مع عودة الديمقراطيين للسيطرة على مجلس النواب، ينتظر أن تواجه إدارة ترمب تحدياً صارما، وهو تحقيق عام وشرس وبعيد المدى، من النوع الذي تسبب في إسقاط الرئيس نيكسون.

أشرف أبوجلالة من القاهرة: قام السيناتور سام إرفين جونيور في الـ 17 من مايو عام 1973 بتخصيص جلسات استماع في مجلس الشيوخ عن فضيحة ووترغيت، وعلَّق على ذلك وقتها بقوله "من واجب هذه اللجنة دستورياً أن تقوم بالتحقق بشكل سريع في الادعاءات التي تقول إن الديمقراطية الأميركية قد تم تخريبها وأن أُسُسِها قد تعرضت لحالة من الاهتزاز".

ولم يقم إرفين، الذي كان نائباً ديمقراطياً، بقص الكلام وهو يصف خطورة الاتهامات المثارة ضد حملة ريتشارد نيكسون وإدارته.

فبداية نيكسون كانت ضعيفة نسبياً، مع بروز أفعاله السيئة خلال فترة من سيطرة حزب المعارضة، حيث كانت لدى الديمقراطيين القدرة والرغبة في ممارسة سلطات التحقيق الخاصة بالكونغرس على أكمل وجه.

وقبيل جلسات الاستماع، كان نيكسون يتمتع بشعبية مدعومة باستحسان أدائه في منتصف خمسينات القرن الماضي بين جموع الأميركيين وأكثر من 80 % من الجمهوريين.

وبحلول أغسطس عام 1973، انخفضت شعبية نيكسون بفضل جلسات الاستماع حول فضيحة ووترغيت إلى 31 % فقط على المستوى الوطني وإلى نسبة ضئيلة تقدر بـ 58 % بين أنصار الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

وتحت وطأة الاتهامات التي واجهها من الحزبين، تقدَّم نيكسون في 9 أغسطس عام 1974 باستقالته.

ويمر الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب بتجربة مختلفة للغاية حتى الآن، فقد حمته سيطرة الجمهوريين على الكونغرس في آخر عامين&من مواجهة الجمهور التي تعرض لها نيكسون ومعاونوه.

والآن مع عودة الديمقراطيين للسيطرة على مجلس النواب، ينتظر أن تواجه إدارة ترمب تحدياً كانت محمية منه إلى الآن: وهو تحقيق عام، شرس وبعيد المدى من النوع الذي تسبب في إسقاط الرئيس نيكسون.

ونوهت بهذا الخصوص صحيفة ذا أتلانتيك الأميركية إلى أن مستوى استحسان أداء ترمب يقف الآن عند 40 % على المستوى الوطني وعند 89 % بين الجمهوريين، غير أن كل المؤشرات تنذر بكارثة ربما تكون بانتظار ترمب عما قريب.

طال التحقيق الذي يجريه المحقق الخاص، روبرت مويلر، عدداً قليلاً من مساعدي ترمب في حملته الانتخابية واتهم مجموعة من العملاء الروس، لكنه لم يخترق بعد العرين الداخلي للبيت الأبيض. غير أن الكونغرس الذي يهيمن عليه الديمقراطيون لن يكون متحفظاً حين يتعلق الأمر بترمب والأشخاص المقربين منه.

وتابعت الصحيفة بقولها إن الهيمنة الديمقراطية ستتيح ميزتين في الحرب على ترمب، أولهما أن لجان الكونغرس تمتلك ترسانة من أدوات التحقيق التي يمكن استغلالها بموافقة الأغلبية فقط، وثانيهما أن بمقدور الكونغرس استخلاص نتائج أي تحقيق في ضوء التمحيص العام المشدد.&

وتجدر الإشارة هنا إلى أن جلسات الاستماع التي أجريت حول فضيحة ووترغيت كانت محورية في إسقاط الرئيس نيكسون.

أردفت الصحيفة بتأكيدها على أنه وبغض النظر عن المخاطر التي يشكلها تحقيق مولر على الرئيس، فإن التاريخ يقول إن تلك المخاطر سيتم تضخيمها من جانب مجلس النواب الذي يخضع ليهمنة الديمقراطيين.

وفي ضوء كل هذه التشابكات والتكهنات، شددت الصحيفة على أن هناك الآن حسابات سياسية مختلفة للغاية داخل مجلس الشيوخ، لكن هذا لا يلغي كل التحليلات التي سبق أن ربطت بين ترمب ونيكسون منذ وصول الأول لمقاليد الحكم، لاسيما وأن الاختبار الحقيقي لما قد يحدث لترمب خلال الفترة المقبلة قد بدأ للتو، وسط ترقب كثير من المحللين والمتابعين.

أعدت "إيلاف" المادة نقلاً عن صحيفة "ذا أتلانتيك" الأميركية، الرابط الأصلي هنا:

https://www.theatlantic.com/ideas/archive/2018/11/mueller-investigation-and-blue-house-could-doom-trump/576373/