حسمت السلطات العراقية جدلًا واسعًا حول أسباب نفوق الأسماك&في محافظات عراقية خلال هذه الأيام بشكل غير مسبوق في كارثة طبيعية تشكل خسارة ثروة وطنية بإرجاع الأسباب إلى إصابات بكتيرية فطرية، مبرّئة إيران ومتنفذين عراقيين من اتهامات بالضلوع في هذه الخسارة الكبيرة.

إيلاف: جاء ذلك خلال مناقشة للمجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي في اجتماع برئاسة رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي في بغداد مساء أمس، موضوع نفوق الأسماك في محافظات عراقية جنوبية بحضور وزير الصحة والبيئة وأعضاء خلية الأزمة ووكلاء وزارات الصحة والبيئة والزراعة والموارد المائية.

قدم وزير الصحة والبيئة شرحًا مفصلًا عن هذا الموضوع، حيث أشرف مع وزير الزراعة ميدانيًا على المتابعة ومناقشة أسباب وتداعيات نفوق الأسماك، وأطلع المجلس على الجهود التي تبذل لمعالجة الأمر، حيث تشكلت خلية أزمة تضم وكلاء الوزارات المعنية ولجنة برئاسة رئيس مجلس محافظة بابل وعضوية مدراء الإدارات المعنية وتوجيه جهد الدولة لانتشال الأسماك النافقة ومنع امتدادها نحو المحافظات الأخرى.

كما تم أخذ نماذج للمياه والأسماك والأعلاف المستخدمة وإرسالها إلى المختبرات التخصصية في وزارة الزراعة والصحة والبيئة ومختبرات تخصصية عالمية للتأكد من التشخيص الأولي واستبعاد أي أسباب محتملة أخرى، كما قال بيان صحافي لمجلس الأمن الوطني عقب انتهاء اجتماعه، في إشارة على ما يبدو إلى اتهامات ساقها ناشطون وسياسيون على شبكات التواصل الاجتماعي لإيران ومتنفذين محليين بالضلوع في الأمر عن طريق إلقاء سموم في مياه دجلة الفرات، وإشارة نواب إلى دولة جارة أو أيدٍ خارجية خفية بالضلوع في الكارثة. كما يتهم تجار مسؤولين حكوميين بتشجيع الاستيراد ومحاربة المنتج وطني والقطاع الخاص من أجل استمرار الفساد المالي الذي يدر عليهم ملايين الدولارات سنويًا.

نفوق الأسماك في نهر دجلة

وأشار المجلس الأمني الوزاري إلى أنه "بحسب التشخيص الأولي للمختبرات البيطرية، فإن السبب هو إصابات بكتيرية فطرية، ووفق هذا التشخيص الأولي لا يوجد دليل علمي على انتقال هذا النوع من المرض إلى الإنسان. وقد "إطلع المجلس على آخر المعلومات حول هذا الموضوع، والتي تشير إلى انحسار نفوق الأسماك وتسارع عمليات تنظيف النهر من الأسماك النافقة وطمرها في مواقع مخصصة لذلك".

ودعا المجلس الجهات ذات العلاقة إلى الإسراع في استكمال الإجراءات الآنية العاجلة لمعالجة الظاهرة وتكثيف حملات الإعلام والتوعية للمواطنين وأصحاب العلاقة وضرورة الإسراع والمتابعة لنتائج الفحوصات وإعلام المجلس الوزاري للأمن الوطني بالمستجدات.

كما تم التوجيه الفوري بتسيير فرق مختصة إلى الأسواق والمطاعم لمنع تسرب هذه الأسماك إلى الأسواق. يشار إلى أن إنتاج العراق من الأسماك يبلغ 29 ألف طن سنويًا، وفقًا&لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.

