الرباط: شهدت الندوة التي نظمها موقع "العمق" المغربي بمناسبة احتفاله بالذكرى الثالثة لإطلاقه، تحت عنوان: المغرب &إلى أين؟" مساء السبت، بالرباط، مواجهة ساخنة بين وزير الدولة مصطفى الرميد المنتمي لحزب العدالة والتنمية المغربي، وعبد اللطيف وهبي النائب البرلماني المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض.

واعتبر وهبي أن القوى السياسية بالبلاد لا تملك القدرة على الدفاع عن التفسير الديمقراطي للدستور، محذرا من اتجاه المغرب نحو أزمة "عنيفة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا"، بسبب سياسات الحكومة التي اتهمها بإغراق البلاد في المديونية والقضاء على الطبقة الوسطى.&

وقال وهبي إن حضور الدولة في العمل السياسي كان دائما قائما ، وهي التي أسست كل الأحزاب بما في ذلك حزب العدالة والتنمية، وأضاف أن التاريخ يسجل بأن "بعض الأحزاب الوطنية اتفقت مع النظام السياسي وقبلت بخروقات في الانتخابات لتصل إلى الحكومات والبرلمان ، والآن تؤاخذ على هذا النظام من أجل أنه أنشأ حزبا . هذا غريب".

وخاطب وهبي الرميد قائلا: "لم تحققوا الكثير، وقدمتم تنازلات سياسية كبيرة بلغت حد التنازل عن زعيمكم"، في إشارة إلى تخلي حزب العدالة والتنمية عن أمينه العام السابق عبد الإله ابن كيران، وزاد منتقدا "جئتم بشعارات لم تتحقق، وما نطلبه هو التحدث عن الأمور التي لم تتحقق أما ما تحقق فهو التزام مع الشعب".

واعترف وهبي بأن حزب الأصالة والمعاصرة ارتكب أخطاء في مسيرته، وقال ان تدخله في شؤون الأحزاب الأخرى "كان أكبر خطأ ارتكبه الحزب، وهذه جريمة لا تغتفر وعارضتها من داخله"، مبرزا أنه لا يرى في تأسيس الدولة له أي حرج ، مؤكدا سعيه وراء أن يصير "الأصالة والمعاصرة "حزبا عاديا ويسهم قي تطور العملية الديمقراطية.

وذهب وهبي إلى أن المغرب استطاع أن يبني العديد من البنيات التحتية والمرافق والتجهيزات إلا أنه فشل في بناء الإنسان، مؤكدا أن المسار السياسي الذي تسير فيه البلاد يجعل المرء يتساءل "هل فعلا نحن نسير ونتحرك .إذا استمرت الأمور على هذا الحال ستغادرنا الديمقراطية في قوارب الموت"، حسب تعبيره.

كلام النائب المثير للجدل، لم يعجب وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان، الذي بدا غاضبا من كلام وهبي. &ورفض الرميد بشدة الانتقادات التي وجهها لحزبه، وقال : "إننا أمام كيان مشوه ناتج عن إرادة كانت تريد تطبيق النموذج التونسي في عهد زين العابدين بن علي".

وزاد الرميد قائلا بنبرة حادة "نحن لم نتخلى عن زعيمنا (ابن كيران)، ولا يستطيع أحد منكم أن يقول( انا لن أكون ابن عرفة العدالة والتنمية"، وأضاف "شطب (نظف) باب دارك لأنها نجسة وآخر من يمكن أن يتحدث عن الديمقراطية هو أنتم"، ومضى قائلا: "سي وهبي لن أجلس معك في ندوة أخرى لأنك تسطح النقاش".&

وأكد الرميد أن المغرب يمضي بخطى ثابتة في "الاتجاه الصحيح رغم كل الاضطرابات والأعطاب التي تحدث"، موضحا أن لا أحد يجادل في أن هناك العديد من النقائص والأعمال التي تحتاج الإصلاح والمزيد من الجهد.

وقال وزير الدولة "أجزم أن المغرب في تحول مستمر، رغم أنه تحول بطيء وفيه أعطاب، وأنا مستعد للتناظر في هذا الشأن، لكن إذا قمنا بمقارنة بين مغرب 2008 و2018، نجد تقدما كبيرا، لأن المغرب كان يتقدم دوما، وتحدث تراجعات أيضا".

