ربما يُفاجَأ كثير من الزوار البريطانيين لفرنسا بحالة من عدم الارتياح عند سؤالهم أحد السكان المحليين "هل تتحدث الإنكليزية؟"، فيكون الرد بـ "لا"، حيث قد يتسبب ذلك الرد في ظهور "نظرة استهجان ماكرة على أوجه المسافرين تبين أن المواطن البريطاني على وشك أن يتحدث الفرنسية"، على حد وصف الروائي بي.جي ودهاوس.

وبينما لم يسبق أن عُرِفَ عن البريطانيين إجادتهم للغة الفرنسية، أو بالفعل أي لغة أجنبية أخرى، فقد كَشف تصنيف جديد عن أن منافسي بريطانيا التاريخيين وأقرب جيرانها ليس لديهم سوى القليل الذي يصيحون بشأنه حين يتعلق الأمر بإجادتهم للغة الإنجليزية.

ووضع مسح، أجراه مؤشر إتقان اللغة الإنكليزية بالدول التي لا تستخدم اللغة الإنكليزية كلغة وطنية لها، فرنسا في المركز الـ 35 خلف كل من الفلبين، كوريا الجنوبية ولبنان، التي ظلت تحكمها باريس قرابة الثلاثة عقود حتى نالت استقلالها عام 1943.

وصنَّف المؤشر، الذي أنتجته شركة التدريب اللغوي Education First، الفرنسيين باعتبارهم أسوأ متحدثين للغة الإنكليزية في غرب أوروبا، فيما جاء السويديون في الصدارة.&

من جانبه، قال كريستيان مونلورد، 75 عاماً، وهو فرنسي استطاع أن يُكَوِّن لنفسه مجال عمل بتحدثه اللغة الإنكليزية كمترجم في المؤتمرات، إنه لم يُفاجَأ بتلك النتائج مطلقاً، مضيفاً "تُستَخدَم الفرنسية باعتبارها لغة الدبلوماسية، وهي لا&تزال محتفظة بمكانتها كلغة بارزة على الصعيد الدولي، لذا لا&يزال كثير من الفرنسيين متشبثين برأيهم المطالب بضرورة أن يتحدث الآخرون لغتهم".&

وتابع مونلورد "وهذا أمر صحيح إلى حد كبير في حالة البريطانيين وغيرهم من الناطقين باللغة الإنكليزية. فالإنكليزية هي اللغة الأبرز عالمياً ولهذا لا يميل ناطقوها للاهتمام بتعلم لغات أخرى، ويكتفون بأن يتوقعوا من الأجانب قدرتهم على تحدث الإنكليزية".

ونوهت من جانبها صحيفة التلغراف البريطانية في سياق تقرير لها حول ذلك الموضوع إلى أن هناك سبباً آخر ربما يجعل الفرنسيين غير مهتمين بتعلم الإنكليزية، وهو أن لديهم شعورا&بأن اللغة الإنكليزية (المنتشرة حول العالم) تواصل زحفها بالحياة اليومية في فرنسا، ما يُشَكِّل تهديداً على فرص بقاء لغة فولتير نفسها.&

وفي ذلك المسح الذي أجرى مؤخراً، علقت شركة Education First بقولها "لطالما كانت الرغبة في الحفاظ على اللغة الفرنسية هي الأولوية الأولى في فرنسا. وفي كل مرة يُنظَر فيها للإنكليزية على أنها تهديد على اللغات الوطنية، نجد أن مستوى الكفاءة في تعلم وإجادة الإنكليزية يتراجع".&

وقال هنا طبيب نفسي يدعى ايلودي، 30 عاماً، إن الفرنسيين يخشون أن تتسبب الإنكليزية في تدمير الفرنسية بطريقة أو بأخرى، لذا فهم يسعون بشتى السبل لأن يبتعدوا&عنها ويظلوا&على مسافة منها.&

وبحسب ما أظهره المسح، فإن الباريسيين هم أفضل من يتحدثون اللغة الإنكليزية في فرنسا، ومع هذا، فإن تصنيف باريس هو الـ 25 بين أبرز المدن العالمية التي تتحدث الإنكليزية، خلف كل من شنغهاي، بيونس آيريس والعاصمة البلغارية صوفيا.

وأخيراً، لفتت التلغراف إلى أن كثيرا من الفرنسيين يلومون على آلية تدريس اللغات الأجنبية بالمدارس، فيرى أنيس، 17 عاماً، أن الآلية تتم بصورة جامدة وبطريقة متمسكة تماماً بالتقاليد الدراسية، موضحاً أنه يجب أن يكون هناك مزيد من التدريبات على التحدث، وأنه يتعين على المدرسين أن يجعلوهم على تواصل مع الناطقين بالإنكليزية.

ويقول المدرسون من جانبهم إنهم يحاولون التركيز أكثر على اللغة الإنكليزية في المحادثة، غير أنهم عادةً ما يواجهون إشكالية في ما يتعلق بنقص الموارد، خاصة في المدن الصغيرة والمناطق الريفية. وقال شخص يدعى داميان غابرييل، 29 عاماً، إن هناك تقصيراً كذلك من جانب الطلاب وذويهم لعدم فهمهم مدى أهمية تحدث الإنكليزية.

أعدت "إيلاف" المادة بتصرف عن صحيفة "التلغراف" البريطانية، الرابط الأصلي أدناه:
https://www.telegraph.co.uk/news/2018/11/03/frances-relationship-english-language-cest-complique/
&