إيلاف من لندن: يواجه قرار لهيئة الاعلام والاتصالات العراقية الرسمية بمعاقبة وسائل الا علام التي تسيء&لما قالت انها رموز البلاد "الوطنية والدينية" بتمرد ومعارضة اعلامية واسعة اعتبرته تقييدا لحرية الرأي وخروجا على الممارسة الديمقراطية وسط دعوات للرئاسات الثلاث بالتصدي للقرار الذي وصفته بالتعسفي رغم محاولات الهيئة تبرير قرارها.&

وجاءت هذه المواقف اليوم الجمعة ردا على قرار اصدرته هيئة الاعلام والاتصالات العراقية وعممته على جميع وسائل الإعلام أمس تلزمها فيه "بضرورة إيقاف اي اساءات تصدر بحق الرموز الوطنية والدينية". ويدعو القرار الرسمي وسائل الاعلام الى "ضرورة تبني الموضوعية والشفافية في نقل الاحداث".. متوعدا بـ"اتخاذ الاجراءات القانونية بحق الجهات المخالفة".

وقالت الهيئة في قرارها الذي اطلعت عليه "إيلاف" أنه "استنادا للصلاحيات المخولة لنا والتي منحت هيئتنا حق تنظيم قطاعي الاعلام والاتصالات في البلد نود اعلامكم بضرورة إيقاف أي اساءات تصدر بحق الرموز الوطنية والدينية". وطالبت بالالتزام بمبادئ ومواثيق المهنة وبمدونات قواعد ونظم البث الإعلامي والتوجيهات التطبيقية المعتمدة من قبلها. وشددت على انه "خلافاً لذلك سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق الجهات المخالفة".

امتعاض

وأبدى مرصد الحريات الصحافية العراقي امتعاضه الشديد "من محاولة ترهيب وسائل الاعلام المحلية والاجنبية من قبل هيئة الاعلام والاتصالات وذلك بتهديدها بصورة مباشرة بالغلق في حال "المساس بالرموز الوطنية والدينية".

ووصف المرصد في بيان صحافي الجمعة تابعته "إيلاف" خطاب الاعلام والاتصالات بأنه "ذو قرارات سيئة".. وعدها "رسائل تشويش على عمل وسائل الاعلام والصحافيين".. ودعا اعضاء البرلمان العراقي الى الوقوف ضد هذه القرارات.

&وأضاف المرصد أن هذا القرار الذي&تبنته هيئة الاعلام يمثل خروجا عن الأعراف الديمقراطية سواء تلك التي ينتهجها العراق بعد التغيير أو التي تعمل عليها معظم دول العالم ويمثل إساءة للديمقراطية الناشئة وهو بحاجة الى إعادة نظر موضوعية تتطلب مراجعة جادة لتلك الإجراءات.

وطالب مرصد الحريات الصحافية رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، بإتخاذ خطوات فاعلة ومؤثرة في المرحلة الحالية وفي المستقبل من بينها وقف الإجراءات التعسفية التي تصدرها هيئة الإعلام والإتصالات وإعادة هيكلتها وإدخال الإصلاحات الضرورية على نظامها الداخلي ليتناسب وطبيعة الممارسة الديمقراطية التي لايمكن لوسائل الاعلام ان تكون رقيباً فعلياً على اداء السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية في ظل التقاطعات التي تحدثها الهيئة باستمرار.

نقابة الصحافيين العراقيين تدعو لمراجعة جادة

ومن جهته، اعتبر مرصد الحريات الصحافية التابع لنقابة الصحافيين العراقيين قرار هيئة الإعلام والاتصالات تشويشا على العمل الإعلامي وإساءة للديمقراطية.

واعتبر المرصد في بيان اليوم قرارات الاعلام والاتصالات "خروجا على الأعراف الديمقراطية سواء تلك التي ينتهجها العراق بعد التغيير أو التي تعمل عليها معظم دول العالم ويمثل إساءة للديمقراطية الناشئة، وهو بحاجة الى إعادة نظر موضوعية تتطلب مراجعة جادة لتلك الإجراءات". وأشار الى ان القرار يمثل رسائل تشويش على عمل وسائل الاعلام والصحافيين.. داعيا اعضاء البرلمان الى "الوقوف ضده".&

مركز حرية التعبير: خرق للدستور

ومن جهته رفض المركز العراقي لدعم حرية التعبير (حقوق) القيود التي تضعها هيئة الاعلام والاتصالات، على المؤسسات الإعلامية، وآخرها المطالبة بإيقاف الإساءة للرموز الوطنية والدينية وهو ما عده المركز خرقاً صريحاً للدستور الذي نص ان العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات، وانتهاكاً صارخاً لحرية التعبير.

وقال المركز في بيان الجمعة على موقعه الالكتروني تابعته "إيلاف" انه في الوقت الذي يستهجن هذه الممارسات التي من شأنها تقييد المؤسسات الإعلامية من ممارسة عملها، فإنه يطالب هيئة الاعلام والاتصالات بالكف عن هذه الأساليب القمعية المتكررة خاصة تلك التي تستخدم بها عبارات مطاطية دون تحديد نوع الإساءة التي تُفَسَر انها ترهيباً للمؤسسات الإعلامية.

وطالب المركز الرئاسات الثلاث، بحماية حرية التعبير، وتوفير مساحة لنقد مؤسسات الدولة وكشف ملفات الفساد، وتوجيه الهيئة بتقديم اعتذار للمؤسسات الإعلامية والصحافيين والعدول عن كتابها القمعي الأخير، لان كل مواطن هو رمز وطني، على اعتباره أساس السلطات. ودعا المركز المؤسسات الإعلامية كافة، الى تسجيل شكاوى لدى السلطات القضائية متعهدا بتوفير فريق من المحاميين والخبراء القضائيين بهذا الشأن.
&
&مدونون وصحافيون يتمردون على قرار الهيئة&

وازاء ذلك، أكد صحافيون واعلاميون ومدونون عراقيون عدم التزامهم بقرار هيئة الاعلام والاتصالات فيما عدّوه مخالفًا للمادة (38) من الدستور العراقي الذي يكفل حرية التعبير عن الرأي.