واعتبر الرميد أن بلاده حققت مجموعة من المكتسبات، مسجلا بأن تدشين القطار السريع "البراق" "أدخل المغرب نادي الدول التي تمتلك تقنية القطارات فائقة السرعة"، واستدرك قائلا: "قد نختلف عن أوليات المشاريع لكن "البراق" يبقى مكتسب مهم لبلادنا"، كما أفاد بأن إطلاق القمر الصناعي الثاني حدث بارز حيث "يوفران المعلومات العسكرية والأمنية وغيرها، وهذا أدخل المغرب لنادي الأقمار الصناعية".

وسجل الرميد بأن المغرب "ليس جنة كما أنه ليس جحيما بالنسبة للحقوق والحريات والحقوق الاجتماعية والاقتصادية"، مشددا على أن المملكة بصدد "إرساء بنيات سياسية مؤسساتية متقدمة وفق ما نص عليه دستور 2011"، والذي عده وثيقة غير مقدسة وتحتاج إلى التعديل.

من جهته، قال محمد الخليفة، الوزير السابق والقيادي السابق في حزب الاستقلال، إن الخطأ الجسيم الذي ارتكبه المغرب هو "أننا لم نستطع أن نبني دولة المؤسسات بعد استقلالنا قبل 62 سنة"، مؤكدا أن الانطلاقة التي كانت بعد تحقيق الاستقلال "سيئة".

ودعا الخليفة إلى ضرورة إقرار إصلاح دستوري جديد يوضح السلط والاختصاصات بشكل حاسم، وشدد على أن الأحزاب السياسية هي أساس الديمقراطية ، وطالب برفع اليد عن الأحزاب كشرط اساسي لتحقيق الديمقراطية.

وقال الخليفة "علينا ان نسمح للأحزاب أن تتنفس حقيقة ولا نقتل الأحزاب ونحذف من نشاء في الانتخابات وننال بطريقة ديمقراطية منه ، وبذلك نكون قتلنا السياسة ورجالات السياسة"، وأشار المتحدث ذاته إلى أن المغرب عبر تاريخه السياسي والانتخابي "ليس هناك أي شيء يمكننا من القول إن الانتخابات كانت نزيهة".

وأفاد بأن المغاربة ليس همهم الخبز وحده بل يحلمون بالديمقراطية والحرية والكرامة، مشددا على أنه &"لا يمكن أن نصل إلى معدلات نمو مرتفعة إلا إذا كانت المسؤولية السياسية واضحة في البلاد، وهذا الدستور فيه ما يجب إصلاحه".

&أما رجل الأعمال اليساري، كريم التازي، فسجل بدوره أن المغرب حقق عددا من الإنجازات التي لا يمكن لأحد أن يشكك فيها، معتبرا أن النمو الذي عرفته المغرب منذ الاستقلال كان "غير متوازن".

وأكد التازي ضعف حصيلة التنمية البشرية التي سجلتها البلاد وقال: "لا يمكننا إلا أن نعترف بأن الحصيلة ضعيفة جدا، وهذا ليس صدفة، لأنه كان خيارا استراتيجيا للنظام الحاكم الذي أعطى الأولوية للبنيات التحتية على حساب العنصر البشري".

وشدد التازي على أن التهميش الذي تعانيه مجموعة من &المناطق المغربية كان "خيارا استراتيجيا في عهد الحسن الثاني الذي كان عنده مشكل مع الريف وغيرها من المناطق"، مسجلا أن البلاد تعيش اختلالات على مستوى الأولويات والبرامج، حيث اعتبر أن البلاد "ليست بحاجة للقمر الصناعي ولا القطار الفائق السرعة في ظل افتقارها للمستشفيات والمدارس".&

ودعا التازي إلى تطبيق القانون وإقرار الحكامة والشفافية لتحقيق التنمية، وقال: "من دون تثبيت دولة القانون أي نموذج تنموي تبنيناه سيكون مصيره الفشل".

وأضاف "لا يمكن أن نقول بأن النموذج التنموي المتبع فشل لأنه ليبرالي، بل إن ما أفشله هو الريع والرشوة".

وأشار التازي إلى أن غياب الإرادة السياسية في محاربة الريع والرشوة يؤثر سلبا على النموذج التنموي، لافتا إلى أن تأخر تعيين رئيس مجلس المنافسة "لم يكن صدفة وظل من دون مدير طيلة هذه المدة لأنه يشكل تهديدا للريع الذي هو ركيزة أساسية في النظام السياسي"، حسب تعبيره.