مراكش: مبادرة إنسانية فريدة قادتها مجموعة من شباب مدينة مراكش (جنوب) حين تجندوا منذ مساء الجمعة لوضع ثياب شتوية على جذوع الأشجار، حتى يستفيد منها أشخاص بدون مأوى للإحتماء من برد الشتاء القارس، وهي مبادرة استقطبت عشرات المتطوعين فتيانا وفتيات (تتراوح أعمارهم بين 19 و34 سنة) جلبوا ثيابا و قاموا بوضعها على الأشجار، مما لاقى استحسان العديد من المارة.

انطلقت الشرارة الأولى للمبادرة من موقع « فيسبوك » حين أعلن عنها رئيس جمعية « مغرب الشباب » نوفل أزنيل، لتنتشر بسرعة فائقة بين شبكات مواقع التواصل الإجتماعي الذين أعلنوا بتدوينات أو تعليقات عن مشاركتهم المكثفة في المبادرة، حيث ضربوا موعدا بإحدى الحدائق الشهيرة بمنطقة باب دكالة بمراكش التي تأوي عددا غير يسير من المشردين و المتسولين، مساء أمس (الجمعة) وهناك انطلقوا في عمل دؤوب يضعون الملابس على جذوع الأشجار وسط اندهاش و استغراب المارة، في عملية امتدت إلى غاية امس السبت بحديقة « الرويضات » بمنطقة الداوديات.

اقتداءً&بمبادرات دولية

يقول أزنيل لـ »إيلاف المغرب » إن فكرة وضع ثياب شتوية على الأشجار " جاءت وليدة لما نراه من خلال شبكات التواصل الإجتماعي من صور يتم ترويجها على نطاق واسع تخص دول من أوروبا أو كندا أوغيرهما، لذلك ارتأينا أن نعمم المبادرة على مدن عديدة من المغرب، و ليس مراكش وحدها، حيث قاد العديد من الجمعيات المغربية في كل من وجدة، فاس، مكناس، الدار البيضاء، الصويرة، بني ملال وغيرها نفس المبادرة، الجمعة و السبت في كل هذه المدن.

و أضاف ازنيل قائلا « دقائق معدودة خرج مواطنون في وضعية صعبة ودون مأوى من مخابئهم، بعضهم تقدم نحو أصحاب المبادرة يسأل إن كان بإمكانه أخذ قطعة أو قطعتي ثياب، فيما آخرون بدأوا يستفسرون عن المبادرة و الهدف منها… كنا نشرح لكل من سأل وندخل مع بعض المارة في نقاشات مستفيضة حول قيم التضامن و التآزر التي شكلت على امتداد تاريخ المغاربة و ما زالت إحدى أهم ركائز اللحمة المغربية »

نقطة ضوء في العتمة

الهدف من كل هذا، يقول ازنيل « هو التحسيس بمدى الإنخراط في التخفيف من وطأة البرد عن هؤلاء الأشخاص الذين يعيشون في العراء، نحن نعرف أننا بهذه المبادرة لن نحل مشكل التشرد، لكننا على الأقل نساهم ولو بقسط زهيد من تخفيف معاناتهم، كما أن هدفنا هو استمرار المبادرة، ورؤية مواطنين يخرجون بشكل تلقائي وعفوي ملابس من دواليبهم أو أية أغراض أخرى لم يعودوا في حاجة إليها، دونما الحاجة إلى التوجه صوب أشخاص بعينهم و إمدادهم بمساعدات قد تسبب لهم بعض الحرج ».

اعتبر العديدون من متتبعي المبادرة سواء على شبكات التواصل الإجتماعي أو من خلال الإنخراط الفعلي فيها، أنها تشكل "نقطة ضوء في العتمة التي تحيط بنا"، حيث تقلصت مظاهر التضامن بشكل مثير، و أصبح منظر شخص يفترش العراء شتاءً&لا يثير أي نوع من المشاعر، ليبدو المواطنون غير مكترثين للآخرين.

وبخصوص سكان المناطق الجبلية حيث يكون الشتاء قاسيا عليهم، يقول رئيس جمعية « مغرب الشباب »:"إننا واعون تماما بأن هذه المناطق المنكوبة هي أشد معاناة بسبب البرد و انقطاع المواصلات خلال فصل الشتاء، لذلك فإن تنظيم قوافل لعدد من تلك المناطق بإقيم الحوز (ضواحي مراكش) يعد خطوة مهمة ضمن برنامجنا السنوي المتعلق بالمبادرات الإنسانية، حيث يتم جلب اغطية و ألبسة و أحذية لسكان تلك المناطق المتضررة".

ويأمل المشاركون في هذه المبادرة الأولى من نوعها في مراكش و المدن الأخرى، أن تصبح ممارسة اعتيادية، و ينخرط فيها جميع المواطنين حتى يصبح مألوفا منظر أشخاص وهم يضعون ثيابا لم يعودوا في حاجة إليها أمام بيوتهم أو فوق الأشجار ليستفيد منها غيرهم.