أثار فوز سيدتين مسلمتين لأول مرة في انتخابات الكونغرس الأمريكي تساؤلات عدة عن مدى تغير واقع السياسة الأمريكية.

وأشاد بعض الكتاب بانتخاب إلهان عمر ورشيدة طليب وعدّوه إنجازاً يكشف عن "صحوة أمريكية ليبرالية حقيقية".

وأعرب معلقون آخرون عن مخاوفهم من رضوخ النائبتين لما سموه "الهيمنة" الأمريكية، بحيث لا يتعدى تأثيرهما لصالح شعوبهما "المظهر الشكلي".

وتمكنت رشيدة وهي من أصول فلسطينية، وإلهان وهي من أصول صومالية، من الفوز عن ولايتي ميتشيغان ومينيسوتا، لتصبحا أول مسلمتين من أصول عربية تحصلان على مقعدين في مجلس النواب خلال انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأمريكي.

"إنجاز رمزي كبير"

واحتفى أسعد العزوني في صحيفة دنيا الوطن الإلكترونية الفلسطينية بفوز رشيدة وإعلانها أنها ستدخل مجلس النواب يوم الثالث من يناير/كانون ثاني المقبل وهي ترتدي الثوب الفلسطيني.

وقال العزوني : "أول ما يعنيه تصريحها أنها لم تتخل عن أصلها، ولم تتنصل من فلسطينيتها وعروبتها وإسلامها، ولم تضح بهذا الغالي والنفيس من أجل هكذا منصب... وسيكون وقع دخولها بالثوب الفلسطيني إلى مجلس النواب ،أكثر تأثيرا من وقع كافة صكوك الاستسلام التي وقعها العربان مع إسرائيل...".

كما أشار أميل أمين في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية إلى أن إلهان ورشيدة "استطاعتا بالفعل جذب جمهور الأمريكيين الذين رفضوا أن تُكبّل أيديهم وعقولهم بأحكام نمطية مسبقة عن المواطن الأمريكي جنسية والمسلم ديناً".

وأضاف الكاتب: "الخلاصة: هناك حِراك اجتماعي وسياسي مثير في الداخل الأمريكي، ويُنتظر أن يتصاعد في العامين المقبلين من حكم إدارة الرئيس ترامب الأولى، وفي كل الأحوال تكشف التطورات السريعة عن صحوة أمريكية ليبرالية حقيقية، تسعى لإعادة صورة المدينة الأمريكية فوق الجبل، التي يفاخر بها الأمريكيون".

ووصفت افتتاحية القدس العربي اللندنية انتخاب النائبتين بـ"الإنجاز الرمزيّ الكبير" الذي تمّ في الولايات المتحدة الأمريكية "كنتيجة للنظام الديمقراطي المنفتح والذي يستطيع تمثيل الأقليات ويسمح بالتعبير سلمياً عن الاتجاهات السياسية التي تشغل البشر... الأمر الذي يفرض علينا تحليله ومقارنته بأحوالنا والتعلم منه".

وأضافت القدس: "يقول نموذج رشيدة طليب لنا إننا لم يعد بإمكاننا الاكتفاء بسرديّة عداء الولايات المتحدة للعرب والمسلمين كما لو كانت منظومة فولاذية ومطلقة وغير تاريخية، كما لم يعد بإمكاننا أن نستمر بالرضى عن نظمنا السياسية المتخشبة وردّ كل ما يحصل لنا إلى الخارج ورفض أن نعرّض نظمنا لضوء الديمقراطية الكاشف".

و في صحيفة المدينة السعودية، انتقد شريف قنديل مخاوف البعض من انتخاب السيدتين، وكتب : "أفهم أن يبالغ بعض العرب والأفارقة والمسلمين في الفرح بفوز مسلمتين بمقعدين في مجلس النواب الأمريكي، لأسباب متعددة، لكني لا أفهم سر الفزع والهلع الذي انتاب فريقاً آخر!".

وأضاف الكاتب: "أخشى أن تنسينا أو تشغلنا المعركة التافهة حول فوز النائبتين المسلمتين عن عدة حقائق مهمة لعل أھمها: روعة ذلك الدستور الأمريكي الذي يضمن لمواطنة فلسطينية الأصل، ولاجئة صومالية الأصل، كل الحقوق، بما في ذلك الوصول لمجلس النواب وسدة الحكم".

"ذرة في بحر متلاطم"

لم يبد ياسر محجوب الحسين تفاؤلاً في مقاله في بوابة الشرق الإلكترونية القطرية، بل رأى أن "واقع الهيمنة المطلق يجعل من هذا الانجاز ذرة في بحر متلاطم، ولن يتعدى تأثيرهما لصالح شعوبهما المظهر الشكلي وربما الدعائي".

إلهان عمر
Getty Images
هاجرت إلهان عمر من مخيم للاجئين في كينيا إلى الولايات المتحدة وهي طفلة وأصبحت سياسية وناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة

وأضاف الكاتب: "ستجد العضوتان الجديدتان في مجلس النواب الأمريكي نفسيهما جزءا من ماكينة ضخمة تدور ليل نهار لتكريس واقع الهيمنة والطغيان ليس على بلادهما الأصلية فحسب وإنما على كل الدول المستضعفة... أخيرا نقول لكل من إلهان عمر ورشيدة طليب أن تأتي متأخرا خيرٌ من ألا تأتي".

وفي سياق متصل، رأى عبد الرازق أحمد الشاعر في صحيفة "المصريون" أن "دخول السيدة إلهان إلى ساحة الكونجرس الأمريكي كأول نائبة مسلمة محجبة ليس فتحاً لحصون الروم ولا انتصاراً لقيم العدالة والحرية كما يحلو للبعض أن يصور، وإن كان يمثل بعضا من التغير المحمود في مفاهيم الناخب الأمريكي العنصرية".

وحذر الكاتب من أن "يستغل وجود إلهان وصاحبتها رشيدة طليب في أروقة الكونغرس في الترويج لعنصرية بغيضة ضد العرب والمسلمين، وأن يتم تحت سمعهما وبصرهما تمرير أشد القوانين إثارة للكراهية في تاريخ الشعوب".