&

&

مصورون صحافيون عراقيون في مناسبة إعلامية

&

وعبروا في بيان صحافي الجمعة نشرته وكالة "بغداد اليوم" وأطلعت عليه "إيلاف" عن استغرابهم "الشديد وتحفظهم على اللهجة الآمرة التي استخدمتها الهيئة متجاوزة المادة الثامنة والثلاثين من الدستور العراقي الذي يكفل حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل وحرية الصحافة والإعلام والاجتماع والتظاهر السلمي".

ورأوا ان قرار الهيئة "مقدمة فضفاضة تستبق قيداً دكتاتورياً مستبداً يراد فرضه على الأقلام العراقية الحرة في الصحافة المرئية والمسموعة والمكتوبة وقد يتطور الأمر ليشمل وسائل التواصل الاجتماعي ومستخدميها ما سيلحقنا بالدول المتخلفة والمستبدة ويخرجنا من إطار الديمقراطية التي قاتل ويقاتل العراقيون منذ خمسة عشر عاماً لأجل التمسك بها وتطويرها والحفاظ عليها من كل ما قد يعيد عجلتها إلى الوراء، حيث الزمن المظلم ومحافل الاستبداد وقطع الألسن التي ظن العراقيون أنهم خرجوا منها".

وشددوا على "عدم الالتزام بهذه القيود".. مطالبين "الهيئة&بتوضيح هذا الأمر والكشف عن معنى الرموز الوطنية والدينية".

وقال الصحافيون والاعلاميون في بيانهم "اننا إذ نلتزم بالمعايير الوطنية والأدبية والأخلاقية التي ترتبط بجوهر المهنة وتطلعاتها نحو عراق حر وديمقراطي نؤكد أيضاً على حق أي شخصية سواء كانت رمزاً أو غيره بمقاضاة الجهة المعتدية أياً كانت سواء (رمزاً) أو غيره بالسبل القانونية التي نص عليها الدستور وقانون العقوبات العراقي كمواطنين أولاً وكباحثين عن ديمقراطية حقيقية في هذا البلد المجروح".

الهيئة تبرر

وفي مواجهة هذا الرفض الواسع لقرارها فقد حاولت هيئة الاعلام والاتصالات ان تبرر قرارها الجمعة بالقول انه يعتمد على القوانين العراقية ويجنب وسائل الاعلام المساءلة.

واشارت الهيئة في بيان تابعته "إيلاف" الى ان قرارها يستهدف "تمكين وسائل الاعلام من الاستفادة من مساحة حرية التعبير الممنوحة لها بموجب الدستور وبما ينسجم مع قواعد ولوائح مدونات السلوك المهني والبث الاعلامي وهو ما تلتزم به وفقاً للقوانين النافذة والسياسة العامة التي تنتهجها الهيئة في التعاطي مع وسائل الاعلام".

واضافت انه "كما وتقتضي مسؤوليتها ممارسة دورها التنظيمي والتوعوي الذي يجنب تلك الوسائل ما أمكن من الوقوع في خرق تلك المدونات، الأمر الذي يعرضها للمساءلة ويفرض على الهيئة بموجب قانونها النافذ اتخاذ اجراءاتها وهو ما أرادت الهيئة توضيحه في اعمامها الصادر&لكافة وسائل الاعلام".

وأشارت هيئة الاعلام والاتصالات الى "ان كونها هيئة دستورية مستقلة لكنها جزء من منظومة الدولة التي تتلقى منها بين فترة واخرى اعمامات رسمية تتطلب مراعاة عدد من الظواهر الحساسة في ساحة المجتمع تراعى فيها المصالح العليا للبلاد ووحدة المجتمع العراقي وتلتزم الهيئة بالتعامل معها اداريا بما ينسجم والصلاحيات الممنوحة لها وتكييف اجراءاتها من دون ان يسلبها ذلك استقلاليتها في تنفيذ مهامها وواجباتها".

قرارات أوقفت بث وسائل اعلام واغلقت مكاتب قنوات وصحف

وسبق لهيئة الاعلام والاتصالات أن أقدمت في اوقات سابقة على اصدار قرارات بوقف بث بعض وسائل الإعلام الدولية مثل هيئة الاذاعة والتلفزيون البريطاني (بي بي سي) بقسميها العربي والانجليزي، حيث أوقف بث اذاعتها بادعاءات وحجج متعددة عدا عن إغلاق مكاتب بعض القنوات الفضائية المحلية والعربية كالبغدادية والبابلية والعربية والعربية الحدث وقناة الجزيرة وصحيفة الشرق الاوسط وحجب مواقع عدد من وكالات الانباء.

وكانت هيئة الإعلام والإتصالات العراقية قد تأسست في&يونيو عام 2004 وهي هيئة مستقلة غير مرتبطة بأي جهة حكومية بحسب دستور البلاد لكنها تخضع لرقابة البرلمان ومهمتها تنظيم وتطوير الاعلام والاتصالات في العراق ضمن المعايير الدولية الحديثة. وخص التشريع العراقي هيئة الاعلام والاتصالات بالصلاحيات الحصرية كجهة ذات سلطات قانونية لمنح التراخيص وتنظيم الاتصالات والبث وخدمات المعلومات على الارض العراقية.