أجمع خبراء ومحللون سياسيون مغاربة على ضرورة تكتل المغرب والجزائر ضمن قوة إقليمية موحدة تخدم المصالح المشتركة للبلدين، انطلاقًا من المبادرة الأخيرة التي طرحها العاهل المغربي الملك محمد السادس، والهادفة إلى تجاوز الخلافات بين البلدين، عبر إحداث آلية سياسية للحوار.

إيلاف من الرباط: قال الخبير الإعلامي والأستاذ الجامعي محمد الخمسي، في ندوة بعنوان "المبادرة المغربية للحوار مع الجزائر: قراءات متقطعة"، والتي نظمها المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، مساء الخميس، في الرباط، إن المبادرة المغربية ستساهم في خفض التسلح بين البلدين، خاصة أن الجزائر تعمل على بناء ترسانة عسكرية تفوق طاقتها الاستراتيجية فقط من أجل معاكسة الوحدة الترابية للمملكة.

واعتبر أن وزني البلدين يظلان&محدودين&إذا لم يتحدا ضمن استراتيجية متكاملة في الاتحاد الأفريقي، فالمغرب لا يمكن أن يشكل ثقلًا إلا إذا اتفق مع الجزائر في سياق مبادرة اليد الممدودة، والعكس صحيح، من خلال حضورهما في ملفات مشتركة تمكنهما من تحقيق مكاسب ومصالح أكبر في أفق تفادي الحدود الجغرافية الضيقة.

أفاد أستاذ العلوم السياسية أحمد بوجداد، أن فهم المؤسسة العسكرية في الجزائر يعد مفتاحًا لفهم طبيعة هذا النظام، وكيفية التعامل معه من أجل تجاوز هذا العداء الذي يكنّه للمغرب، حيث يرى في تماسكه خطرًا يهدد طموحاته التوسعية للقيادة.

أضاف قائلًا: "جميع المبادرات المغربية كانت تعاكسها الجزائر بالحدة نفسها، حتى إن حاول أحدهم السير بها إيجابًا يتم استبعاده أو قتله، نحن أمام نظام لا يمكن التوافق معه، ليبقى الأمل الكبير معلقًا على تغيير الأجيال داخلها".

من جهته، اعتبر الخبير في الدراسات الاستراتيجية، الشرقاوي الروداني، أن التطورات التي يعيشها الشرق الأوسط تلقي بظلالها على شمال أفريقيا، بظهور جماعات إرهابية تهدد المنطقة، فضلًا عن تحولات على مستوى سياسات دول الاتحاد الأوروبي، وكلها عوامل تفرض على البلدين توحيد سياستيهما في مواجهة تحولات خطيرة.

شدد على ضرورة توظيف آليات للحوار والتشاور بين مسؤولي البلدين لحل المشاكل المطروحة، والتي تتجاوز قضية الوحدة الترابية للمغرب، لتشمل مشاكل حقيقية في التوجهات الدولية.

قال حسن طارق، أستاذ العلوم السياسية، إن هناك إمكانيات للمصالحة بين المغرب والجزائر كتلك التي حققتها دول فرنسا وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، والألمانيتان بعد انهيار جدار برلين، والكوريتان بلقاء قياداتهما، ثم المصالحة بين أثيوبيا وإريتريا.

وأشار إلى أن المبادرة المغربية قد تكون لحظة مهمة إذا انخرطت في بلورة رؤية استراتيجية تبحث عن أفق للمصالحة. زاد قائلًا: "من السذاجة أن ننتظر قبول الجزائر لمبادرة من هذا الحجم المفاجئ استراتيجيًا أو أن تفرش لها الورود، لكن رفضها ليس مطلقًا، والدليل هو طلب اجتماع مجلس وزراء الخارجية لاتحاد المغرب العربي، مما يعني أن هناك تجاوبًا معها بصيغة مؤسساتية".

ولفت المحلل السياسي عبد الرحيم المنار سليمي إلى تغير صورة المغرب لدى الرأي العام الجزائري الذي ينتظر ما ستقوم به قيادته إزاء المبادرة التي تعد بمثابة إشهاد للمجتمع الدولي على الجزائر و"إبراء للذمة" في العلاقات الدولية.

وقال عبد العزيز العروسي، نائب عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط، إن كلفة النزاع بين البلدين تمتد عبر الزمن، و تؤثر على مستويات التسلح ومؤشرات التنمية وتقارب الشعوب، مما يفرض اعتماد مقاربة تفاوضية والبحث عن بدائل دبلوماسية تتماشى مع التحديات الإقليمية في المنطقة.
&
&