تراجعت الثقة العالمية بالرأسمالية، وهي تواجه أزمة عامة، لكن ثمة من يقول إن إعادة العمل الحقيقي بقوانين التنافسية يعيد هذه الثقة.

تلقت الرأسمالية سلسلة من الضربات الموجعة لسمعتها خلال العقد الماضي. وثمة إحساس عميق بأن النظام مسخر لصالح مالكي رأس المال على حساب العمال. واشارت مجلة إكونوميست إلى أن استطلاعًا في عام 2016 أظهر أن أكثر من نصف الأميركيين الشباب لم يعودوا يؤيدون الرأسمالية، واصفة فقدان الثقة بالنظام بأنه "خطر لكن مبرَّر".

مشكلة حقيقية

اليوم، تواجه الرأسمالية مشكلة حقيقية، وهي ليست المشكلة التي يتحدث عنها الحمائيون والشعبيون فحسب، بل إن الحياة اصبحت مريحة جدًا لبعض الشركات في الاقتصاد القديم في حين أن شركات التكنولوجيا أقامت قوة سوقية كبيرة في الاقتصاد الجديد. والمطلوب ثورة تطلق المنافسة تخفض أرباح الرأسماليين الفاحشة وتضمن انتعاش التجديد في المستقبل.

تحركت بلدان في السابق لتشجيع المنافسة بكسر الاحتكارات التي تملي الأسعار وإيجاد أسواق تنافسية، أو باقامة السوق الأوروبية الموحدة التي فتحت الأسواق المحلية الراكدة أمام شركات أجنبية ناشطة.

تقترح إكونوميست تحولًا مماثلًا، قائلة إن 10 في المئة من الاقتصاد الأميركي يتكون من صناعات تسيطر فيها أربع شركات على أكثر من ثلثي السوق. ويمكن قول الشيء نفسه عن أوروبا حيث ارتفعت حصة أكبر أربع شركات في كل صناعة بنسبة 3 في المئة منذ عام 2000. وفي القارتين، اصبح من الصعب زحزحة الشركات المهيمنة. وتبين حسابات إكونوميست أن الحجم العالمي للأرباح الاستثنائية التي تحققها الشركات الرأسمالية يبلغ 660 مليار دولار، أكثر من ثلثيها في الولايات المتحدة وثلث الثلثين تحققه شركات التكنولوجيا. &

ثلاث طرق

ترى إكونوميست أن صعود قوة السوق كفيل بحل عدة ألغاز اقتصادية. فرغم انخفاض اسعار الفائدة أعادت الشركات استثمار جزء ضئيل فقط من أرباحها الطائلة في السوق. ولعل السبب أن الحواجز التي تعيق المنافسة تستبعد حتى الشركات الجديدة حسنة التمويل. ومنذ بداية الألفية، تنخفض حصة العمل من إجمالي الناتج المحلي، لا سيما في الولايات المتحدة. من الجائز أن الأسعار الاحتكارية سمحت للشركات القوية باستنزاف القوة الشرائية للأجور. اللغز الثالث هو أن عدد الذين يدخلون السوق آخذ في الانخفاض ونمو الانتاجية ضعيف. ومن الجائز تفسير هذا ايضًا بغياب ضغط المنافسة نحو التجديد.

تقترح إكونوميست استهداف السوق بثلاث طرق. أولًا، استخدام المعلومات والملكية الفكرية لدفع عجلة التجديد وليس حماية المالكين الرأسماليين المعشعشين. ويعني هذا تحرير مستخدمي الخدمات التكنولوجية لأخذ معلوماتهم إلى مكان آخر، وإجبار المنصات الكبرى على تمكين منافساتها من استخدام المعلومات.

ثانيًا، على الحكومات أن تزيل الحواجز التي تعترض دخول سوق العمل. فأكثر من 20 في المئة من العمال الأميركيين يجب أن يحملوا ترخيصًا لأداء وظائفهم مقارنة بنحو 5 في المئة في عام 1950.

إستعادة الثقة

ثالثًا، يجب أن تكون قوانين مكافحة الاحتكار مواكبة لروح القرن الحادي والعشرين. وعلى الأجهزة الرقابية أن تولي العافية التنافسية العامة للأسواق والمردود على رأس المال المستثمر اهتمامًا أكبر. ويجب أن تُمنح الأجهزة الرقابية الأميركية صلاحيات أوسع للتحقيق في الأسواق التي تُصاب بخلل. ويجب أن تجد الشركات التكنولوجية من الأصعب تحييد الشركات المنافسة على المدى البعيد بالاستحواز عليها، كما فعل فايسبوك عندما استملك انستاغرام في عام 2012 وتطبيق واتسآب في عام 2014.

تعترف إكونوميست بأن هذه التغيرات لن تعالج كل علات الرأسمالية، لكنها إذا أعادت الأرباح في أميركا إلى مستويات طبيعية تاريخيًا، وحقق عمال القطاع الخاص مكاسب من ذلك، فالأجور الحقيقية سترتفع بنسبة 6 في المئة، وسيكون لدى المستهلكين خيار أوسع، وتزداد الانتاجية.

قد لا يوقف هذا صعود الشعوبية، لكن إحداث ثورة في حلبة المنافسة سيفعل الكثير لإستعادة الثقة بالرأسمالية.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "إكونوميست". الأصل منشور على الرابط:

https://www.economist.com/leaders/2018/11/15/the-next-capitalist-revolution?frsc=dg%7Ce