نيويورك: تجري جهود كبيرة في الولايات المتحدة يشارك فيها مشاهير ورؤساء شركات، من أجل دفع الأميركيين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التشريعية التي تجري الثلاثاء، والتي ستحدد نتيجتها مسار النصف الثاني من ولاية الرئيس دونالد ترمب.

وكانت نجمة التلفزيون أوبرا وينفري الخميس آخر المشاهير الذين ألقوا بثقلهم في هذا السباق المحموم، دعما للمعارضة الديموقراطية، فدقت على أبواب الناخبين في ضواحي أتلانتا بولاية جورجيا، داعية إلى التصويت للديموقراطية ستايسي أبرامز المرشحة لمنصب حاكمة لهذه الولاية، المنصب الذي يشغله تقليديا جمهوري.

كما صورت نجمات سينمائيات مثل جوليان مور وجودي فوستر وإيلن بومبيو وحتى المغنية شير، فيديو من إنتاج رجل الأعمال مايكل بلومبرغ، لدعوة الناخبين إلى التصويت.

واتخذت شركات عديدة تدابير لتشجيع الأميركيين على القيام بهذا الواجب الوطني، من بينها عمالقة الملابس الجاهزة مثل غاب وليفايس، مرورا بمتاجر وولمارت وحتى شركتي "ليفت" و"أوبر" للتوصيل.

وأعطت بعض الشركات يوم عطلة لموظفيها بهذا الهدف، فيما عرضت "ليفت" و"أوبر" تخفيضات للذين يحتاجون إلى سيارة تقلهم يوم الانتخابات.

وتشير الأرقام التي جمعها الخبير مايكل ماكدونالد السبت إلى أن هذه الجهود أعطت نتائج، فوصل عدد الذين أدلوا بأصواتهم بصورة مبكرة سواء شخصيا أو عبر البريد إلى ما لا يقل عن 34 مليون أميركي، بارتفاع كبير عن العدد في انتخابات 2014 (27 مليونا).

وتستهدف هذه الجهود تحديدا فئة الشباب الذين تكون مشاركتهم عادة متدنية، فتعرض خدمتا "سبوتيفاي" و"باندورا" للبث الموسيقي قوائم أغان تتضمن روابط تسمح للمستمعين بتسجيل أسمائهم على اللوائح الانتخابية أو رصد مركز التصويت المخصص لهم.

ويقوم تطبيق "تيندر" للتعارف بتوجيه رسائل تحض مستخدميه على الإدلاء بأصواتهم، وفق عملية طبقت للمرة الأولى خلال الانتخابات الرئاسية عام 2016.

وإن كانت هذه الدعوات للتصويت لا تذكر دونالد ترمب أو أي مرشح محدد، إلا أنها تصب بالإجمال لصالح الديموقراطيين، على ما أوضح أستاذ العلوم السياسية في معهد كينيدي بجامعة هارفرد توماس باترسون.

تطورات يومية تدعو إلى التعبئة

وقال الخبير إنه خلافا للناخبين الجمهوريين الذين تبقى أعدادهم "مستقرة نسبيا"، فإن أفراد الأقليات والشباب الذين يميلون إلى الديموقراطيين، أقل انتظاما في مشاركتهم و"يتفاعلون أكثر مع ظروف الساعة".

وغالبا ما تشهد انتخابات منتصف الولاية الرئاسية نسبة عالية من الامتناع عن التصويت، ولم تتخط نسبة المشاركة على الصعيد الوطني 37% في 2014، مسجلة أدنى مستوى منذ الحرب العالمية الثانية.

لكن من المتوقع أن تكون المشاركة قوية هذه السنة في ضوء الاستقطاب الشديد الذي يسود الحياة السياسية الأميركية.

ويتوقع باترسون وغيره من الخبراء أن تتخطى نسبة المشاركة هذه السنة 40%، ويذهب البعض إلى الكلام عن حوالى 50%، وهو مستوى لم يسجل منذ مطلع القرن العشرين.

فإن كانت انتخابات منتصف الولاية تحسمها مسائل السياسة المحلية، مع استثناءات نادرة كما في العام 1934 عند تطبيق برنامج "الاتفاق الجديد" (نيو ديل) الذي وضعه الرئيس روزفلت، يقول هذا الخبير إن "الناس يفكرون أكثر هذه السنة بما يحصل في واشنطن وبالرئاسة" ملخصا إنها انتخابات بين "أنصار ترمب ومعارضيه".

ولفت إلى أن أحداث الأشهر الأخيرة قد تشكل عامل تعبئة في كلا الطرفين.

فالديموقراطيون يمكن أن تحفزهم الطرود المفخخة التي أرسلها أحد أنصار ترمب مؤخرا إلى شخصيات ديموقراطية، وكذلك رد ترمب الفاتر والمثير للجدل على الهجوم الذي استهدف كنيسا في بيتسبرغ.

في المقابل، فإن قافلة المهاجرين من أميركا الوسطى المتوجهة إلى الولايات المتحدة وفي صفوفها آلاف الأشخاص، قد تثير حماسة الناخبين الجمهوريين بعدما خاضوا معركة شرسة حول ترشيح القاضي بريت كافانو للمحكمة العليا الأميركية رغم اتهام نساء له بالتعدي عليهن جنسيا.

لكن باترسون شدد على أن تأثير الأحداث على الناخبين أمر "يصعب التكهن به" ومفعوله قد يكون عابرا.

فبعد إطلاق النار الذي أوقع 17 قتيلا في شباط/فبراير داخل مدرسة في باركلاند بولاية فلوريدا، قامت حركة طلابية واسعة النطاق نشطت من اجل إدراج الشباب على القوائم الانتخابية.

لكنّ أستاذ العلوم السياسية لفت إلى أن "مفاعيل هذا التحرك تبددت هذا الصيف".