دراستان معمقتان رائعتان تتناولان شكسبير، الأولى تنظر في تمثيل الشاعر كشخصية تاريخية، والثانية تبحث في أصالته وسمعته.

إيلاف من بيروت: بفضل عقود من البحث التاريخي الدقيق، نعرف الكثير عن الحياة التاريخية لوليام شكسبير. وُلد في سترادفورد أبون أفون في عائلة من الطبقة المتوسطة في عام 1564، وارتاد واحدة من أفضل المدارس في إنكلترا قبل الانضمام إلى المسرح.

تزوج في سن مبكرة، وانتقل إلى لندن، وأدّى دورًا ناشطًا في بعض شركات الإنتاج المسرحي الأكثر شعبية واحترامًا في ذاك العصر. كتب على نطاق واسع وتعاون مع الكثير من الممثلين وكتّاب المسرحيات ووكلاء المسرح من خلفيات متنوعة. بعدما جمع ثروة كبيرة، تقاعد، وعاش في ستراتفورد مع زوجته وابنتيه، قبل وفاته عن عمر يناهز 52 عامًا.

لم يكن وجود شكسبير عاديًا. مع ذلك، فإن معاصريه كريستوفر مارلو، الجاسوس الحكومي، والمنشق الديني المشتبه فيه الذي قتل في مشاجرة في حانة، ووالتر راليغ، الجندي والقرصان وعشيق إليزابيث الأولى، عاشا حياة أكثر استثنائية.

متسلق اجتماعي ماهر
لكنّ عمل شكسبير فريد من نوعه في العبقرية الأدبية ولّد عددًا من الخلفاء الفنيين عبر التاريخ لإحيائه في مجموعة واسعة من الوسائل.&

ووفقًا لبول فرانسين في كتاب "حيوات شكسبير الأدبية: المؤلف كشخصية في الرواية والسينما" Shakespeare’s Literary Lives: The Author as Character in Fiction and Film (منشورات كامبردج، 276 صفحة، 65 جنيه إسترليني)، فإن هذا التقليد انبثق من دافع وحيد: "الرغبة في التحدث مع الموتى... تكمن وراء العديد من القصص والمسرحيات القصيرة والمقدمات الموسيقية والقصائد، ما يسمح بالاتصال غير المحدود بين الكتّاب العصريين والكتّاب الميتين، بمن فيهم شكسبير".

في الكتاب، يرسم فرانسين مجموعة متنوعة من الطرائق التي تم تمثيل شكسبير فيها على مدى 400 عام الماضية.&

بسبب تعقيد هذا الرجل، كانت الطرائق متناقضة في كثير من الأحيان. رأى الفيكتوريون في شكسبير متسلقًا اجتماعيًا ماهرًا، شكّل صعوده من الطبقة المتوسطة والاختلاط مع طبقة النبلاء مثالًا لقوة الفرد المناضل؛ على النقيض من ذلك، صوّر فيلم "شكسبير عاشقًا" في عام 1998 كاتبًا مقيدًا بخلفيته البرجوازية الصغيرة.

ما بعد حداثوي
في أيرلندا، أنتجت قضية شكسبير الدينية الشائكة - أهو بروتستانتي فخور أو كاثوليكي متخفٍّ&- مجموعة من التفسيرات.

يدرس فرانسين هذا التقليد الغني في أعمال تريشام غريغ، رجل دين في القرن الثامن عشر، وكذلك، في كتابات المدافع عن العدالة الاجتماعية الكاثوليكي كونال أوريوردان. وفي حين يعتبر غريغ أن عائلة شكسبير بروتستانتية بشكل لا لبس فيه، ففي كتابات أوريوردان، اعتنق شكسبير الكاثوليكية على فراش الموت.

من ناحية أخرى، وصفت مسرحية فرانك ماكغينيس Mutabilitie) 1998) شكسبير بأن شخصيته ما بعد حداثوية: متغيّرة، ومرحة، ولا يمكن تصنيفها بسهولة.&

وإذا كان فرانسين معنيًا بالتاريخ المتنوع لشكسبير بعد وفاته، فكتاب "أصالة شكسبير"Shakespeare’s Originality (منشورات أوكسفورد، 192 صفحة، 25 جنيه إسترليني) يحاول فك الجذور المعقّدة لمصادر الكاتب المسرحي المعاصرة وإلهامه، وحتى السرقات الأدبية.

شككوا في أصالته
يلاحظ جون كيريغان في كتابه هذا أن "معظم الأشخاص المهتمين بشكسبير" شككوا في أصالته. أصحيح أن مسرحياته مستقاة من مسرحيات مؤلفين آخرين؟، أخطاباته المعروفة مستخرجة حقًا من أعمال مونتين وبلوتارخ؟، بطريقة أكثر منطقية لفهمنا لشكسبير، يسأل كريغان إن كان هذا أكثر أهمية من فكرة أن يكون الفيلم الكلاسيكي مستندًا إلى رواية.

يتعمق كريغان في مسألة الأصالة وأهميتها التاريخية. بالنسبة إلى أولئك المهتمين بانخراط شكسبير في المناقشات التاريخية حول فكرة السلطة، يدرس كيف تعتمد مسرحية "الملك لير" بشدة على مفاهيم الملكية في المأساة اليونانية والرومانية.&

إضافة إلى ذلك، يقدم كريغان مناقشة رائعة عن استقبال مسرحية "العاصفة" The Tempest في القرن الثامن عشر، التي تبيّن التأثير العميق لتصورات المسرحية كنص "بلا مصدر" تقريبًا في رؤيتنا للمؤلف كعبقري. يعطينا كريغان دراسة مستفيضة ومتعمقة ومليئة بالبصيرة.

أعدّت إيلاف هذا التقرير عن موقع "history today". الأصل منشور على الرابط التالي:
https://www.historytoday.com/reviews/how-original-was-shakespeare