ماذا يبقى اليوم من اتفاق الطائف، وهل هناك مخاوف جدية من سقوطه، بعد كلام رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الذي نعى فيه اتفاق الطائف بعد مواقف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله؟.

إيلاف من بيروت: بعد كلام رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الذي نعى فيه اتفاق الطائف بعد مواقف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ينظر الكثيرون إلى هذا الكلام بكثير من الاهتمام والمتابعة، بالنظر إلى أنها المرة الأولى التي يقول فيها جنبلاط إن "اتفاق الطائف" انتهى.

ويعتبر البعض أن كلام جنبلاط يبقى مؤشرًا بالغ الخطورة على لسان شخصية لبنانية عاصرت الاتفاق الذي أضحى دستورًا للبنان، وسقوطه يعني سقوط الدستور، ويشيرون إلى مخاوف جدّيّة من وجود رغبة حقيقية في إسقاط النظام القائم لمصلحة نظام جديد على أساس "المثالثة"، كما يرغب "حزب الله" الذي يؤخر ولادة الحكومة "حتى قيام الساعة"، من أجل توزير النواب السنَّة المستقلين الذين يدورون في فلكه.

أهمية الطائف
في هذا الصدد، يشير الخبير القانوني الدكتور أمين فاخوري لـ"إيلاف" إلى أهمية اتفاق الطائف بالنسبة إلى لبنان، ويؤكد أن "بين 30 سبتمبر و22 أكتوبر 1989، اجتمع 62 عضوًا من مجلس النواب اللبناني المنتخب عام 1972 تحت رعاية الجامعة العربية وذلك للاتفاق على صيغة إعادة بناء النظام السياسي المقسم.&

وبما أن النواب كانوا هم الذين تفاوضوا على التسوية النهائية، فقد كانت لذلك أهمية كبيرة، إذ أوحى بأن مجلس النواب، الذي كان ينظر إليه على أنه المؤسسة السياسية الأكثر أهمية بممثليه المنتخبين بشكل شرعي، لا يزال قادرًا على التعامل مع التفاصيل المتعلقة بالجمهورية الثانية. &

يتابع: "مع أن الكثير قد تغير في السبعة عشر عامًا التي مضت بعد انتخابهم من قبل الشعب اللبناني، فإن شرعية النواب لم تكن موضع شك أبدًا حتى رغم حقيقة كونهم أقل تمثيلًا".&

كان ينظر إلى النواب على أن اختيارهم أمر قد حان أوانه، وأنهم ينتسبون إلى مؤسسة ليس لها أي بديل، مؤسسة معترف بها ومقبولة من قبل المجتمع الدولي.

النقاط المهمة
يلفت فاخوري إلى أن وثيقة التفاهم الوطني تتعامل مع كثير من النقاط المهمة الخاصة بالنظام السياسي، وسيادة لبنان، و"إعادة دمقرطته".
&
ويضيف: "كانت أحكام اتفاق الطائف الرئيسة هي، زيادة المقاعد النيابية وتقسيمها مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، تغيير توازن القوى في السلطة التنفيذية بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ومجلس الوزراء، بحيث يبقى رئيس الجمهورية مارونيًا، ولكن مع تقليل كبير في صلاحياته، لمصلحة الحكومة ورئيس الوزراء والبرلمان ورئيسه الذين سيمنحون قوى متزايدة".&

سيادة لبنان
ويؤكد فاخوري أنه "تمت استعادة سيادة لبنان مع التأكيد على هويته ووحدته، وسبق ذلك إجراء إصلاحات سياسية وإدارية".

كانت أهمية هذا الاتفاق تكمن، بحسب فاخوري، في قبوله كوحدة متكاملة، أي السيادة والإصلاح، مع تأسيس الصيغة الصحيحة لإنهاء الحرب على الصعيد الداخلي، رغم ذلك، وفي الوقت نفسه، تطلب الأمر قبول نقصان السيادة لفترة مهمة من الزمن.

أما ما الذي منحه إتفاق الطائف فعليًا إلى لبنان؟ فيجيب فاخوري: "منح الاتفاق الحل الأمثل للمحافظة على كينونة لبنان ولتأسيس صيغة سياسية جديدة يمكنها إيقاف الحرب، كما تسمح للبنان بالحصول على درجة ما من الاستقرار، بحيث تمكن إعادة بناء المؤسسات والاقتصاد، وبأن يكون جزءًا من النظام الإقليمي والدولي".&

يضيف: "لم يكن ممكنًا اعتبار اتفاق الطائف تسوية تم التفاوض عليها وقبولها من كل الأطراف المتحاربة تحت رعاية الأمم المتحدة أو المشاركة المباشرة للقوى الكبرى، على الرغم من كونه فعالًا في إنهاء الحرب، فربما لم يكن الطريقة المثلى لبداية عملية إعادة تكوين نظام سياسي أكثر استقرارًا في البلد.&

ويبدو أنه عملية أكثر من كونه تسوية نهائية وصلبة، ويمكن لهذه العملية أن تؤدي إلى صراع مستقبلي، وهذا ما يحصل اليوم، في حال بقائها في صيغتها الأولية، خاصة أنها مأسست النظام الطائفي.
&