جدل واتهامات لأيادٍ داخلية وخارجية بينها إيران
قبل اجتماع مجلس الأمن الوطني، كتب نائب الرئيس العراقي السابق زعيم ائتلاف الوطنية أياد علاوي على صفحته في فايسبوك "مأساة كبرى تطال الثروة السمكية، وتهدد بكارثة بيئية خطيرة.. لا بد من تشخيص الخلل، ومحاسبة المقصر، وطمأنة المواطن بتفسيرات مقنعة عن سبب نفوق ملايين الأسماك في غياب دور الجهات الرقابية، فضلًا عن الشروع بمعالجات سريعة تكفل عدم تكرار تلك الكارثة مستقبلا وتعويض المتضررين عنها.

اما النائب فائق الشيخ علي فقد اشار الى أن "القضاء على الثروة السمكية العراقية النهرية ليس مرضا ثمانينيا كما تبرر وزارات حكومية". وأضاف في تغريدة أن الامر "تدمير تمَّ بفعل فاعل هو استخدام مواد كيميائية.. هو تجويع تقوم به دول تريد إذلالنا.. على الحكومة أن تنتبه إلى الداخل والخارج من وإلى العراق".

كما اشار النائب عن كتلة النهج الوطني جمال المحمداوي أن نفوق الثروة السّمكية يثير القلق تجاه التلاعب المُتعمد في الثروة الوطنية.. وقال في بيان إنّ "هدر الثروة السّمكية ونفوق اعداد كبيرة منها يستدعي تدخل جميع الجهات المسؤولة وكشف الحقائق امام الرأي العام لمعرفة الجهات التي تحاول التلاعب بمقدرات الثروة الوطنية، لاسيما وأنّ المشكلة تزامنت مع اعلان وزارة الزراعة أخيرًا تأمين الاكتفاء الذاتي للبلاد من السمك 100%".. مبينا أن هذا التزامن ربما يكشف عن ايادٍ خفيةٍ تحاول الانتفاع على حساب مصالح المواطن العراقي.

واعتبر نائب الرئيس العراقي السابق المقيم في الخارج طارق الهاشمي ان كارثة وطنية اصابت الثروة السمكية في بابل وعدد من المحافظات.. وقال "لا ننظر الى الخسارة كأنها فشل عادي في مشروع تجاري.. كلا ... هذه مصيبة حقيقية اصابت الثروة الوطنية بمقتل... ليس من المتوقع والمألوف ان يحصل هذا في دول أخرى، لكنه يحصل في العراق ليؤشر مجددًا الى الإنحدار المريع الذي حصل في جميع مرافق الدولة كمحصلة لفشل الحكومات السابقة المتعاقبة". واضاف "الأمل في حكومة عادل عبد المهدي المراجعة الجدية والعاجلة بغرض التعديل والتصويب".&

وكتبت الناشطة ليلى محمود على فايسبوك تقول "العراق محمية ايرانية وبكيفها شتريد تسوي والحكومة التي نناشدها هي اشبه بالدمى المتحركة.. بينما رد عليها مرتضى غسان قائلا "اتفق؛ بس اميركا البريئة ليش تنسيها".. فيما قال حمد ابو زهير "مع الاسف هذا العراق العملاق تتحكم فيه ايران وغير ايران بسبب عملائهم الذين&يحكمون العراق لحد الان".

من جهته اشار مدير عام دائرة حماية وتحسين البيئة في منطقة الفرات الاوسط كريم عسكر في تصريح صحافي إلى ان "قلة الايرادات المائية وزيادة اعداد الأسماك داخل الاقفاص من قبل المستثمرين على حساب المعايير البيئية المعتمدة وتغيّر نوعية المياه وقلة الاوكسجين المذاب اضافة الى عدم التزام اصحاب الاقفاص بالمحددات البيئية وعدم استحصال الموافقات اللازمة تشكل عوامل اساسية في زيادة نسبة الهلاكات".

وينتظر النواب العراقيون انعقاد جلسة البرلمان العراقي غدا الثلاثاء لتوجيه اسئلة الى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي عن الاسباب الحقيقية وراء هذه الكارثة والاجراءات الحكومية المتخذة لعدم تكرارها وتعويض المتضررين منها.&