء الحزب غير راضين عن الطريقة التي دبر بها سعد الدين العثماني رئيس الحكومة وأمين عام حزب العدالة والتنمية القضية، حيث تنادي العديد من الأصوات بفك التحالف مع حزب رئيس الحكومة والخروج إلى المعارضة، وهو التوجه الذي يبقى ضعيفا داخل الحزب.